توقيت القاهرة المحلي 16:54:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التغيير القادم من الأردن

  مصر اليوم -

التغيير القادم من الأردن

عبد الرحمن الراشد

منذ أسبوعين تقريبا زرت عمان، وقبل أن تحط عجلات الطائرة على أرضها يراودك شعور بحالة قلق من المجهول، أو حالة الانتقال إلى مرحلة خطيرة، يوحي بذلك الحارس الأمني في الطائرة، منظر غير مألوف البتة في عالم الطيران. كان يجلس قبالة الركاب في أحد مقاعد المضيفين ويطالعنا، أو يراقبنا، طوال الرحلة بشكل غير منقطع! وسبق زيارتي إعلان السلطات القبض على إرهابيين عبروا الحدود الأردنية من سوريا، ونجاحها في اكتشاف أهدافهم، بينها مجمعات تجارية ومقار دبلوماسية، أبرزها السفارة الأميركية، التي كانت الهدف الأساسي، أما الأهداف الأخرى فقد خطط لتفجيرها من أجل تحويل الانتباه. طرحت نفس الشكوك التي يحب البعض ترديدها، أن الحكومات تخترع المؤامرات من أجل تبرير إحكام قبضتها. قيل لي، «ليس في صالح السلطات الأردنية سياسيا ولا اقتصاديا إشاعة وجود جماعات إرهابية تستهدف مناطق تجارية ودبلوماسية، هذه الأخبار تشوه سمعتنا فلماذا نفعل ذلك؟»، ولم يتبع الكشف عن المؤامرة أي إجراءات سياسية، ولم توقف الدولة نشاطاتها، وبالتالي أستبعد أن تلطخ الدولة سمعتها بقصة إرهابية لو لم تكن حقيقية. لأن الأردن يتوسط منطقة التوتر العالي في المنطقة، ومستهدف بشكل مستمر، يصبح الأمن من ضرورات البقاء. هنا «الأمن» من أكثر الأجهزة العربية يقظة وفعالية والتحدي الآتي له كبير جدا. بالأمس كان الأردن بوابة سوريا للخضروات والسياح واليوم هو بوابة سوريا للاجئين والسياسيين، بعد فشل البوابة التركية، وبعد عجز الثوار عن بناء مناطق محررة. لهذا، ظروف البلاد ليست سهلة، وقد شرحها العاهل الأردني في خطابه أمام بضعة آلاف من مواطنيه. عشرات الآلاف من الهاربين من جحيم سوريا تفيض بهم المناطق الحدودية الأردنية، والغاز شبه منقطع من مصر ولا أحد يفهم السبب، و«الإخوان المسلمون» في الأردن يريدون التكسب سياسيا من الجو الثوري العام في المنطقة. هذه الضغوط ربما دفعت الأردن عاما كاملا لتحاشي التعاطي مع الثورة السورية، لكن الجغرافيا أقوى من القرار السياسي. فقد أساء النظام السوري التعامل مع الأردن عندما دفع بعشرات الآلاف من مواطنيه للنزوح للأردن، باستهداف القرى والمدن بشكل مستمر لأكثر من عام. نظام الأسد يؤمن بسياسة تصدير الأزمة، وتخويف جيرانه، مثل الأتراك واللبنانيين والأردنيين. التقيت العاهل الأردني، جلالة الملك عبد الله بن الحسين، الذي يملك رؤية واضحة في هذه المنطقة الملبدة سماواتها بالسحب واستمعت منه إلى سياسة بلاده ليس فقط لما يحدث في هذه الساعة بل للمستقبل القريب. الأردن نموذج مستقر وناجح وتحاول بعض القوى الإقليمية زعزعته. الأردن مثّل دائما الاعتدال السياسي والوسطية الإسلامية، ومن المؤكد أن الثورات العربية، وربما تنضم إليها الثورة السورية لاحقا، ستفرض أطروحة الإسلام السياسي. ونحن جميعا نرحب بالاعتدال الإسلامي الذي يرفض تسخير الدين لأغراض سياسية والاستيلاء على الحكم، ولدينا في منطقتنا تجارب طويلة مروعة للإسلام السياسي مثل «الإيراني». بالنسبة للمملكة الهاشمية ظن البعض أنها ستكون من أوائل الدول التي يغرقها فيضان التغيير، بلد بإمكانات اقتصادية بسيطة لن يصمد، لكن لا شيء من هذا حدث. والبعض كان يقرأ موقف الأردن الحذر بعد بداية الثورة السورية أنه يخشى من انهيار السد، أي نظام الأسد، فيغرق أيضا في الطوفان. التطورات الأخيرة، وآخرها إعلان لقاء عمان الذي يبني جبهة سورية معارضة أوسع، أثبتت أن الأردن ليس مجرد مخيمات للاجئين السوريين بل عاصمة الثورة السورية وقد ينجح فيما عجز عنه الآخرون، وأن الأردن سيُفشل معادلة الأسد المتكئة على العراق وإيران وحزب الله. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التغيير القادم من الأردن التغيير القادم من الأردن



GMT 16:00 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

GMT 15:58 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

روح نيفين مسعد (الفرفوشة)

GMT 10:48 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أوطان تذوب ودول تُمحى

GMT 10:47 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

شبح العودة من الحرب

GMT 10:46 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

الحوثي... و«هارفارد» و«حماس»

GMT 10:44 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

تعزيز الدبلوماسية العامة في عالمنا اليوم

GMT 10:43 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

حكايات زائفة تملأ «النت»

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon