توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العائد من المنفى

  مصر اليوم -

العائد من المنفى

بقلم: د. محمود خليل

تم نفي أحمد عرابي إلى جزيرة سيلان عام 1883، ومكث هناك يعد الأيام والليالي، ويحصي الشهور والسنين حتى بلغت 18 سنة كاملة.

في سبتمبر عام 1901 كان ولي عهد إنجلترا في زيارة للجزيرة، وهناك طلب «عرابي» مقابلته، والتمس منه العفو عنه، كان الإعلام البريطاني يتابع هذا الحدث، ونشرت جريدة «التميس أوف سيلان» خبر الالتماس، ومكرمة ولي العهد مع «عرابي»، وإصداره قرارا بالعفو عنه، ولم تكتفِ بذلك بل حصلت منه على تصريحات يعلق فيها على هذه المكرمة، فأدلى بتصريحات يمتدح فيها الاحتلال الإنجليزي.

أخذ «عرابي» طريقه إلى مصر المحروسة في سبتمبر عام 1901، لكن تصريحاته لـ«التيمس» التي مدح فيها الاحتلال سبقته إلى القاهرة، ونشرتها جريدة «اللواء» وهاجمت الرجل بشدة، وأفسحت صفحاتها لكل من يريد أن ينتقد عرابي وأن يحمّله كل الأوزار التي لحقت بمصر بعد احتلال إنجلترا لها.

لم يكن «عرابي» البعيد عن مصر منذ 18 سنة يعلم شيئا عن التحولات التي حدثت فيها وعن لمعان نجم مصطفى كامل وتربعه على عرش زعامة الحركة الوطنية، لم يكن يدري شيئا أيضا عن الدنيا الجديدة التي تتشكل بعد أن تولى عباس حلمي الثاني نجل الخديوي توفيق عرش مصر، والحبل المتين الذي بات يربط بين الخديوي الجديد ومصطفى كامل، وكيف توافق الاثنان على النيل من «عرابي» مع اختلاف أسباب كل منهما.

لم يتوقف «عرابي» عند حد التصريحات التي أدلى بها لـ«التيمس أوف سيلان»، بل يبدو أنّه بات شغوفا بالحديث إلى الصحف وإجراء الحوارات والوجود المستمر على صفحات الجرائد، فبتركيبته كان الرجل زعيما يميل إلى الأضواء.

فبعد أن عاد إلى مصر أواخر سبتمبر أدلى بتصريح جديد لجريدة «التيمس اللندنية» عبَّر فيه عن إعجابه بحكم الإنجليز لمصر، كما أعجب به في «سيلان» ثم علق المحرر على التصريح -كما يسجل عبدالمنعم شميس- قائلا: «ويظهر أنّ ما حصل في مدة الثماني عشرة سنة التي أقامها في المنفي بتلك الجزيرة جعله صديقا حميما لبريطانيا».

شكلت التصريحات المتتالية المادحة للاحتلال الإنجليزي لمصر مفارقة كبرى استفزت الكثير من المصريين، فكيف للرجل الذي أعلن الحرب ذات يوم ضد الاحتلال واصطف الشعب من خلفه وحارب معه، وضحى في سبيل استقلال بلاده، يحدث له هذا الانقلاب الخطير فيمتدح عدوه وناهب خيرات بلده والمسيطر على ثرواته؟

لم تكن المسألة سهلة على الشعب أن يجد زعيمه بهذا الضعف والانكفاء والتحول من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، لكن يبدو أن المسألة كانت سهلة على الزعيم نفسه، والدليل على ذلك أن تصريحاته المدافعة عن الاحتلال لم تتردد على لسانه مرة، فيقول الناس ذل الرجل وينتهي الأمر، بل تكررت في أكثر من مناسبة، بل بمرور الوقت أصبح «عرابي» صيدا سهلا للصحافة التي تريد إثارة الجدل بتصريحات تتصادم مع المشاعر العامة، فاتجهت صحف عديدة نحوه وحاولت استثمار تصريحاته لصالحها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العائد من المنفى العائد من المنفى



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt