توقيت القاهرة المحلي 20:04:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عجائب الضرائب

  مصر اليوم -

عجائب الضرائب

بقلم : أشرف البربرى

فكرة الجباية المسيطرة على الحكومة فى مصر وصلت إلى مستويات تتجاوز المنطق والعقل، ولا تحقق أى مردود اقتصادى حقيقى يشعر به المواطن اللهم إلا كلام المسئولين عن المؤشرات الإيجابية للمالية العامة ممثلة فى انخفاض عجز الميزانية أو تحقيق فائض أولى أو زيادة الموارد المالية للخزانة العامة دون أن يقولوا لنا هل كانت الزيادة نتيجة حصيلة الضرائب والرسوم على الأنشطة الاقتصادية التى تحقق قيمة مضافة للاقتصاد، ولا تمثل عبئا على المواطن، أم أنها حصيلة الرسوم والضرائب المباشرة التى يدفعها المواطن المطحون كلما اجبرته الظروف على التعامل مع أجهزة الدولة بدءا من رسوم شهادة الميلاد وانتهاء بشهادة الوفاة.
لم أكن أتوقع أن يصل عبث الجباية فى بر مصر إلى درجة فرض ضريبة قيمة مضافة على رسوم يدفعها المواطن مقابل الحصول على ورقة أو خطاب موجه من جهة حكومية إلى جهة أخرى، دون أن يرتبط الحصول على هذا الخطاب أى خدمة ملموسة، لكن هذا هو الحال. فحصول المواطن على خطاب من جهاز أى مدينة جديدة موجه إلى شركة الكهرباء مثلا لتركيب عداد يحتاج إلى دفع ضريبة قيمة مضافة بنسبة 14% من رسم الحصول على الخطاب، والحصول على خطاب موجه إلى شركة المياه يحتاج إلى دفع ضريبة مماثلة. وإذا أراد المواطن استخراج بيان نجاح من الإدارة التعليمية عليه أن يدفع رسم الحصول على هذا البيان ثم ضريبة القيمة المضافة.
وهنا يظهر سؤال مهم، ما هى القيمة المضافة فى عملية إصدار خطاب من جهة حكومية إلى جهة أخرى؟، وما هى القيمة المضافة فى إصدار بيان نجاح لطالب فى المرحلة الإعدادية حتى يتم فرض ضريبة عليها؟. وإذا كانت الحكومة ترغب فى الحصول على مزيد من الأموال من جيب المواطن البائس الذى لا يملك الاعتراض على هذه القرارات ، فلماذا هذه المسميات التى لا أرى فيها إلا العبث؟.
بحسب تعريف موقع «إنفستوبيديا» فإن «ضريبة القيمة المضافة هى ضريبة استهلاك تفرض على أى منتج فى كل مرحلة من مراحل تداوله والتى تضاف فيها قيمة إليه، فيتم فرضها عند بيع المادة الخام إلى المصنع، ثم يتم فرضها عند بيع المنتج من المصنع إلى تاجر الجملة، ثم عند بيعه إلى تاجر التجزئة وأخيرا عند بيعه إلى المستهلك الذى يستخدم هذا المنتج ويتحمل إجمالى الضريبة التراكمية التى تم فرضها فى كل المراحل». فأين هى القيمة المضافة فى خطاب الكهرباء أو المياه، أو بيان النجاح لكى يتم فرض هذه الضريبة عليه؟
ورغم أننى لست خبيرا اقتصاديا ولا أحيط علما بالنظم الضريبية فى العالم، ورغم أن ضريبة القيمة المضافة مطبقة فى 166 دولة بحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، فإننى لا اعتقد أن فرض ضريبة على الضريبة أو رسوم على الرسوم هو من الأمور المقبولة عقلا ومنطقا.
ثم إن رهان الحكومة المصرية على مدى السنوات الثمانى الماضية على منطق الجباية الذى يستهدف بشكل أساسى المواطن المطحون لم يحقق أى نتيجة اقتصادية إيجابية حقيقية، وإنما العكس هو الصحيح. فالإنجازات الاقتصادية التى يتحدث بها المسئولون، وتشيد بها المؤسسات الدولية المعنية أساسا بحماية مصالح الدائنين لدى الدول المدينة مثل مصر، ليس لها انعكاس ملموس على حياة المواطن المصرى مهما كانت طبقته الاجتماعية والاقتصادية، بعد أن طالت المعاناة الجميع.
أخيرا، إذا كانت السياسات الاقتصادية للحكومة لم تحقق حتى الآن مردودا حقيقيا بالنسبة للمواطن الذى يفترض أن يكون تحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية هو الهدف الأساسى وربما الوحيد لهذه السياسات، فعلى الحكومة إعادة النظر فيها، وفى القلب منها سياسة الجباية التى لا تستنزف فقط قدرات المواطن المالية وإنما تشعره بالقهر وفقدان الحيلة.
أشرف البربرى

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عجائب الضرائب عجائب الضرائب



GMT 18:49 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

جيل (z) الأمريكي.. أمل فلسطين

GMT 00:11 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

«عين الشؤم».. قصة قصيرة

GMT 00:25 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

كله من المطاعيم!

GMT 13:12 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

حديث الأمير الشامل المتفائل

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 06:23 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

بن شرقي يقترب من الانضمام للنصر السعودي

GMT 08:01 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

العاصفة دانيال تضرب 6 مدن مصرية خلال ساعات

GMT 06:15 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

أحمد رفعت يُؤكّد على سعادته بنجاح "نصيبي وقسمتك 2"

GMT 05:21 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

خلايا حماية الجسم من الأمراض تتفاعل مع الإجهاد

GMT 16:08 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل فواكه مجففة بالبسكويت

GMT 21:34 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة مروى تكشف حقيقة خلافها مع علا غانم

GMT 19:39 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

منتخب الشباب يفوز على موريشيوس بهدفين نظيفين

GMT 21:08 2016 الجمعة ,05 شباط / فبراير

أهالي كفر نوار يشيعون جثمان شهيد الواحات

GMT 00:00 2023 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

دورتموند يهزم أوجسبورج برباعية في يوم عودة هالر

GMT 23:24 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

كشف حقيقة وفاة إمام المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس

GMT 15:46 2021 الأحد ,12 أيلول / سبتمبر

المسرح العائم يستعد للعرض الكوميدي حلم جميل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon