توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفرق بين التاريخ والفتاوى

  مصر اليوم -

الفرق بين التاريخ والفتاوى

بقلم : خالد منتصر

دث فى الآونة الأخيرة أن خرج البعض ليتحدثوا إلى جمهورهم بمعلومات تاريخية مغلوطة، وآخرها معلومات تتعلق بحروب ومعارك أو أحداث عسكرية، ولن ألجأ إلى الشخصنة لأن القضية أكبر من أشخاص، لأنها قضية تتعلق بالتجرؤ على إصدار فتاوى تاريخية تقترب من أضغاث الأحلام، لذلك لا بد أن نناقش بديهيات، فالوضع قد فرض علينا هذا، نتيجة لضعف الوعى التاريخى الذى يحتاج تكاتفاً إعلامياً وتعليمياً، لإنقاذنا من هذا الضلال التاريخى، وأحياناً التضليل التاريخى، السؤال الذى يفرض نفسه، ما هو علم التاريخ؟، هو سرد وتحليل للأحداث الماضية التى قام بها الإنسان، بهدف فهم تطور المجتمعات والحضارات عبر الزمن، كما قال ابن خلدون إن التاريخ «خبر عن الاجتماع الإنسانى الذى هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال»، هو دراسة منهجية للماضى الإنسانى باستخدام مصادر موثوقة (وثائق، آثار، شهادات، نصوص) وتحليلها وفق منهج علمى للكشف عن العلل والعلاقات بين الأحداث، أى إنه ليس مجرد سرد، بل تفسير وتحليل، ليس «طق حنك ورغى وثرثرة»، لا بد من منهج متماسك، ونسيج متجانس يضم الأحداث تحت ميكروسكوب معملى صارم، التاريخ له جانب فلسفى أيضاً.

يرى الفلاسفة أن التاريخ هو وعى الإنسان بوجوده عبر الزمن، ومحاولة لفهم القوانين التى تحكم حركة المجتمعات والأمم، الفيلسوف هيجل قال: «التاريخ هو مسيرة الوعى البشرى نحو الحرية»، المؤرخ كعالم الحفريات، فالتاريخ علم يبحث فى الوقائع الماضية من خلال منهج نقدى يهدف إلى الوصول إلى الحقيقة التاريخية بأكبر قدر ممكن من الدقة، اعتماداً على الوثائق والآثار والمصادر الأصلية، لاحظوا أننى قلت «منهج نقدى»، يعنى التاريخ ليس رصاً للأحداث وذكراً جامداً للأرقام والتاريخ، لكنها تمر من خلال عينيك وعقلك ورؤيتك وخبراتك، وعلم التاريخ له بُعد ثقافى، هو دراسة تطور الثقافات والحضارات الإنسانية، وكيف أثرت الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية فى تشكيل هوية الشعوب، وله بُعد اجتماعى، فالتاريخ ينظر إليه علماء الاجتماع بوصفه مرآة لتطور الإنسان والمجتمع، ووسيلة لفهم الحاضر من خلال الماضى، والتنبؤ باتجاهات المستقبل، والتاريخ فضلاً عن أنه علم، فهو فن أيضاً، هو فن رواية الأحداث الواقعية الماضية بأسلوب يجمع بين الدقة العلمية والجمال الأدبى، بحيث يصبح التاريخ قصة الإنسان الكبرى عبر الزمن، وهل نجيب محفوظ مثلاً لا نعتبره مصدراً تاريخياً؟ وهل لأنه فنان نحذفه من مصادرنا التاريخية؟

نأتى إلى ما يفرق التاريخ عن الفتوى، وهو المصادر، هناك المصادر الأولية (الأصلية) وهى المواد التى كُتبت أو سُجلت فى وقت وقوع الحدث نفسه، وتُعد أقرب ما يكون إلى الحقيقة التاريخية، مثل الوثائق الرسمية (معاهدات، مراسلات، قوانين، خطب)، النقوش والبرديات والكتابات على الأحجار والمعادن، اليوميات والمذكرات الشخصية، الصور الفوتوغرافية والأفلام القديمة، الأدوات والقطع الأثرية والعملات، شهادات شهود العيان، وهناك المصادر الثانوية، هى التى كُتبت بعد وقوع الحدث، اعتماداً على المصادر الأولية وتحليلها وتفسيرها، مثل كتب التاريخ والدراسات الأكاديمية، المقالات والتحليلات التاريخية، البرامج الوثائقية والتحقيقات، السّيَر التى تُكتب بعد وفاة أصحابها، وهناك المصادر الشفوية، وهى الروايات المنقولة مشافهةً من جيل إلى جيل، وتشمل الحكايات الشعبية، والأغانى التراثية، وشهادات من عاصروا الأحداث، وهناك الآن المصادر الحديثة والرقمية، لا بد أن نحترم أن التاريخ صار علماً ومناهج بحث وذاكرة أمم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرق بين التاريخ والفتاوى الفرق بين التاريخ والفتاوى



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt