توقيت القاهرة المحلي 23:18:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاش بكنيته

  مصر اليوم -

عاش بكنيته

بقلم - سمير عطا الله

في غياب سامي شرف يغيب آخر الناصريين الذين عرفوا الزعيم المصري وعملوا معه، وكان أقربهم إليه وأمين أسراره وحارس آثاره. الغائب عاش في شرف سنواته الأخيرة على حافة الفقر، يتولى منفرداً الرد على خصوم الناصرية وناقديها، والمرتدين عنها. وكنت مرة بين هؤلاء وقد أثار فيّ رده الاحترام الشديد والإعجاب بمناقبه الأدبية ومستواه في التفاعل مع الذين يختلف معهم. وكانت تلك مناسبة آنذاك لأن أكتب إليه رسالة خاصة، بالإضافة إلى هذه الزاوية.
يومها خطر لي أن هذا هو المستوى الوحيد المقبول في النقاش، سواء حول الزعيم المصري، أو سواه، ممن كانوا قادة كباراً، ورؤساء مخلصين، وأيضاً، بشراً يخطئون ويصيبون. للأسف هبط بعض السوقيين بهذا المستوى الرفيع. وكلفوا أنفسهم من دون تكليف الدفاع عمن يرونه معادياً للناصرية. وأصدر أحدهم قراراً بتعيين نفسه رئيساً لمفرزة تُذكّر بأيام «إسماعيل ياسين في البوليس». مع العلم طبعاً، أن الكوميدي الكبير كان يضحك الناس ويبهجها ويمثل الظرف والناس الذين أحبوا عبد الناصر من عمق قلوبهم وليس من فوهتي مناخيرهم. فالشاويش إسماعيل ياسين كان أكثر معرفة بالناس، وأكثر حرصاً على خلقه قبل أخلاق الآخرين.
ليس من العدل المقارنة بين سيرة سامي شرف والزقاقية، اللغة الشارعية والضحالة الفكرية، ومن هؤلاء من نسب إليّ نصاً لا علاقة لي به، وراح يثور ويفور ويناطح شرشفاً أحمر. والمضحك أن النص الذي نسبه إليّ كان مأخوذاً من سيد الكتّاب نجيب محفوظ. لكن عمى صاحبنا حال دونه ودون رؤية الأهلّة التي وُضع النص ضمنها.
وفي مرة أخرى، شتمني شتّام لا مهنة أخرى له، بداعي أنني مدحتُ عبد الناصر، ثم عدت إلى انتقاده. وينطبق ذلك على ملايين العرب الذين كانوا يتمنّون أن ينصرف عبد الناصر في مقدرته العظيمة إلى بناء مصر وإنقاذ فقرائها.
هؤلاء الملايين هم أيضاً الذين صفقوا لعبد الناصر في طريقه إلى فلسطين وخلفه الجماهير العربية برمّتها، لكنهم وجدوا أنفسهم محزونين يوم صار 5 يونيو (حزيران) 1967 وصمة مبكية في تاريخ العرب.
وأغتنم هذه المناسبة لكي أحقق حلم بعض الشيوعيين اللبنانيين الذين لا يكفّون عن الصراخ بأنني أكتب ضد الشيوعية بأوامر. العمى بلاء. فأنا منذ 50 عاماً لم آت يوماً على ذكر الشيوعية، بل حاربت ولا أزال، وسأبقى، ضد طغاتها ومجرميها وتُفهائها، مثلما حاربت طغاة الرأسمالية والفاشية والوثنية الهتلرية، وجميع أشكال الظلم الذي يتعبد له ذوو العقم الأخلاقي والعدمية الإنسانية. ولم ينتقد هؤلاء مرة واحدة ما أكتبه عن أصدقائي من زعماء الحزب الشيوعي، وخصوصاً تلك المودّة التي ربطتني بمنظم العمل الشيوعي محسن إبراهيم.
أنا أعتذر لأنني لا يمكن أن أفي بشروط هؤلاء، والقاضية بأن يكون الإنسان مصنوعاً من الإسمنت المسلّح يقرأ طوال حياته الصواب والخطأ في سطر واحد، ولا يرى في الآخر إلا عدواً يجب مقاتلته. ويرى في إعادة النظر بأخطائه وأخطاء سواه خيانة لفكر الثكنات العسكرية والأحزاب التي يبرّر قادتها ومفكروها المجازر الجماعية على أنها حتمية نضالية. إن النضال الوحيد هو الإنسان، وأعداء البشر هم المرضى من أمثال لافرنتي بيريا في المقارنة مع يوري أندروبوف، الذي شغل المنصب نفسه، وكان من أرقى الشيوعيين وأكثرهم نبلاً، خصوصاً بالنسبة إلينا من خلال مواقفه الذهبية حيال القضية الفلسطينية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاش بكنيته عاش بكنيته



GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المخادعون

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير

GMT 21:30 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

المعايير الأمريكية بين غزة والسودان

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الصواريخ بين الأدب والسياسة!

GMT 21:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

تجديد النخبة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 11:11 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

قمة "كوكب واحد" تكرس ماكرون رئيسًا لـ"معركة المناخ"

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 16:21 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ليفربول يودع جورجينيو فينالدوم برسالة مؤثرة

GMT 10:19 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

3 قلوب ينبض بها عطر "أورا" الجديد من "موغلر"

GMT 09:59 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مجدي بدران ينصح مرضى حساسية الأنف بعدم الخروج من المنزل

GMT 03:10 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الجلود في المغرب أصالة تبقى مع مرور السنوات

GMT 16:04 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر صحفي للشركة صاحبة حقوق بيع تذاكر المونديال

GMT 00:34 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مهاجم ليرس البلجيكي يطلب فرصة مع منتخب مصر

GMT 18:49 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر يونايتد يعرض 50 مليون إسترليني لضم "بيل"

GMT 06:32 2015 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل السيفيتشي بالسلمون

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار البنا حكمًا لمباراة فريقي "الرجاء" و"دجلة"

GMT 23:41 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

فوائد فاكهة التنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon