توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»

  مصر اليوم -

روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»

بقلم - إميل أمين

يبدو العالم وكأنه على شفا هاوية مواجهة عالمية، لا سيما في ظل علائم التصعيد العسكري، تلك التي تحلّق فوق سماوات مناطق النزاع الملتهبة، وبنوع خاص الروسي - الأوكراني.

مؤكد أن المخاوف تتزايد يوماً تلو الآخر، وبما ينذر بخطر داهم بين حلف «الناتو» وروسيا، تلك التي تقرأ الأزمنة والأحداث بعين رؤيوية استشرافية، تكاد تنطق بما تحمله الأيام من قدر مقدور في زمن منظور.

هل يتجهز «الناتو» لنقل قوات برية إلى أرض الصراع الأوكراني؛ الأمر الذي دعا أحدهم في موسكو للقول: «حسناً... إن هذا معناه أن تطير التوابيت إلى أوروبا؟».

الجواب دون شك يعكس نوايا الرد الروسي، بل وتحفزه، لا سيما بعد أن طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً فكرة إرسال قوات برية إذا تخطى القيصر بوتين عتبات كييف أو أوديسا.

ألقت تصريحات ماكرون حجراً في مياه تكاد تلوثها الإشعاعات النووية عما قريب، ذلك رغم الانتقادات الشديدة التي تلقاها من داخل فرنسا عبر سياسيين وصفوه بأن «هاو» يريد إظهار نوع من الرجولة، وحتى من قائد الجيوش، وإنكار واشنطن نية القيام بهذا الفعل المثير لقرون استشعار الدب الروسي.

على أن قراءة معمقة تظهر بالفعل دوراً فرنسياً في إذكاء نيران المعركة على الأرض ضد الروس، فوزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لو كونور، أشار تصريحاً لا تلميحاً إلى أن ثلاث شركات فرنسية ستنتج أو تتولى صيانة الأسلحة في أوكرانيا، عطفاً على نية فرنسا تدريب الجنود الأوكرانيين.

لم تكن فرنسا وحدها التي علت من قبلها أصوات الحديث العسكري لدعم أوكرانيا، فقد تحدث وزير الخارجية البولندي زاديك سيكورسكي، الجار الأقرب والعدو الأكبر لروسيا أمس واليوم وفي الغد، عن تقديره للرئيس الفرنسي ماكرون لعدم استبعاده إرسال قوات عسكرية، وملمحاً إلى إمكانية وجود مثل هذه الوحدات.

القيصر في مبناه الأحمر الفخيم، يتابع كذلك بأعين ملؤها القلق حالة الحصار الجيو - استراتيجي التي تضرب من حوله، وقد كان آخرها انضمام السويد الدولة التي كانت محايدة لعقود طوال إلى حلف «الناتو»، واليوم باتت العضو الـ32 في حلف شمال الأطلسي؛ ما يجعل هذا التكتل المزعج لروسيا أقوى، ويشعِر السويد بنوع من الأمن والاستقرار بشكل وافر على حد تعبير أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ، الرجل الثائر ضد بوتين بنوع خاص.

نجحت الاستخبارات الروسية في الحصول على صيد ثمين، قبل نحو أسبوعين، تمثل في تسجيلات صوتية لضباط كبار في الجيش الألماني يخططون سراً، لكيفية قصف جسر القرم، الأكبر في أوروبا، من خلال صواريخ «توروس» الفتاكة، عبر تهريبها إلى أوكرانيا، وكي لا تبدو ألمانيا ظاهرة في الصورة.

لم يقدر للهر شولتس أن ينفي، بعد أن استمع العالم للجرم المشهود مذاعاً عبر الأثير، الأمر الذي استحضر من غيابات الجب النازي، ذكريات الدموع والدماء والموت بالملايين للجنود الروس في ستالينغراد، كنهاية لمغامرة الفوهور خلال الحرب العالمية الثانية، ومحاولته غزو الاتحاد السوفياتي وقتها.

لم تتغافل العسكرية الروسية عن رصد هدير الدبابات والمجنزرات، ودوي المدافع الذي يصم الآذان، في أقصى شمال أوروبا، حيث تجري أضخم مناورات عسكرية منذ نهاية الحرب الباردة، «المدافع الصامت»، والتي يشارك فيها 20 ألف جندي من 13 دولة، والهدف الافتراضي هو صد هجوم على أراضي الحلف.

هل سينتظر الدب الروسي ليضحى مصيره مثل «الضفدع المسلوق» كما في القصة ذات الدلالات الاستراتيجية، لا سيما في الأوقات المصيرية؟

تخبرنا الرواية الشائعة أن الضفدع سوف يقفز فوراً عندما يوضع في ماء حار لينجو بحياته، أما إذا وضع في ماء معتدل الحرارة ثم تم تسخينه ببطء فإن الضفدع لن يقفز وسيبقى في الماء حتى يصير حاراً جداً؛ لأنه لن يشعر بالخطر التدريجي الحاصل، إلى أن يموت.

تبدو التغيرات التدريجية التي تجري من حول روسيا في عيون أحفاد القياصرة والبلاشفة، على حد سواء، سلبية إلى حد قاتلة، وبات الظن لديهم أن هناك تجهيزات تجري من جانب «الناتو» على قدم وساق لمواجهة مسلحة مع روسيا، سوف تقود حكماً إلى حرب شاملة في أوروبا.

يتلاعب بعض من السياسيين في الغرب بالقول إنه من الوارد إرسال قوات في «مهام غير قتالية»، وهو ما لا يمكن أن يتقبله الروس شكلاً أو موضوعاً، ذلك أن هذه القوات بداية الأمر، تعطي فرصة ذهبية لجنود كييف أن ينتشروا على الحدود لسد الثغرات في الجبهة الطويلة الممتدة مع روسيا.

بينما الأمر الأكبر والأخطر، يتمثل في أن قوات «الناتو» يمكن بالفعل ألا تتدخل في صراع مباشر مع القوات الروسية، لكن عند لحظة بعينها من سخونة الرؤوس ستكون هناك ظروف للصدام المحتوم.

أما الكارثة فتتمثل حال تقدم جنود «الناتو» إلى حدود كييف والاستمتاع بالحياة بعيداً عن المعارك، «مهام غير قتالية»، لكن عند اشتداد القتال سيتم استدعاؤها لوقف اختراقات القوات الروسية، ليحدث المحظور.

يبدو أنه لم يعد لدى روسيا أي خطوط حمراء، ليس تجاه فرنسا فحسب كما أكد ميدفيديف بل تجاه أوروبا برمتها.

هل فات «الناتو» أن روسيا دب قطبي وليس ضفدع شجر أوروبياً؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق» روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»



GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

عند الأفق المسدود فى غزة!

GMT 08:35 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

من رأس البر!

GMT 00:03 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 00:03 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon