توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب؟

  مصر اليوم -

هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب

بقلم : نبيل عمرو

هذا قولٌ يصلح لأن نصف به كلّ من يسعى إلى غنيمة ولا يطالها، ولكي لا يواصل سعيه وتزداد خسائره، بينما غنيمته تبدو مستحيلة، فالأفضل له أن يتراجع عن مسعاه، فيكون بذلك قد أنقذ نفسه بالإياب.

ينطبق هذا القول أيضاً على قادةٍ عظامٍ لم يهزموا الخصم في معركة كبرى، إلّا أنّهم حقّقوا لجيشهم انسحاباً أنقذه من هزيمة محقّقة، وسُجّل لهم إنجازٌ ينطبق عليه القول “رضي من الغنيمة بالإياب”.

حتّى الدولتان العظمَيان في القرن العشرين الاتّحاد السوفيتي وأميركا، اللتان قامتا بغزوات ضخمة، ارتضتا لنفسيهما من الغنيمة بالإياب حين لم تحقّقا ما سعتا إليه، وآخر من انطبق عليه هذا القول في زمننا الهروب السوفيتي من أفغانستان، والهروب الأميركي من المكان نفسه.

حتى نحن العرب راودتنا أحلام إمبراطورية، ورفعنا من أجلها شعار الوحدة كما لو أنّنا نستنسخ ولو بالتمنّي إمبراطوريّاتنا الغابرة كالإمبراطوريّتين الأمويّة والعبّاسيّة، وحين صدمتنا الوقائع القاسية التي تجهز وحدها على الخيالات، رضينا من الغنيمة الإمبراطورية بالإياب، وها نحن نرى حالنا، وقد ينطبق علينا القول: “إنجُ سعد فلقد هلك سُعيد”.
حتّى الدولتان العظمَيان في القرن العشرين الاتّحاد السوفيتي وأميركا، اللتان قامتا بغزوات ضخمة، ارتضتا لنفسيهما من الغنيمة بالإياب حين لم تحقّقا ما سعتا إليه

هرولة خلف السّراب

إخوتنا الإيرانيون كانوا مثلنا أصحاب إمبراطورية عظمى، انطبق عليها القانون الحتمي، فسادت ثمّ بادت، إلّا أنّ الحلم الإمبراطوري لم يفارق الشاه “ملك الملوك”، الذي سعى إلى حلمه إلى أن عاجلته الأقدار بسقوطه وتصفية نظامه، ويرثه الثوّار الذين تغلّبوا عليه… لم يرثوا حكماً وحسب، بل وحُلْماً أيضاً، وكأنّ التطلّع إلى استنساخ إمبراطوريّات ذوت أشبه بفيروس لا علاج له يصيب مجتمعات ونظماً ودولاً، وقد أصاب إيران، إذ أدخلها في صراع مرير ومكلف بين الحلم الموروث والوقائع المضادّة، وبوسعنا تقدير كم خسرت إيران في هذا الصراع، وبناءً على النتيجة ينهض السؤال الكبير: هل ترضى إيران من الغنيمة المستحيلة بالإياب؟ كيف ومتى؟

في وقتنا الحاضر يُفترض أن تتساءل إيران بعد كلّ الذي حدث، ما الذي يتعيّن عليها أن تفعله؟ أما تزال تراودها الأحلام الإمبراطوريّة؟

منذ نجاح ثورة الخميني في إطاحة نظام الشاه، واعتناقها شعار تصدير الثورة، دخلت الدولة الإيرانية حروباً مباشرة، وأخرى من خلال الأذرع، وأنفقت عليها مبالغ ضوئية على حساب اقتصادها وتنميتها. كانت شعارات حروب إيران مستحيلة التحقّق، ولم يكن صنّاع القرار فيها يصغون للتحذيرات من داخلها ومن حولها من أنّ ما هي ماضيةٌ فيه أشبه بجري وراء سراب، فكلّما بدا أنّها تقترب منه كان يبتعد إلى أن جاءت جردة الحساب الأخيرة.

في زمن قياسي خسرت الدولة الإيرانية جميع مقوّمات نفوذها الذي كان هشّاً في الأساس. كان ذلك بديهيّاً لافتتاحها حروب الأذرع من دون توافر الحدّ الأدنى من التوازن مع الخصم، الذي هو أميركا وأذرعها وكلّ من معها من دول الأطلسي.

كانت سماء إيران مكشوفة لأحدث وأقوى طائرات حربية من كلّ الأجيال، وداخلها مخترق حتّى النخاع، وكلّ ما حولها قلقٌ منها ومن تطلّعاتها التوسّعية. أمّا الأذرع التي جرت المراهنة عليها لتعظيم النفوذ، فقد جرى الاستفراد بها الواحدة تلو الأخرى، حتّى أعلنت هي ذاتها فكّ الارتباط المفترض بينها، وإن بقي بعضٌ منه، فلا أثر له في إحداث توازن الحدّ الأدنى الذي يديم حرباً ويحقّق نتائج سياسية.
في زمن قياسي خسرت الدولة الإيرانية جميع مقوّمات نفوذها الذي كان هشّاً في الأساس

الجواب لدى المرشد

الآن… الأذرع التي أُنفق الكثير عليها إن قاتلت دفاعاً عن نفوذها المحلّي فهي تقاتل بلحمها الحيّ، وبأجنداتٍ تراجعت إلى ما دون حدّها الأدنى، ولم تعد إيران عرّابة الأذرع بقادرة على تقديم اليسير ممّا كانت تقدّم في زمن ازدهار وهم النفوذ. ففي غزّة مثلاً… ما الذي يمكن أن تقدّمه لها إيران حين تبدأ إعادة الإعمار؟

في لبنان حيث “الحزب” وحاضنته الجريحة في كلّ مكان على أرض البلد، يُطرح السؤال نفسه: ما الذي في وسع إيران تقديمه لإعادة البلد إلى بعض ما كان عليه قبل الحروب، وآخِرتها لم تتوقّف بصورة نهائية بعد؟

أمّا اليمن فقد تمّت مغادرته ليواجه أقداره بلحمه الحيّ.

يبدأ اليوم التفاوض مع أميركا، إن لم يكن تحت النار المباشرة فتحت التهديد بها، وإيران تفاوض عزلاء عن الجغرافيا السورية الثمينة التي كانت بحوزتها، وعن الأذرع التي بُترت في كلّ مكان، فهل في إيران من يفكّر جدّياً في ميزة الرضا من الغنيمة بالإياب؟ لا أحد يعرف غير المرشد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt