توقيت القاهرة المحلي 13:45:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عنصرية لا حرية

  مصر اليوم -

عنصرية لا حرية

بقلم - طارق الحميد

ما نشهده اليوم من محاولة فرض «قيم» ومفاهيم على كل العالم، ومحاولة إقحام السياسة في الرياضة، ما هو إلا عنصرية، وليس حرية كما يدعي البعض تصوير ذلك، وتصل إلى حد الهمجية في مجالات مختلفة.
المعروف، وببساطة، أن حريتك تنتهي عندما تتجاوز حرية الآخرين، وما نشهده اليوم ليس تعدياً وحسب، بل تطاول على العادات والقيم، وقبلهما المعتقدات، وكل ذلك يتم باسم الحرية!
فجأة، وبعد الحرب في أوكرانيا، بات من المسموح إقحام السياسة بالرياضة، واليوم تتم المحاولات لفعل ذلك أيضاً بكأس العالم. والسؤال هنا ماذا لو قرر فريق كرة قدم عربي، أو أحد اللاعبين، التعبير عن نفسه رياضياً؟
ماذا لو قرر فريق، أو لاعب، ارتداء شارة مكتوب عليها «لا تنسوا فلسطين»؟ أو «لا لمعاداة المسلمين»؟ أو «لا تعتدوا على ديني»... هل كان هذا أمراً مقبولاً غربيا؟ هل سيعتبر من حقوق التعبير؟ الأكيد لن يسمح بذلك.
ما نشهده اليوم هو استغلال صارخ لمفاهيم الحرية، من خلال تسخيرها للحملات السياسية الابتزازية، التي تحولت إلى لغة عنصرية يستخدمها الإعلام، وبعض المشرعين، مثل ما شهدنا من بعض أعضاء الكونغرس بعد قرار «أوبك بلس» بتخفيض الإنتاج.
وقتها رأينا حملات لا يمكن تفسيرها إلا أنها بحملة كراهية، وشيطنة للآخر، وبلا حسيب أو رقيب، حيث بات التعامل مع القيم والعادات والتقاليد المختلفة في العالم «مسبة» وتهما جاهزة لتشويه صورة مجتمعات وشعوب.
ما نشاهده اليوم على خلفية كأس العالم هو مستوى مختلف من الانحدار في التأليب، والاعتداء على ثقافات، وعادات وتقاليد، دول ليس بالضرورة أن تتشابه مع الغرب، أو الولايات المتحدة.
والمؤسف، وكما أسلفنا، أن تلك الحملات التي تتم باسم الحرية، والقيم، أخذت طابع الابتزاز، والعنصرية، وشاهدناها مثلاً عندما تم شراء فريق نيوكاسل الإنجليزي.
والغريب، والعجيب، أن من يحاضروننا عن الحريات، والقيم، يتناسون أنهم من تسبب في غزو دولنا، والعراق، خير مثال، حيث قتل مئات الآلاف، ولا يزال العراق يعاني من ذلك الاحتلال، ورغم ذلك نسمع عبارات سمجة عن الحرية، والقيم، واحترام حقوق الإنسان.
وباسم الحرية، وحقوق الإنسان، رأينا كيف حاول تويتر، مثلاً، أن يكون حارس القيم، والمقبول وغير المقبول، وقبل أن يشتريه إيلون ماسك، ووصل وقتها حد المنع، والرقابة، ومن قبل أناس لا يمكن وصفهم إلا بالمجانين.
وهناك قصة شهدتها بنفسي، حيث كان هناك حدث محدد، يوم كانت ملكية تويتر بيد مجموعة «حراس الفضيلة المزعومة»، رد أحدهم، وأمامي، على حملة مزيفة حول حدث ما. وكان للقصة بُعد قانوني، واستند للقانون. وفي أقل من دقيقتين وصلته رسالة تحذر بأنه في حال عدم حذف تغريدته فسيوقف حسابه، بينما بقي كل ما هو مسيء، ومضلل.
وعليه فنحن لسنا أمام حملة للدفاع عن الحرية، بل هي حملة عنصرية بلغتها وانتهاكها للقوانين، وحملة انتقائية مغرضة تتجاهل الضحايا في إيران، مثلاً، وتركز على مناطق أخرى. وتدعي حماية المناخ، ثم تتلف كنوزاً من الفنون. للأسف إننا أمام حملة جنون تفتقد كل أسس العقلانية، واحترام الآخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنصرية لا حرية عنصرية لا حرية



GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المخادعون

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير

GMT 21:30 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

المعايير الأمريكية بين غزة والسودان

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الصواريخ بين الأدب والسياسة!

GMT 21:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

تجديد النخبة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon