توقيت القاهرة المحلي 19:08:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى فقه التعليم الجامعى..!

  مصر اليوم -

فى فقه التعليم الجامعى

بقلم - محمد صلاح البدرى

إنه الموسم السنوى للتقدم للدراسة بالجامعات المختلفة.. ذلك الوقت الذى يعقب ظهور نتيجة الثانوية العامة وحتى وقت بداية الدراسة بالجامعات.. أعاصره منذ زمن بعيد بصفتى عضواً بهيئة التدريس فى جامعة حكومية.. ولكننى لم أستوعب تلك الحيرة التى يقع فيها هؤلاء الشباب حديثو السن قليلو الخبرة وهم يفاضلون بين الكليات المختلفة إلا بعد أن مارست الحيرة بنفسى وأنا أشترك فى القرار مع ابنتى التى اجتازت امتحان الثانوية هذا العام..!

هى أيام عصيبة.. لا شك فى ذلك لكل الطلبة الجدد.. المستقبل يتم تشكيله الآن.. مجال الدراسة الذى سيستقر عليه الشاب هو ما سيحدد مجالات العمل التى ستتوافر له بعد سنوات قليلة..!!

المشكلة أننى لاحظت أن تخبطاً شديداً يعانى منه هؤلاء الشباب.. فباستثناء البعض منهم الذى قرر منذ زمن بعيد أن يدرس الطب أو الهندسة ونجح فى تحقيق رغبته.. فلا وجود لصورة واضحة للمستقبل فى باقى المجالات.. لا دراسة لأسواق العمل تم نشرها وتوضيحها للطلبة تساعدهم على اختيار المجال الذى يدرسونه ومن ثم يجدون بعده فرصة عمل متاحة.. ولا حتى تعريفاً بالبرامج الدراسية فى الكليات المختلفة.. اللهم إلا فى الجامعات الأهلية والخاصة.. والتى تحرص على وجود ذلك التعريف والبرنامج الدراسى كاملاً على شبكة الإنترنت كنوع من الدعاية.. الأمر الذى جعلنى -وأنا الأستاذ الجامعى- أجد حيرة فى اختيار الكلية المناسبة!!

والحقيقة أنه لا يمكن الحديث عن التعليم الجامعى فى مصر دون أن نؤكد فى بداية الأمر أنه لا ينبغى أن يصبح غاية فى ذاته.. بل هو وسيلة لتأهيل الشباب لأسواق العمل المختلفة.. فالأمر لا يتوقف عند منح الشهادة الجامعية فحسب.. وإنما ينبغى أن يرتبط التعليم فى الجامعات بسوق العمل المحيط.. ويوفر له خريجين مؤهلين للعمل بمعاييره ومتطلباته..!

ستجد تلك الحقيقة واضحة جلية فى دولة مثل ألمانيا التى تطلب أعداداً محددة كل عام فى الكليات المختلفة طبقاً لاحتياجات السوق المحلية.. بينما تتوقف تماماً عن دعم دراسة أى طالب يرغب فى كلية بعينها خارج النسبة المقررة.. ستجد لديهم تلك المصانع العملاقة التى تعقد شراكات مع كليات الهندسة الموجودة هناك.. تدعم أبحاث الطلبة والدراسات العليا.. وتستفيد من نتائجها أولاً بأول..!!

يحكى لى أحد رؤساء الجامعات الأهلية، الذى كان يعمل فى إحدى جامعات الولايات المتحدة من قبل، كيف أن بحثاً قد تم من خلال الجامعة التى يعمل بها أثبت أن سيارات الإسعاف تتأخر عن مواقع الحوادث لمدة تصل إلى دقيقتين بسبب انتظار الإبلاغ عن الحادثة.. الأمر الذى جعل الولاية تقوم بتركيب كاميرات ذكية فى كل طرق الولاية.. تقوم بنفسها بإطلاق إشارة لسيارة الإسعاف الأقرب إلى الموقع إن رصدت حادث سير..!!

إن العملية التعليمية بالجامعات باهظة التكاليف.. الأمر الذى يجعل تكلفة دراسة الطالب الواحد كبيرة بالفعل.. هى حقيقة أدركها العالم كله منذ زمن بعيد.. وأقر على أثرها أنه لا يوجد تعليم جامعى مجانى.. بل هناك منح دراسية للمتفوقين.. بينما يسمح للجميع بدراسة أى مجال طالما نجح فى اجتياز المقررات الدراسية التى يحتاجها لدراسته.. على أن توفر الدولة قروضاً ميسرة طويلة الأمد من البنوك الوطنية لتغطية نفقات الدراسة..!

ما زلنا لا ندرك هذه الحقيقة بالشكل الأمثل.. ولكننى أعتقد أن الوقت قد حان لإدراكها.. بل والتعامل على أساسها..!

إن فقه التعليم الجامعى يقوم فى أساسه على تجهيز متطلبات سوق العمل من خريجين مؤهلين ومدربين على الانخراط فيه بشكل فعال.. وإنتاج الأبحاث العلمية التى تقدم الدعم والمشورة لتلك الأسواق وللمجتمع ككل على أسس علمية واضحة.. والتفكير فى تطوير التعليم الجامعى فى مصر ينبغى أن يقوم على هذه القواعد.. ويخدم تلك الأهداف فى المقام الأول.. أو هكذا أعتقد..!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى فقه التعليم الجامعى فى فقه التعليم الجامعى



GMT 00:26 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

«حماس» والأردن... والمراهقة السياسيّة!

GMT 00:26 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

يا وزيرة الثقافة!

GMT 00:04 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

«الفيتو» الأمريكى؟!

GMT 19:39 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

غزة وتحديات ما بعد الحرب

GMT 00:04 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

العكس بالضبط

GMT 04:22 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

تسريحة الشعر المبلل في المنزل في 5 خطوات فقط

GMT 23:38 2017 الأربعاء ,09 آب / أغسطس

اختطاف مدرعة وضابط أمن مركزي في قنا

GMT 15:51 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

حلاوة المولد .. طريقة عمل البندقية

GMT 02:18 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

غاريث ساوثغيت يؤكد إصابة نجم "توتنهام" هاري كين

GMT 00:41 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

تعليق محمود كهربا بعد مشاركته الأولى مع الأهلي المصري

GMT 10:33 2019 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

دنيا سمير غانم تحتفل بعيد ميلاد زوجها رامي رضوان

GMT 21:35 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ابتكارات يوسف الجسمي التي أطلقها بفاشن فورورد

GMT 02:05 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

أحذية رياضية لصيف 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon