توقيت القاهرة المحلي 02:42:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الديمقراطية الميتة

  مصر اليوم -

الديمقراطية الميتة

مصر اليوم

تلك التى يريدونها فقط فى الصناديق، كأن ورقة التصويت «تنازل» عن الإرادة بدلا من أن تكون «تعبيرًا» عن إرادة حرة، الصناديق بدلا من أن تكون وسيلة «تغيير» أصبحت وسيلة «ضد التغيير». هذا مأزق الديمقراطية / الغربية. ومصر تقترح منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ طريقة فى الاحتجاج على هذا الوضع، وهذا هو المزعج فى الغرب / أو لنقل المربك لمن تصور أن الصندوق آخر المطاف، ماذا تفعل حينما يصل أحد عبر الصندوق وبدلا من أن يدعم الديمقراطية كفضاء، حر، متعدد، يحولها إلى صندوق يسحب مع وصوله إلى القصر؟ ماذا تفعل حينما يستبد الرئيس المنتخب إلى درجة قتل معارضيه؟ وحين يعطل بنفسه مؤسسات الدولة لتعمل مباشرة لصالح مشروع هدم الدولة؟ الديمقراطية ليست تفويضًا أو حوض سمك نرى فيه أصواتنا ميتة بجوار مقعد الحاكم. إنها تلك الديمقراطية التى يتصورها الراعى الأمريكى منحًا تسقط من أعلى، على القدر الذى نستحقه كمتسولى «حريات» أو «شعوب بدائية».. ترضى بما يلقيه الأمريكى الطيب ومن يدخلهم فى مداراته إلى هذا الشعب. إنها أفكار ميتة تفرض بقوة النفوذ / قوى عظمى عنصريتها لتتصور أن هذه هى الديمقراطية التى نستحق... وتفرض أنظمة استبداد ووصاية لا تعرف من الديمقراطية سوى صناديق الاقتراع... بل إنها تستبدل هوس الصندوق بديمقراطية حقيقة تعنى إول ما تعنى تحرير المجال العام أو كما قال جاك رانسيير فى كتابه «كراهية الديمقراطية»... «ليست الديمقراطية شكلًا للحكم، ولا شكلًا للمجتمع، وتتطلب ممارستها أن تتبلور، خلال الصراع من أجل تحرير المجال العام، مؤسسات مستقلة، وقوانين تنظم عملها، وثقافة يتصرف وفقها الأفراد، ولا يمكن فى غياب كل هذا تلخيصها فى صندوق الاقتراع».. هنا لا بد من كشف أن تلخيص الديمقراطية فى الصندوق هو مجرد إيمان زائف بالديمقراطية التى لا تهتم بمن يحكم، بل بمدى اتساع المجال الذى تتحرك فيه مؤسسات المجتمع وتتحقق فيه الحريات. بمعنى آخر الديمقراطية ليست شكلًا للحكم.. لكنها الأسس التى توضع لكى يفقد الدولة سيطرتها على المجال العام...أى أنها شكل من أشكال العقد الاجتماعى... أو قانون العلاقة بين الدولة والمجتمع... لا تتيح للدولة ابتلاع المجتمع ولا الاستحواذ عليه. وهنا يمكن مثلًا أن تأتى الصناديق برئيس مجنون مثل بوش الصغير أو بساحر الأقليات أوباما، الرئيس هنا لا يستطيع تغيير علاقة الدولة بالمجتمع... ولا اللعب لتضييق المجال العام الذى تنمو فيه مؤسسات المجتمع. المشكلة إذن مع المرسى وشركة الحكم أنها تعيد إنتاج الاستبداد بالصناديق، بعدما فقد موجات الاستبداد العسكرى شرعيات ثورات التحرر أو الانتصارات العسكرية. أمريكا تصور أن «الديمقراطية» هى ضمن حزمة المعونة العسكرية والمالية لأنظمة تضمن دورانها فى فلك الرعاية...وتتصور هنا أن هذا ما نستحقه من ديمقرطية، وهذه نظرة متعالية، لا ترى ما أحدثته الثورة من تغيير، ومن صعود قوة المجتمع لتوسع مساحتها ضد منطق شركة الحكم التى ترعاها أمريكا. نظرة أمريكا ميتة مثل شركة الحكم كلها. والمجتمع يثور على جماعة أعادت إنتاج الديكتاتورية بملامح دينية (إنتاج فرعون إسلامى..). والثورة لا تعنى فقط فشل خطة خيرت الشاطر فى «التمكين» أو «الأخونة» أو «فتح مصر».. أو ترهل التنظيم الذى عاش تحت الأرض تحت وهم أنهم «الطليعة المومنة».. كما أنها ليست مجرد تخبط سياسات أدت إلى شعور عام بالسخط والغضب واليأس. الخلل فى المشروع نفسه... مشروع تدمير الدولة الحديثة / أو استعادة الخلافة أو الأستاذية، كما سماها حسن البنا / أو اختيار لحظة بعينها من تاريخ المسلمين واعتبارها الإسلام. تصلح أحلام الحنين إلى لحظة فى التاريخ أساسًا لتكوين تنظيم فاشى (كما حدث فى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى) لكن الإخوان وكل خوارجهم من تنظيمات تلعب على نفس الفكرة... يريدون «فاشية» يسمونها «سماحة»، وعبر الديمقراطية التى هى فى الأساس وسيلة مهما أفرغوها من مضمونها أو سياق أفكارها لا يمكنها أن تلغى اعتمادها على التساوى بين البشر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديمقراطية الميتة الديمقراطية الميتة



GMT 02:24 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 02:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

بقاء الفلسطيني... وأزمة الانتماء

GMT 02:18 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

... عن مفهوم «الجنوب العالمي» الرائج اليوم

GMT 02:15 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

قفطاننا وليس قفطانكم

GMT 02:10 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مستقبل التنمية لم يعد كما كان!

GMT 01:43 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لمن سيصوت شباب أميركا في 2024؟

GMT 01:41 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

«ساق البامبو» في سوق التحف

GMT 01:38 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

أرض نستردّها... وأرض نبكي عليها!

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon