توقيت القاهرة المحلي 14:44:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -
عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية
أخبار عاجلة

أحيانا يكون الصمت صاخبا

  مصر اليوم -

أحيانا يكون الصمت صاخبا

بقلم - جميل مطر

هو يتحدث إلى نفسه فى صمت: أحسنت صنعا عندما اخترت كعادتك المقعد على الممر. أنت هنا تحوز على حيز أوسع لتتحرك فيه إحدى ساقيك على الأقل بحرية. من هذا المقعد أنت، كعادتك، تهيمن على الحركة داخل الطائرة. لن يفوتك الكثير. تعلمت بالتجربة أن أكثر الركاب يتمنون أن تتاح لهم الفرصة ليتجولوا فى الطائرة. البعض يفضل قضاء بعض وقت الرحلة يمارس الدردشة مع المضيفين والمضيفات ومع الطيار أو مساعده، أيهما يخرج من سجنه فى كابينة القيادة ليحارب الملل، عدو كل طيار.
هو: أحسنت صنعا عندما كلفت شركة متخصصة فى استقبال الركاب الراغبين فى تفادى الاحتكاك بصعوبات أمنية وبيروقراطية. استقبلنى مندوب واصطحبنى من خارج المطار لأمر مع بطاقة سفرى ووثائقى الرسمية وحقائبى عبر عديد الإجراءات حتى أصل أنا وحقيبة يدى إلى باب الطائرة. هناك عند الباب أستلم من مندوب الشركة أوراقى وأشكره على الخدمة الممتازة وأدلف إلى الطائرة لأجد فى استقبالى مضيفة مبتسمة تدعونى مرحبة لمرافقتها حتى أصل معها إلى مقعدى. أخلع لها جاكتتى بطلب منها فتحملها بحنان واحترام، وقبل أن تغادر تستفسر منى عن حاجتى إلى مشروب معين يعيننى على مواجهة لحظة الانطلاق فى رحلتنا الطويلة وعن الجرائد والمجلات التى أفضلها، وفى صمت تشير بدلال إلى مكان فوق صدرها. هناك حيث أشارت رأيت اسما محفورا أو مطبوعا بخط واضح. صرت أعرف من التجارب السابقة أن المضيفة المتميزة تفضل أن أناديها عند الحاجة باسمها وأننى يجب أن أشعر خلال الرحلة أننى ضيف غير عادى.
استمر توافد الركاب. أحب أن أكون فى انتظارهم عن أن أكون بينهم. أحب رؤيتهم يمرون متريثين أمامى فى ممر الطائرة. أعاينهم راكبا راكبا وراكبة راكبة. أتسلى بما أفعل وفى أحيان كنت أمتحن فراستى فى الناس. أخمن ما يمتهنون أو يحترفون وأقرر بينى وبين نفسى إلى أى حالة اجتماعية ينتسبون. وفى نهاية الرحلة أوظف المضيفين والمضيفات للتحقق من حسن تخميناتى وقراراتى. قطع حبل انتظارى اقتراب سيدة فى طابور الركاب السالكين الممر من حيث جلست. عيناها من دون بقية المارين مسلطتان ناحيتى. ملأ النظرة فضول ورغبات وأمنيات واحتمالات. عرفت من النظرة أن صاحبتها إما أنها تعرفنى أو تعرف عنى أو أنها صاحبة المقعد الخالى المجاور للشباك. هذه القادمة فى اتجاهى قد تكون جارتى لساعات عديدة. الانطباع الأول من على البعد لا يشى بالكثير. ليس صحيحا ما كان يقوله لى معلم اللغة الفرنسية خلال سنين مراهقتى، وهو الذى حمل على عاتقه مهمة إنضاجى فى مجالات أخرى غير مجال تعلم الفرنسية. كان يقول «كل النساء سواء من على البعد وفى العتمة». لم تنقض سنوات قليلة إلا وقد تأكدت من زيف قوله وضيق أفقه وعمق تعصبه. أفقت من انشغالى بانطباعى الأول عنها وقد صارت المضيفة فوقى ترجو منى السماح للراكبة بالمرور نحو مقعدها إلى جانب مقعدى. نهضت بدون تثاقل لأفسح لها مساحة أرحب. تركت مقعدى وخرجت إلى الممر لتدخل هى إلى مقعدها. وما هى إلا دقائق إلا وكنا فى الجو.
• • •
هى تتحدث إلى نفسها فى صمت: أخيرا انتهت المجاملات الرسمية وعدت حرة ولو لساعات الطيران. أريد الآن مشروبا كالذى فى يد جارى. المضيفة نبيهة قرأت ما يدور فى ذهنى وها هى قادمة نحونا. جارى مهذب كما خمنت وأنا أمشى فى الممر نحو مقعدى. رجال كثيرون لا يتركون مقاعدهم لتمر جارة لهم. يكتفون عن عمد أو عن نقص فى التربية الأخلاقية بتوسيع المسافة بين ركبتيهما فتتسع قليلا وليس كثيرا مساحة تسمح بمرور الجارة. خمنت أيضا أنه يكتب ففى يده كما من حوله على مقعده بل وعلى مقعدى صحف ومجلات أجنبية سارع عند وصولى برفعها ووضعها فى الجيب الخلفى للمقعد الذى يجلس وراءه. يهمنى جدا معرفة انتماءاته ومختلف هوياته وموقعه الحقيقى من النساء وموقفه من قضاياهن، قضايا المرهفات منهن والفقيرات أيضا. لن أبادر على كل حال. سيفعل ذلك بالتأكيد. المهم، والمثير بالنسبة لى، أن أرى ابتكارا فى اختياره أسلوب وتوقيت المبادرة بالتحدث معى. سئمت التكرار. أريد تجديدا حتى فى هذه المسألة.
• • •
هو يتحدث إلى نفسه فى صمت: طبعا هى الآن تحسب حساب الرد على مبادرتى بالتحدث إليها. مثل كل النساء هى تتنظر منى أن أبادر. أعرف أنها سوف تبادر. أما كيف عرفت فأمره بسيط للغاية. هذه امرأة واثقة من نفسها إلى أبعد الحدود. رأيتها تمشى فى الممر متوجهة نحوى، أقصد نحو مقعدها، مشية الواثقة من نفسها. واثقة من أناقتها، محتشمة فى ملابس معبرة بقوة عن أنوثتها، بوجه وجسم يحيران الغريب الساعى وراء حقيقة عمرها. من منا لم يحاول أن يحظى بشرف الفوز فى استدلال عمر امرأة. إنه بلا شك شرف مستحق. نظرتها لى وهى تقترب منى لتنفذ إلى مقعدها حملت رسالة لعلها الأسرع فى كل ما وصلنى من رسائل أنثوية. رسالة صامتة تعلن قبول صاحبتها التحدى. من منا سوف يثبت أنه الأقوى صمودا أمام مختلف الإغراءات التى يثمرها هذا النوع من الرحلات الطويلة. أعرف جيدا نوع وحجم الخسارة التى يمكن أن تنتج عن خطأ واحد يقع فيه أى منا فى تصرف غير موفق أيا كانت النية وراءه. الدقة والحرص والذكاء وسرعة البديهة وهدوء الأعصاب والصبر كلها وغيرها شروط يجب توفرها إن شئنا كلانا قضاء رحلة ممتعة فى الطائرة نعيش نذكرها. من ناحيتى سوف أبذل أقصى الجهد لتحييد عواطفى وقد أفلح. نعم، من ناحيتى سوف أعمل ما فى إمكانى لأجعلها رحلة ممتعة أعيش لأحكيها.
• • •
هى تتحدث إليه بالهمس وهما ينزلان من الطائرة: أما وقد صرنا على وشك أن يستقل كل منا سيارة الليموزين المصطفة فى انتظارنا تحت سلم الطائرة والتى سوف تأخذنا إلى الفندق؛ حيث يعقد المؤتمر، دعنا نتعهد بأن نجعل إقامتنا هنا ممتعة كرحلتنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحيانا يكون الصمت صاخبا أحيانا يكون الصمت صاخبا



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:50 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله
  مصر اليوم - جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt