توقيت القاهرة المحلي 02:31:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خلفة «عبدالدايم»

  مصر اليوم -

خلفة «عبدالدايم»

بقلم - د. محمود خليل

المجتمع ساحر قديم، جعل من أشياء فضائل وجعل من أشياء رذائل.. هكذا وصف «محجوب عبدالدايم» المجتمع فى رواية «القاهرة الجديدة»، فهو يملك عصا سحرية يمس بها الأشياء فيحيلها إلى عكسها، حيث تمسى الفضيلة رذيلة، والرذيلة فضيلة، وليس يهم بعد ذلك ما يقوله الدين أو العقل أو العلم.. فسلطة المجتمع تغلب ما عداها. تعالوا ننظر إلى أمثلة على ذلك.

الله تعالى يطلب من الزوج إذا كره زوجته ألا يتركها كالمعلَّقة (فلا تذروها كالمعلقة).. ويحدث فى بعض الأحيان أن تجد زوجاً يغضب على زوجته فيقسم أن يتركها (مثل البيت الوقف).. الله تعالى منح المرأة حقها فى الميراث، لكن يحدث فى بعض البيئات أن تحرم الفتيات والسيدات من حقهن فى مال الأب أو الأم، بذريعة حماية الثروة العائلية من التسرب إلى الغرباء. نحن هنا أمام حالات يطغى فيها سلطان العرف على سلطان الدين.

ويحدث فى حالات أخرى أن تجد سلطان العرف يطغى على سلطان العقل.. على سبيل المثال زواج الشاب أو الفتاة فى هذه الأيام بات من الأعمال الإعجازية، فى ظل ارتفاع تكلفة العديد من كمالياته، وليس متطلباته الحقيقية التى يرتكز ويقوم عليها.

فى ظل ارتفاع أسعار الذهب.. بكم يشترى الشاب اليوم «الشبكة»؟.. وفى ظل ارتفاع أسعار تكلفة إقامة الأفراح.. كم تدفع الأسر من أجل إقامة فرح؟.. وهذه الكلفة التى تذهب إلى ما يسمى بـ«الرفايع» والتى تشتمل على ما يلزم وما لا يلزم، ما يفيد وما لا يفيد، بهدف الفشخرة الكاذبة، أنَّى للأسر أن تتحمل كمالياتها اليوم فى ظل ارتفاع أسعار كل شىء من الإبرة حتى أطقم الصينى وخلافه؟.

المجتمع مس بعصاه السحرية مجموعة من الممارسات فجعلها عرفاً قائماً لا يستطيع أحد أن يحيد عنه فى مسألة الزواج.. فالشبكة لا بد أن تكون بالشىء الفلانى.. والفرح لا بد أن يكون فى المكان العلانى وبالتكلفة الفلانية.. والرفايع لا بد أن تكون متخمة بالأطقم المتنوعة التى يمكن أن يمر عمر الزوجين وأولادهما دون أن يستخدمها أحد، لتصبح طعاماً للتراب.

فهل هذا الأداء يستقيم مع عقل؟.. وهل جعل الله تعالى الزواج مرهوناً بشىء غير القبول والصداق؟. مؤكد أن المجتمع له أحكامه وضغوطه التى يستجيب لها أفراده بمنتهى السهولة، وإذا حدثهم أحد بالعقل أو بما يقوله الدين، فإنهم يجعلون أذناً من طين وأذناً من عجين، لأن سطوة العرف عندهم أقوى من أى شىء.

يشاهد الكثيرون شخصية «محجوب عبدالدايم» فى فيلم «القاهرة 30» المأخوذ عن رواية «القاهرة الجديدة» فيشمئزون منه ومن نظريته، رغم أنها تشكل لدى بعضهم أساساً للحياة، نظرية «طظ» فى العقل والعلم والفلسفة وقيم الدين، والمجد لما يقبله المجتمع حتى ولو تناقض مع العقل أو العلم أو الفلسفة أو الدين. المجد لما يقبله المجتمع حتى ولو كان رذيلة من منظور العقل والعلم والدين.

محجوب «ابن» عبدالدايم لا يفنى ولا يستحدث من عدم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلفة «عبدالدايم» خلفة «عبدالدايم»



GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 01:01 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

إسرائيل تتوغل في رفح ومعارك تحتدم في شمال غزة
  مصر اليوم - إسرائيل تتوغل في رفح ومعارك تحتدم في شمال غزة

GMT 00:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة
  مصر اليوم - أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon