توقيت القاهرة المحلي 01:42:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الضحك على الصكوك

  مصر اليوم -

الضحك على الصكوك

وائل عبد الفتاح

الصكوك خدعة جديدة. يتصورون أنهم لو وضعوا بجانبها كلمة «إسلامية» ستتحول إلى صكوك غفران.. يهرول الناس إليها ويسحبون ودائعهم ليتمتعوا بالبركة والمغفرة ويحصد الشاطر منهم أكثر من مكافأة فيستثمر أمواله.. ويكسب ويربح.. ويضمن مكانا فى الجنة. هذه الخدع العاطفية مفضوحة، لكن هناك من يتصور أنه أشطر من الريان أو من صنع خرافة «فرع المعاملات الإسلامية» كلها. صكوك الإخوان.. هى تنويعة على صكوك جمال مبارك ومحمود محيى الدين... وتعتمد على تفكيك أصول الدولة وتحويلها إلى مصدر للإيرادات المالية؟ لماذا؟ وباتجاه أى سياسة؟ ولصالح أى فئات؟ وتفكيرا فى حل أى مشكلات؟ وكيف تتصور أنك تحمى سندات مالية بوضع كلمة «إسلامية» ثم إضافة «السيادية» لتكون غير قابلة للنقاش أو المراجعة؟ هم يتصورون أنفسهم عباقرة، وأضافوا إلى عبقريتهم نوعا من الفهلوة بطلاء كل ما هو مرفوض بالإسلام لتمر الخدعة على الملايين. الإخوان بدؤوا من حيث انتهى نظام مبارك، غارقون إلى لحاهم فى «الليبرالية الجديدة»، ويجددون شبكاتها لأنها أقرب إلى مفهومهم الاقتصادى المعتمد على الوكالات التجارية (تجار هم قبل كل شىء) وسيحاولون وضع القناع الدينى لسياسات تصنع الفجوات وتنتج مزيدا من الفقراء (مبارك ترك الحكم و40٪ من المصريين تحت خط الفقر)...وهنا تتسع سياسات الخير والصدقات لتعوِّض غياب الدولة وانسحابها فى مجال توازُن الطبقات وحماية الفقراء ونشر العدالة لا الفقر. المرسى يعبِّر عن هواه «النيوليبرالى» بنبرة إسلامية، إلا أنه جزء من منظومة أكبر مما تخيل، تدعمه أمريكا فى قرض صندوق النقد، كما دعمته فى تغيير طبيعة شركة الحكم مع العسكر.. .هذا الدعم يعيد الشركة إلى طبيعتها (المستبد التابع للقوى العظمى) بعد تغيير الشركاء. عندما ظهرت السيدة لاجارد (رئيسة صندوق النقد) على سفح الهرم ..تَندَّر المصريون واعتبروها فى معاينة للهرم... حيث القرض مقابل رهن الأعجوبة التاريخية... وعندما ظهرت ملامح الصكوك الإخوانية انتقلت النكات إلى قناة السويس ..حيث يمكن أن تشم رائحة مشروعات البيع تطل من المكاتب السرية لإدارة البلاد فى السر. هل ستتم خصخصة قناة السويس والنيل بهذه الصكوك؟ ردّ مجمع البحوث الإسلامية يقول: نعم. ورد الخبراء قبلهم يقول إن الصكوك خدعة لبيع الأصول الثابتة للدولة. وهكذا تبدو السياسة المتاحة الوحيدة أمام المرسى هى العودة إلى زمن اضطُرَّت فيه مصر إلى رهن قناة السويس أيام الخديوِ إسماعيل واضطُرّ مبارك إلى المشاركة فى حرب الخليج مقابل إلغاء الديون. وهنا خطورة وضع اسم «الإسلامية» بجوار «مشروع الصكوك»، فهى محاولة لمنحها حصانة من الاختلاف والنقد واستدرار لخرافة اسمها «الاقتصاد الإسلامى». كانت الخرافة جزءا من مشروع اقتناص سلطة معنوية بتحريم كل ما يتعلق بالحياة الحديثة، ونشر ثقافة ترى أن المجتمع يعيش فى «جاهلية ثانية»، وهُم (الإخوان ومن خرجوا من عباءتهم) مبعوثو العناية الذين سينقذون العائشين فى الحرام ويعيدونهم إلى «إسلام جديد».. فائدة البنك كانت عنصرا مهمًّا فى حزمة التحريم.. وهو ما جعل البنوك فى فترة من الفترات تفقد زبائنها.. والنظام الاقتصادى يهتزّ تحت وابل من اتهامه بالحرام. كيف تقودنى الدولة الحديثة إلى جهنم؟ هكذا وصلت الرسالة إلى الفرد العادى، الدولة بنسختها الحالية تدفعك إلى الكبائر، هنا وجدت الدولة حلها السحرى فى اختراع خط متوازٍ، الموديل بدايته فى دبى، مختبر الاختراعات المنقذة لدول تعيش على حافة الهُوِيَّات، ومن البنوك الإسلامية إلى فروع المعاملات الإسلامية فى البنوك القائمة، حصل الفرد على مسكِّناته وأراح ضميره بوضع مدخراته فى بنوك تحمل اسم الإسلام، وتعمل بنفس النظام لكن بأسماء مختلفة، فالفائدة اسمها «مرابحة».. وبدلا من رقابة المؤسسات المالية فقط وضعت هذه البنوك تحت رقابة رجل دين يمنحها البركة وصك «الحلال». الآن نحن فى مرحلة جديدة، فالإسلاميون فى الحكم، لم يعُد محمد مرسى الذى قال فى مجلس الشعب أيام مبارك إن القروض من الصندوق ربا، هو محمد مرسى رئيس الجمهورية الذى طلب رسميا قرضا بقيمة 4،8 مليار دولار وتفاوض مع كريستين لاجارد رئيسة الصندوق لتطمئنّ هى إلى سياساته الاقتصادية وتضع شروطها.. بينما حكومة المرسى تشحذ همَّتها وعقلها لتتعيد إنتاج الخرافة فى صكوك. نقلاً عن جريدة " التحرير " .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضحك على الصكوك الضحك على الصكوك



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 01:26 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon