توقيت القاهرة المحلي 01:06:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المفقود والمولود

  مصر اليوم -

المفقود والمولود

بقلم - محمود خليل

لم يكن قد مر على مولد الدكتور هاشم فؤاد (فى 1 فبراير عام 1927) أكثر من 10 سنوات حين ألَّف الطبيب الإنجليزى «سيسيل ألبورت»، الذى وفد إلى مصر عام 1937، كتابه «ساعة عدل واحدة»، وتصف فصوله الأوضاع ومستوى الأداء داخل مستشفى «قصر العينى»، ويصور قدر المعاناة التى وقع فيها الفقراء والبسطاء من المرضى من أبناء هذا الشعب وحجم الإهمال الذى يعاملون به، بعد حوالى 60 سنة من وفاة أقدم رئيس له «محمد على البقلى»، الحكيم الأول الذى حكيت لك عنه.

ويمثل الكتاب صرخة تنوه بحالة التردى التى أصابت المستشفيات وتستحث الحكومة المصرية وكذا الإنجليزية (الكتاب صدر أيام الاحتلال) على التدخل من أجل حلها. لم يكن الطفل «هاشم فؤاد» يعلم أن أقداره سوف ترتبط بهذا الصرح المسمى بـ«قصر العينى»، وأنه سيكون على موعد لمواجهة كل ما تحدث عنه «سيسيل ألبورت»، بدءاً من أواخر السبعينات، حين اعتلى منصة عمادة كلية طب القصر العينى عام 1979.

خلال حقبتى الستينات والسبعينات كانت أوضاع مستشفى «قصر العينى» تتدهور بصورة سريعة، وبلغت المشكلات التى تحدث عنها «سيسيل ألبورت» فى الثلاثينات والأربعينات حد الكوارث.

كانت العبارة الشائعة على ألسنة المصريين فى ذلك الوقت هى: «الداخل للقصر العينى مفقود.. والخارج مولود».. فالمريض يدخل «الصرح» فيتضاعف ألمه، بفعل الإهمال وعدم الاهتمام، ويكون المستشفى بوابته إلى العالم الآخر، أما من يمنَّ الله عليه بالشفاء ويجعل من المستشفى سبباً لذلك فقد خرج منه وقد كُتب له عمر جديد.. مجرد ذهاب مريض لقصر العينى خلال هاتين الحقبتين كان يعنى أن يستعوض ذووه الخالق العظيم فيه.

مشاكل عديدة كان يعانى منها مستشفى «قصر العينى» خلال هذه الفترة، فبالإضافة إلى الإهمال، كان يعانى من نقص عدد الأسرة، وعزوف الأطباء عن إجراء العمليات المجانية، ونقص الإعدادات والتجهيزات والأدوية وغير ذلك.. إنها المشكلات القديمة المتجددة التى تعانى منها كل المستشفيات الحكومية والمتعلقة بنقص الإمكانيات المادية، مضافاً إليها مشاكل الاختلال الإدارى، وهى أيضاً المشكلات التى كان يدركها جيداً الدكتور هاشم فؤاد، وهو الذى تعلم فى كلية طب القصر العينى وداخل المستشفى الذى تحول فى نظر بسطاء المصريين إلى مكمن خطر.

وأظن أنه حين تخرج فى الكلية عام 1950 كان يعلم المشكلات التى يواجهها المستشفى العريق، ومع تحوله إلى العمل معيداً ثم مدرساً ثم أستاذاً فيه خلال العقدين التاليين أتيحت له فرصة كاملة ليفهم تفاصيل هذه المشكلات، وربما يكون قد بدأ التفكير فى تصورات ما لحلها، تصورات تتسق مع طبيعة شخصيته، التى تعتمد على معادلة «الهيبة المدعومة بالقدرة».

أظن أن هذه العبارة يمكن أن تلخص لك شخصية الحكيم الثالث الدكتور هاشم فؤاد، فكل من عرفه أو عمل معه أو درس على يديه يؤكد أن الرجل كان يتمتع بهيبة واضحة، هيبة تدعمها قدرات علمية واضحة، وقدرات مهنية فذة فى مجال جراحة الأنف والأذن والحنجرة، وقدرات إدارية ترجمتها تجربة شديدة التميز فى إدارة مستشفى قصر العينى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفقود والمولود المفقود والمولود



GMT 00:36 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

ما العمل؟.. لدينا ما نعمله طبعاً

GMT 05:08 2024 السبت ,18 أيار / مايو

مورد محدود

GMT 05:02 2024 السبت ,18 أيار / مايو

نهاية مصارعة الثيران

GMT 04:57 2024 السبت ,18 أيار / مايو

التكلفة الباهظة للفقر

اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:25 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
  مصر اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 03:31 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة "الصحة العالمية" تحذر من تناول اللحم المقدد

GMT 00:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الحق يفوز برئاسة النصر وقائمته تكتسح الانتخابات

GMT 18:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يجب أن تستبدل هذه التجهيزات الأساسية في المطبخ

GMT 07:55 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7-9-2021 في مصر

GMT 09:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

وائل جسار يؤجل حفله في بغداد بسبب كورونا

GMT 14:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل

GMT 23:03 2021 الأحد ,30 أيار / مايو

تألقي بمكياج صيفي ناعم على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon