توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان غير المستقل كفاية

  مصر اليوم -

لبنان غير المستقل كفاية

بقلم : فؤاد مطر

قبل ثلاثة عقود أضاف الأستاذ غسان تويني إلى متاعب الصحافة وتعامُله بوصفه ناشراً لصحيفة «النهار» أورثها إليه والده فأورثها بدوره إلى الابن ثم الحفيدة، مع الأزمات السياسية اللبنانية، عملاً توثيقياً حول استقلال لبنان الذي بات في سن الشيخوخة ورغم ذلك لا رعاية على النحو المأمول من بني قومه. ودليلاً على ذلك أن الأزمات السياسية تتوالى من دون استراحات عابرة، أزمة تورث أزمة فأزمات. وما يعيشه لبنان حاضراً يؤكد ذلك مع فارق أن الزمن السياسي اللبناني كان موسوماً بقامات تمارس السياسة بأصول وعندما تشتد الأزمة يقرر أطرافها موجب وضْع صيغة توافُق لها.

ذاك العمل التوثيقي عبارة عن مجلد يتضمن عشرات الصور والوثائق التاريخية لحقبة لبنان الرازح تحت الانتداب الفرنسي ثم المستقل لاحقاً. وفي ذلك الزمن كان نواف سلام في مطلع شبابه آملاً في تحضير يحظى بوظيفة تناسب كفاءته ثم تشاء الأقدار أن يشركه غسان تويني في إنجاز العمل التوثيقي إلى جانب فارس ساسين، ويتم إنجاز العمل المزوَّد بعشرات الصور والوثائق النادرة للمرحلتين ورجالها؛ مرحلة النضال من أجل نيل الاستقلال، ومرحلة ما بعد شروق تلك النعمة وغياب الزمن الذي كان فيه الجنرال كاترو يمارس في الميدان السياسي اللبناني ما بات يمارسه غازي كنعان في لبنان تنفيذاً لنوازع نظام حافظ الأسد، الذي كان يروم تحقيق تجربة وحدوية سورية - لبنانية تصمد نقيض الجمهورية العربية المتحدة بين سوريا الرئيس شكري القوتلي ورجل الاستخبارات المتمكن عبد الحميد السراج، ومصر عبد الناصر وهي صيغة ما لبثت أن انتهت بانقلاب قام به ضباط في الجيش السوري.

وما يلفت في مسألة استقلال لبنان وكانت من ضِمن مدونات كتاب غسان تويني بالتعاون مع الأرثوذكسي فارس ساسين والسُّني نواف سلام (الرئيس الحالي للحكومة)، موقف الرئيس الأميركي فرنكلين روزفلت في رسالة بعث بها إلى الرئيس ألفرد نقاش تتضمن «التعاطف مع أماني الشعب اللبناني في الاستقلال التام، انتظاراً لليوم الذي يتمكن فيه أن يمارس، في ظل السلام، ممارسة تامة ذلك الاستقلال من دون أن تحد منه ظروف الحرب القاهرة».

في الثالث والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 يكون عُمْر الاستقلال بات في الثانية والثمانين من العمر، ومع ذلك لم يُعطَ حقه من الذين حكموا ومِن أحزاب لبنان التي توالدت وكثرت، ومِن بعض اللاعبين والمتلاعبين في مصائر الأوطان. بل حتى بسبب المناكفات والصراعات العبثية لم يُتح للبنانيين الحادبين على الوطن الاحتفال بالذكرى الوطنية كما يحتفل السعوديون بيومهم الوطني، ويحتفل الفرنسيون حكومة وشعباً وجيشاً بذكرى الرابع عشر من يوليو (تموز). ويقال الشيء نفسه عن دول وشعوب أُخرى.

وما يلفت الانتباه أيضاً هو استباق بطريرك الطائفة المارونية (طائفة رئيس الجمهورية) الذكرى الجديدة للاستقلال بإحياء دعوته إلى اعتماد الحياد حلاً يستقر الوطن بموجبه، وهي دعوة سبق أن نادى بها قبْل سنتين إلاَّ أن التفاعل معها لم يكن على النحو المطلوب، وربما من أجْل ذلك يجدد التذكير بما اقترحه ويقول في عظته الجديدة: «لقد وعد الرئيس جوزيف عون في خطاب القَسَم بممارسة الحياد الإيجابي فارتاح معظم المواطنين كون الحياد لا شرق ولا غرب يحيي الوحدة الوطنية ويُومِّن الاستقرار والازدهار والنمو الاقتصادي ويساهم في السلام العالمي، والدليل حضور سويسرا، المحايدة، العالمي القوي على الساحة السياسية والاقتصادية». ومع أن البطريرك متمسك برؤيته هذه، فإن التنفيذ لا يبدو بالأمر اليسير بسبب كثرة الانتماءات في الوسط السياسي، بعضهم لدولة كبرى وبعض آخر لدولة كبرى أُخرى، وكثرة أحزاب أيضاً هواها ليس نقياً لبنانياً بما يكفي. مِن هنا فإن إقدام الحُكم في لبنان على طرْح فكرة الحياد برسم الاستفتاء من شأنه أن يكون حلاً وعندها سيتضح المعدن اللبناني بمعنى هل يكون آخذاً بصيغة الحياد، أم رفضاً له. وعملية الاستفتاء مألوفة في الأزمات الصعبة التي تعيشها دول عدا تلك التي تصاغ نتائج الاستفتاء لمصلحة الحاكم، كما حدث في دول عربية كثيرة، التي تصل مفاعيل الأزمة بالنسبة إلى لبنان إلى حد أنه عندما تحل ذكرى وطنية عزيزة على الوجدان مثْل ذكرى عيد الاستقلال فإن أولياء الأمور والنزاعات يتصرفون كما لو أنها مناسبة عادية غير جديرة بإحياء ظروفها وغرْس مفاهيم الاستقلال في نفوس أجيال جديدة بحيث لا تصل الحال بهم على نحو ما هي عليه حال الأقدمين.

لعل لبنان السياسي والحزبي يهتدي وقد خلدت العصبيات المذهبية إلى السكينة، ويحتفل الجميع بالذكرى الجديدة للعيد الوطني وبأسلوب غير أحادي على نحو احتفالات «حزب الله» بمناسبات روحية أو كشفية. وفي هذه الحال يصبح اللبنانيون كلهم للوطن للعلى والعَلَم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان غير المستقل كفاية لبنان غير المستقل كفاية



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt