توقيت القاهرة المحلي 16:07:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذكاء.. أم خداع وتحايل؟

  مصر اليوم -

ذكاء أم خداع وتحايل

بقلم - د. محمود خليل

أداء عمرو بن العاص قبل فتح مصر يضعنا أمام شخصية تتمتع بالحنكة السياسية، والرسوخ في إدارة الأزمات والصراعات، ورغم أن الدعوة إلى تحكيم القرآن في الخلاف الذي نشب بين علي بن أبي طالب ومعاوبة بن أبي سفيان لم يكن من بنات أفكار "عمرو"، بل استعاره من دعوة سابقة لأم المؤمنين عائشة، إلا أنه أجاد توظيف الفكرة بعد أن كاد جيش علي يظهر على جيش الأمويين في موقعة صفين، كما أحسن إدارة المفاوضات لصالح الطرف الذي يمثله (معاوية) في دومة الجندل (المكان الذي شهد مفاوضات التحكيم).

أداء "عمرو بن العاص" في مفاوضات التحكيم تمنحك العديد من المؤشرات على ما تمتع به من مكر سياسي دفع "نجيب محفوظ" إلى الإشارة إلى أنه استخدم الدهاء في إدخال الإسلام إلى مصر.

حاول "عمرو" -في البداية- إقناع "أبي موسى الأشعري" بأن يقر "معاوية" وحده على الناس فأبى عليه، ثم حاول إقناعه بأن يكون الأمر لابنه "عبد الله بن عمرو" فأبى أيضا، وطلب أبو موسى من عمرو أن يوليا عبد الله بن عمر، فامتنع عمرو، ثم اصطلحا على أن يخلعا معاوية وعليا، ويتركا الأمر شورى بين الناس، ليتفقوا على من يختاروه لأنفسهم، ثم جاءا إلى التجمع الذي فيه الناس، وكان عمرو لا يتقدم بين يدي أبي موسى، بل يقدمه في كل الأمور أدبا وإجلالا.

قال "عمرو" له: يا أبا موسى قم فأعلم الناس بما اتفقنا عليه، فخطب أبو موسى الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أيها الناس، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة، فلم نر أمرا أصلح لها ولا ألم لشعثها من رأى اتفقت أنا وعمرو عليه، وهو أنا نخلع عليا ومعاوية، ونترك الأمر شورى، وتستقبل الأمة هذا الأمر، فيولوا عليهم من أحبوه، وإني قد خلعت عليا ومعاوية، ثم تنحى، وجاء عمرو فقام مقامه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذا قد قال ما سمعتم، وإنه قد خلع صاحبه، وإني قد خلعته كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية، فإنه ولى عثمان بن عفان والطالب بدمه، وهو أحق الناس بمقامه.

أثبت عمرو بن العاص دهاءاً واضحاً في إدارة مفاوضات التحكيم، وحاول الاستفادة منها مصالحياً قدر ما يستطيع، بما في ذلك السعي نحو تولية ابنه للأمر، واستخدام كل الأدوات المتاحة في تحقيق هدفه، بما في ذلك الخداع.

فأغلب كتب التاريخ تؤكد على أنه أقنع "الأشعري" بخلع علي ومعاوية، رغم أن العقل والمنطق يقولان ألا يتساوى رأس الخليفة (علي) مع رأس وال (معاوية)، وحين خرج إلى الناس ترك "أبا موسى" يعلن في البداية الاتفاق على خلع الاثنين، ثم تحدث "عمرو" فأعلن خلع "علي" وتثبيت صاحبه.. ويحتار المحلل في وصف هذا الأداء: وهل يعبر عن ذكاء حقيقي أم خداع ومكر وتحايل على موقف؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكاء أم خداع وتحايل ذكاء أم خداع وتحايل



GMT 16:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:09 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024
  مصر اليوم - «عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 17:27 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تيري هنري يُتابع المنتخب المكسيكي قبل ودية بلجيكا

GMT 17:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

زيدان يطالب إدارة ريال مدريد بالتعاقد مع سون نجم توتنهام

GMT 15:35 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

معلومات عن جاك اندرو بعد وفاته بسبب كورونا

GMT 06:10 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

تعرف على حالة الطقس المتوقعة في مصر الاثنين

GMT 01:48 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

شريف عامر يحاور أسرة مصرية صينية بـ"كمامة" على الهواء

GMT 17:48 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس السيسي يهنئ سلطنة عمان بالعيد الوطني

GMT 11:02 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"المرأة المصرية تحت المظلة الأفريقية" في بيت ثقافة القصير
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon