توقيت القاهرة المحلي 04:19:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

العدالة التى تطارد أمراء الحرب قادمة

  مصر اليوم -

العدالة التى تطارد أمراء الحرب قادمة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

بعد الحكم على على كوشيب، لم يعد السؤال: ماذا فعل الرجل؟ فهذا موثق فى آلاف الصفحات.

السؤال الحقيقى الذى يفرض نفسه الآن هو: ماذا يفعل قادة الحرب اليوم؟ وما الذى ينتظرهم؟.

لأن لحظة المحكمة لم تكن فقط لحظة إغلاق ملف من الماضى؛ كانت مرآة مفتوحة على الحاضر السودانى كله. مرآة تقول بوضوح إن الجرائم التى بدأت فى دارفور لم تتوقف يومًا، بل أعادت إنتاج نفسها فى مناطق أخرى، وبوجوه جديدة، وبشهوة أكبر للسلطة والمال والسلاح.

فالسودان يعيش اليوم أخطر اختبار فى تاريخه الحديث. اختبار بين دولة تريد أن تُبعث من الرماد، وجماعات سلاح تتكاثر كالأفرع السامة من جذع واحد زرع بذوره نظام البشير.

الدعم السريع، الذى يقود اليوم جانبًا من الحرب، لم يهبط من السماء. هو الامتداد الطبيعى للجنجويد، الصورة الأكثر تطورًا وتنظيمًا وتمويلًا، لكنه الصورة ذاتها: نفس العقيدة، نفس الذهنية، نفس الإيمان بأن السيطرة على الأرض والناس يمكن أن تتحول إلى حق مكتسب.

وفى الجهة المقابلة، لم يعد الجيش هو المؤسسة الصلبة القديمة، بل تشظّى تحت ضغط الصراع، وظهرت داخله وحوله مجموعات لا تختلف كثيراً فى سلوكها عن الميليشيات التى تقاتلها.

ما جرى فى الخرطوم ودارفور وكردفان خلال العامين الماضيين يضيف فصولاً أشد قتامة مما حدث قبل عشرين عامًا:

مدن أُفرغت من سكانها، أسواق نُهبت بالكامل، أطفال خطفتهم الحرب من مدارسهم، نساء اختفين بلا أثر، أحياء سقطت تحت سيطرة هذا الطرف أو ذاك ثم تحولت إلى رماد.

هذه ليست حربًا سياسية، ولا صراعًا على السلطة؛ بل انهيار كامل لفكرة الدولة نفسها.

ولأن الذاكرة السودانية مثقلة بالدم، فإن مشهد كوشيب فى المحكمة كان رسالة صارخة لمن يظنون اليوم أنهم فى مأمن. فالقادة الذين يديرون الجبهات الآن، من كلا الطرفين يكررون السيناريو ذاته الذى انتهى بالرجل فى لاهاى، إفراط فى الثقة، اندفاع خلف السلاح، شعور بأن المجتمع الدولى مشغول، وأن الزمن كفيل بطمس الجرائم.

لكن العالم تغيّر، هذه المرة، الجرائم تُوثَّق لحظة بلحظة؛ بالكاميرات والهواتف والأقمار الصناعية.

وملف جديد لسودان اليوم يُفتح فى كل عاصمة كبرى، تمامًا كما فُتح ملف دارفور قبل عقدين.

الذين يعتقدون أن الإفلات ممكن، عليهم أن يسألوا أنفسهم سؤالًا بسيطًا كم من أمثال كوشيب ظنوا أنهم خالدون؟

اليوم، تُفتح المقابر الجماعية فى دارفور من جديد، ويُعاد اكتشاف القصص نفسها. عائلات أُبيدت، شباب اختفوا، كبار سن تُركوا للموت، قرى مسحتها الميليشيات من الوجود.

وكأن السودان يدور فى دائرة مغلقة، يبدأ فيها كل جيل حربه الخاصة، ثم يُترك ليلملم أشلاءه منفردًا. ولهذا كان المشهد فى لاهاى مهماً؛ لأنه أول كسر حقيقى لهذه الدائرة.

فإذا كان على كوشيب هو وجه الماضى، فإن وجوه قادة الحرب اليوم هى وجه الحاضر الذى سيقف غداً أمام القضاة، مهما طال الزمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العدالة التى تطارد أمراء الحرب قادمة العدالة التى تطارد أمراء الحرب قادمة



GMT 23:56 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

صلاحيات الرئيس بـ«العبري» الفصيح

GMT 23:50 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المعلّمة الجميلة!

GMT 23:47 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المنصورة لها سحرٌ خاص!

GMT 23:44 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

العفريت الذى لا ينصرف

GMT 23:36 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللغز يتكرر في اليمن

GMT 23:34 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

«القصص» يغني «نشيد الحرية»!

GMT 23:31 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تشغيل التغيير

GMT 23:29 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

الفضيحة !

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 03:51 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
  مصر اليوم - السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:25 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الأسد

GMT 04:19 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة منى زكي تكشف عن حقيقة خلافها مع مصطفى شعبان

GMT 03:14 2017 الجمعة ,19 أيار / مايو

سعد لمجرد ينفي معرفته ما حصل مع لورا بريول
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt