توقيت القاهرة المحلي 03:38:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكويت: لمن الاحتكام؟

  مصر اليوم -

الكويت لمن الاحتكام

عبد الرحمن الراشد

عند الحديث عن أزمات الكويت السياسية تشعر كأنك في لبنان، كلما تبحث عن حل تدخل في متاهات أكثر تعقيدا، لسبب واحد هو أنه نظام سياسي حديث تم تفصيله بمقاييس قديمة. في لبنان هناك انتخابات، مع هذا لا يهم من صوت أكثر، فرئيس الجمهورية مسيحي ورئيس الوزراء سني ورئيس النواب شيعي، ثم يتم تقليد نحو ألف منصب حكومي وفق هذا السلم الحلزوني. في الكويت، مهما كانت نتائج الأصوات يبقى البرلمان معارضا للحكومة وبالتالي تستمر الأزمات. ولا أود أن أدخل في جدل الحالة الكويتية الراهنة لسبب بسيط جدا، أنني عاجز عن فهمها رغم استماعي لكثير من الأصدقاء وتكثيف قراءاتي للمستجدات هناك. في رأيي إن أهم ما يمكن أن يقال ليس من هو محق أو مخطئ، بل من الذي يحكم، أي ما هي المرجعية في النزاع السياسي الكويتي؛ هل هو الأمير، أم المحكمة الدستورية، أو القضاء، أو البرلمان نفسه، أم الشارع؟ أما الخلاف فهو طبيعي جدا في مجتمع حيوي كالكويت، لكن من سيفصل عند التنازع على تقسيم الدوائر إلى واحدة أو عشرين، أو الخلاف على صوت للناخب أم أربعة، وصلاحيات البرلمان، والآتي أعظم؟ الذي أعرفه أن المحكمة الدستورية هي المرجع، في الحالة الطبيعية لمعظم الدول ذات النهج الديمقراطي. من المؤكد أن للأمير احترامه، فهو رمز النظام ككل، لكن هو نفسه قبل بالـ«دستورية» في الخلاف السابق. وبعض المعارضة عندما يرفض الاحتكام لها ويريد أن يعظم من دور مجلس الأمة، فإنه عمليا يلغي توازن السلطات الذي يعتبر أساس أي نظام في العالم. أما البعض الذي يعتبر الشارع هو المرجع، فإنه فعليا يلغي النظام القائم، وهذا يحدث في حالة واحدة فقط، عند قيام ثورة، حيث يمكن إلغاء المراجع الدستورية. المشاعر الجياشة في الكويت اليوم، تذكرنا ببدايات العام الماضي في مصر، حيث كان الهرج كله يدور باسم «الشعب». الآن كثيرون يعترفون بأخطاء البدايات ويحاولون تصويبها، لكن فات الوقت على معظمها بعد انتخاب رئاسة، وتنصيب حكومة وبرلمان، كل ذلك قبل الاتفاق على وسيلة الاحتكام، أي الدستور. في الكويت رغبة في الإصلاح، ويجب أن يسبق الإصلاح القبول بالمراجع الدستورية أولا. فالجدل واسع والمعارضة متفقة ضد الحكومة لكنها مختلفة فيما بينها. البعض لديه اعتراضات محدودة، مثل عدد الدوائر والأصوات، والبعض لديه اعتراض شامل على النظام، يريد تعديل الصلاحيات وجعل البرلمان هو المشرع والحاكم. بين هاتين النقطتين مسافة بعيدة جدا، وبعيدتان كثيرا عن النقطة الثالثة، أي قيادة النظام السياسي. هذا ما يقدم الاهتمام أولا بمراجع الدولة حتى يجعل كل الخلافات قابلة للحل، ودون احترام الدستور تصبح الكويت دولة فوضى، وقد تخسر كل ما بنته من تطور سياسي على مدى نصف قرن. وكل المتابعين يعرفون أن معظم الذين نزلوا للشارع محتجين، هم أصلا جزء من النظام السياسي ولا بد أنه يهمهم المحافظة عليه، بتطويره لا بتدميره. وفي الأخير، الشعب الكويتي نفسه سيكون أكثر الغاضبين إذا اكتشف لاحقا أن كل التصعيد عمل سياسي فقط لا يخرج الكويت من عجزها التنموي الذي يلام عليه التنفيذيون والمشرعون. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت لمن الاحتكام الكويت لمن الاحتكام



GMT 03:16 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

الوضوء الوطني

GMT 03:14 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

مصفاة جديدة للنبوغ!

GMT 03:13 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أرض الحرية.. ليست حرة

GMT 03:05 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أصغر من أميركا

GMT 03:01 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

ملحمة وطنية للأبطال الذين أُزهقت أرواحهم!

GMT 02:59 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

العلم في مكان آخر

GMT 03:09 2021 الجمعة ,26 آذار/ مارس

طريقة عمل السلمون بالزبدة

GMT 23:17 2020 الأحد ,20 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 01:33 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تعلن عن 100 ألف منحة دراسية تعادل الشهادات الجامعية

GMT 10:57 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

3 طرق سريعة لتسليك مواسير مطبخك

GMT 10:22 2020 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

قرار عاجل من محافظة القاهرة بسبب كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon