توقيت القاهرة المحلي 18:53:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -
عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية
أخبار عاجلة

مفاهيم اختلفت معانيها

  مصر اليوم -

مفاهيم اختلفت معانيها

الكاتب جميل مطر

أتذكر أياما لم نختلف فيها حول معانى المفاهيم. كنا سذج أم كنا نعيش فى عالم بمعالم واضحة خطوطه مستقرة والنوايا فيه ثابتة.


• • •


الاستعمار مثلا. جاءت فترة كانت المؤتمرات الدولية الأهم تعقد تحت اسمه. لم تخجل الدول الأوروبية من أن توصف بكونها استعمارية ولم يخف ممثلوها من العسكر والمدنيين نواياهم عصر إمكانات وثروات الدول الضعيفة حتى آخر قطرة. ثم جاءت فترة انتفضت شعوب، شعب تلو شعب، لتخرج من تحت عباءته. كانت الانتفاضات مكلفة فى الأرواح كما فى الممتلكات ولكن كافية لتنهى مرحلة الاستعمار الصريح والمعلن ولتدشن مرحلة أخرى لها علاماتها.


• • •


شهدنا على دول كانت ذات يوم رائدة فى فلك الاستعمار راحت بكل شجاعة ووقار تخلع عن اسمها لقب «العظمى». بريطانيا فى مطلع هذه المرحلة لم تعد تخاطب الدول الأخرى تحت صفة «العظمى» ولكنها لم تتخل تمامًا عن بعض أساليب الاستعمار الأول. انحدرت المكانة ولكن بذكاء خارق استطاعت قيادته أن تحل بروحها وخبرتها فى جسد «المستعمرة الأمريكية» لتصير، وصارت، خير خلف لإمبراطورية لم تغب عنها الشمس إلا يوم أفولها.


• • •


كثير من أبناء جيلى تأملوا طويلا، وببعض الدهشة، المقابلة التى جرت وقائعها أمام جمهرة الصحفيين بين الرئيس الأمريكى القادم لتوه من آثار تجربة فى الحكم لم تكتمل وبين رئيس دولة أوكرانيا الضحية النموذجية لكل ما دخل من تغيير على تطبيقات مفهوم الاستعمار. نعرف، أو قل علمونا فى جامعاتهم، إن حلف الأطلسى أقيم لأهداف بينها هدف حماية ما تبقى لدول أوروبا الاستعمارية من نفوذ وممتلكات ومستعمرات بعد حرب أنهكت دولا كثيرة فى أوروبا وأنعشت الولايات المتحدة. للمرة الثانية فى أقل من ثلاثين عاما تخرج الولايات المتحدة من حرب عالمية منتصرة. فى هذه المرة الأخيرة لم تتردد الولايات المتحدة فى أن تتولى قيادة التيار الغالب فى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، تيار «تصفية الاستعمار»، فى شكله القديم، أى المباشر والقائم أحيانا على الاحتلال العسكرى. ولكن، وبدون الإعلان أى دون التصريح به، كان يهدف إلى حماية أنواع جديدة من «الاستعمار» سواء بالتدخل الأمريكى المباشر أو بأدوات وآليات حلف الأطلسى، وبإطلاق حرية أوفر للقطاع الخاص تحت حماية النفوذ السياسى أو باستخدام ظروف الحرب ضد الإرهاب أو بالتحالف مع أفراد وجماعات من المطورين والمستثمرين العقاريين وأصحاب شركات التكنولوجيا العملاقة وغيرهم من مؤسسى عصر الرأسمالية الجديدة، الذى هو بالمصادفة أو بالقرابة عصر الاستعمار الجديد.


• • •


المثال الأبرز هو ما كشفت عنه، وبجرأة أو تهور لم نشهد مثيلا له منذ بدأنا نتابع الانسحاب التدريجى للاستعمار بصوره التقليدية، المقابلة الأشهر فى تاريخ «دبلوماسية الاستعمار الجديد»، أقصد المقابلة بين زيلينسكى رئيس أوكرانيا وترامب الرئيس الأمريكى فى مكتبه البيضاوى وأمام الصحفيين المعتمدين لدى البيت الأبيض. كانت درسا تلقفه بالعناية اللازمة والقلق الشديد والإنكار العظيم زعماء عديدون فى عالم الدول الناشئة، وبخاصة الدول الزاخرة أراضيها أو بحارها بالمعادن النادرة ومقومات الطاقة المستجدة.


• • •


عشنا خلال المقابلة، مع ملايين المشاهدين من كل أنحاء العالم المستفيد من الشبكة الإلكترونية، دقائق غير مسبوقة من متابعة بالصوت والصورة أقصى درجات الضغط فى مقابلة دبلوماسية بين طرفين غير متقاربين فى القوة والنفوذ بل تفرق بينهما جميع حسابات ومعايير القوة المتعارف عليها فى العلاقات الدولية. بمعنى آخر كنا شهودا، بل وكنا أيضا كممثلى دول وشعوب من عالم الجنوب مشاريع ضحايا أو أطراف محتملة فى عملية استعمارية تقليدية صارخة ومكشوفة وصريحة «ومتوحشة» الأسلوب إن صح التعبير. أذكر ليلتها أن مضيفى وكان حديث العهد بالدبلوماسية على هذا المستوى الرفيع من الزعماء قال، بعد أن استمع إلى حوار رئيس أمريكا الحريص على إعادة أمريكا دولة عظمى مع رئيس دولة أوروبية صغيرة ولكن غنية بالموارد النادرة، «بشع هذا الاستعمار الجديد».


كانت «المقاومة» الضحية الثانية فى عمليات تغيير المفاهيم. كنا فى شبابنا نغنى لها أحلى الأناشيد. تعرفت عليها فى دورة تدريب جرى تنظيمها فى الأرض الفضاء الفاصلة بين كليتى التجارة ودار العلوم على ما أذكر. كان الانضمام للمقاومة شرفا لا يعادله فخر أو شرف آخر فى وعى مراهق أو شاب دخل للتو مرحلة النضج. أظن أننا نضجنا فى جو صحى شاركت فى صنعه المقاومة المسلحة ضد المستعمر الإنجليزي. تذوقنا متعة حمل السلاح لحماية وطن محتل، ويا لها من متعة!.


• • •


هناك فى غزة، وكنا فى رحلة كشفية، أقمنا معسكرنا فى باحة مدرسة. ذات يوم خرجت مبكرا بمفردى متوجها نحو مخيم الشاطئ. مشيت فى شوارعه وأزقته أبحث عن شاب حملت له رسالة من قريبة له فى القاهرة. وجدته. اصطحبنى فى المشى. اخترنا مكانا قصيا لنتحادث. هناك فهمت مجددا معنى أن تبدأ حياتك الواعية مقاوما. المقاومة تدفعك نحو حب الأرض التى تقيم عليها. الأقدام الثابتة فوق الأرض أول درس فى دروس صنع المقاوم. العدو على بعد أمتار من حيث كنا. «محرم علينا أن نذهب ناحيته لقتل أفراده أو تخريب منشآته أو إفساد مصادر مياهه إلا بإذن حراس الحدود، وهؤلاء يمثلون دولا، وللدول كما تعلم مصالح وترتيبات لا يحق للمقاومة الشعبية أن تهددها بغاراتها التى تشنها بغير استئذان حراس الحدود».


• • •


فى غزة سمعنا الشكوى تصدر مباشرة من حراس الحدود وقياداتهم العسكرية والمدنية، وبعضها على مستوى المسئولية فى جهاز الحكم المحلى فى غزة، وبعضها الآخر رفيع المستوى فى عواصم الدول المتاخمة، يشكون من حماسة أفراد المقاومة، «وقد دربناهم فى معسكراتنا أو فى مدارسهم، حماستهم تنسيهم أحيانا قاعدة الاستئذان لشن غارات داخل أراضى العدو. نشترط الاستئذان لمعرفتنا الأكيدة بأن العدو سيرد على الفور متجاهلا المقاومة ومستهدفا حراسنا ومنشئاتنا ومصالحنا. الأمر المؤكد عندنا هو أن المقاومة المرغوبة لتضحياتها وحسن تدريبها قد تصبح ذات يوم تحديا وحليفا لنا.. حليف ولكن بإرادة مستقلة!».


• • •


حدث كل هذا فى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى. كانت المقاومة المصرية تعمل فى منطقة القناة ضد معسكرات وأفراد الجيش الإنجليزى وكانت المقاومة الفلسطينية تعمل ضد مستوطنات إسرائيل، وكانت المقاومة الجزائرية محل إعجاب كل العرب بدون استثناء وشعوب الدول حديثة الاستقلال. وقتها سجلت المقاومة سطورا من النور تحكى بطولاتها وفضلها على شعوبها، سجلت أيضا فى تلك السطور فضل شعوبها ودعمها لها.


غريب أمر بشر بعينهم فى عصرنا الراهن، غريب كيف تعاملوا مع المقاومة. رفض البعض تسميتها بالمقاومة. بعض آخر أنكر وجودها كلية. بعض ثالث ألصق بها اتهامات وتجاوزات ما شاءت ثقافته السياسية العاجزة أن تبتكرها. بعض آخر تابع إنجازاتها البطولية ولكنه امتنع عن منحها الاعتراف الواجب أو التكريم المستحق خوفا من انتقام عدو أو حليف أو صديق أو ابن عم أو ابن خال أو حتى شقيق، لو أنه كان تجاسر وامتدح فضلها أو أيدها ولو لفظا أو ردد اسمها بعد أن أصبح من المحرمات أو كاد.


• • •


تغير المقصود بمفهوم الاستعمار وتغير المقصود بمفهوم المقاومة. تغير محتوى المفهومين ومفاهيم أخرى فى ظاهرة تستحق الاهتمام بالتسجيل والتنبيه. نحن فى أشد الحاجة إلى كتابات تتابع التغيرات التى أصابت، أو استجدت على، محتوى مفاهيم من نوع المطورين والمحرقة واليهودية والمسيحية الصهيونية والوسطاء أو الوساطة فى عصر الاستعمار الأجد والدبلوماسية فى زمن الفوضى، ومحتوى مفاهيم من نوع العروبة والشرق أوسطية الجديدة والأنهار الدولية والقانون الدولى وإسرائيل الكبرى والإقليمية الجديدة ومستقبل المواجهة الناشبة بين مفهومى السايكس بيكوية والترامبوية فى الشرق الأوسط على ضوء ما تغير، وما أكثره!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاهيم اختلفت معانيها مفاهيم اختلفت معانيها



GMT 14:44 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

تاج من قمامة

GMT 12:11 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

العراق والخطأ الذي كان صواباً!

GMT 11:57 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

أزمة فنزويلا وفتنة «الضربة المزدوجة»

GMT 10:09 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخلاقيات ومبادئ أم قُصر ديل؟

GMT 10:00 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

زيارة لواحة سيوة!

GMT 09:39 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

ذئب التربية والتعليم

GMT 08:47 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

عن التفكير

GMT 08:44 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صحفى كان بائعًا للصحف

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 18:51 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
  مصر اليوم - تقرير يكشف أنغروك يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt