توقيت القاهرة المحلي 18:13:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الجمال الأعزل» وصفة للنجاة

  مصر اليوم -

«الجمال الأعزل» وصفة للنجاة

بقلم: سيد محمود

فى مدينة ريمينى الايطالية التى أحب شغفها بالحياة لا ينقطع الحديث عن الجمال، ليس فقط لأنها مدينة المخرج الايطالى العظيم فلينى الذى جعل العالم كله يفكر فى السينما بطريقة مختلفة، وإنما لأنها تأتنس بالبحر وتعتمد فى شهرتها على «الافكار» التى يقترحها منتدى ريمينى للصداقة بين الشعوب.
وعبر أربعين عاما تحول المنتدى إلى أكبر تجمع فكرى فى غرب أوروبا ونجح فى جذب نحو 800 الف زائر فى أسبوع انعقاده الذى يشهد تقديم 179 لقاءً مع 625 محاضرًا، إلى جانب 25 عرضًا فنيا و 20 معرضًا و35 حدثًا رياضيًّا.
وبفضل نبل أهدافه أصبح الجمال مفردة رئيسية فى تلك الفعاليات حيث لا تخلو ندوة من إشارة تقود إلى اكتشاف الذات ومن ثم ادراك الجمال الإنسانى.
رفع المنتدى فى هذه الدورة شعارا تم اقتباسه من بيت شعرى يقول: «يولد اسمك مما كنت تُحَدِّق فيه»، ونبهنى الدكتور وائل فاروق عضو اللجنة المنظمة للقاء إلى أن العنوان هو بيت شعر لكارول ڤويتيلا (بابا الڤاتيكان الأسبق يوحنا بولس الثانى) لكنه يلقى الضوء على تجربة مررنا بها جميعًا، على الأقل فى اللحظات الحاسمة والأكثر أهمية فى حياتنا، وهى تجربة أن «اسمنا»، هو ماهيتنا الإنسانية، لكنه يولد مما نحدق فيه.
والمقصود شكل علاقتنا مع غيرنا، ما يعنى أن اكتشاف الذات يبقى مرهونا باختبار علاقتها مع عنصر خارجى وقدرة التفاعل معه.
وشىء من هذا يقوله الراهب خوان كارون الأب الروحى لحركة «شراكة وتحرر» المنظمة للمنتدى فى كتابه «الجمال الأعزل» الذى صدر عن مكتبة الإسكندرية فى ترجمة عربية بديعة أنجزها الدكتور حسين محمود أستاذ الأدب الإيطالى فى جامعة بدر.
وميزة هذا الكتاب كما يقول مترجمه أنه أقرب لكتب التأملات أو الشذرات التى تعتمد على فكرة لامعة ذات طابع صوفى يمنحها بعدا شعريا يسحبها من منطقة «النظريات» إلى فضاء روحى يخاطب الجميع دون تمييز وعبر لغة بسيطة تتجاوز الحدود الدينية وتجذب قارئها إلى فضاء المعنى.
وموضوع الكتاب الذى تم الاحتفاء بطبعته العربية داخل المنتدى ليس هو «الدين» رغم ان محتواه لا يبتعد عما يشغلنا فى مصر بشأن تجديد الخطاب الدينى أو التخوف من أن يؤدى اتباع نمط من التدين إلى شكل من أشكال التطرف والقتل باسم الرب.
يدافع الكتاب بوعى الفيلسوف عن العقل النقدى ويزكيه كآلية وحيدة للنجاة من المأزق الراهن، وبنفس القوة يزكى الايمان بالآخر.
الميزة التى يحققها منتدى ريمينى كما شرح حسين محمود تأتى من كونه التمثيل الحى والمتجسد لافكار خوان كارون الداعية للتعايش مع الآخر، وبناء مساحات من الحرية والتعايش فى مجتمع تعددى.
فى لقاء «ريمينى» الأخير الذى يختتم أعماله السبت المقبل تزداد فى كل فعالية مساحة حضور الثقافة العربية والإسلامية ورجالها ما يؤكد جدارة فكرة كارون على ضرورة ابراز الهوية الشخصية وليس الهوية الدينية واذا كان قد اعتبر فى كتابه أن اللقاء الإنسانى يعتمد على خلق ما يسميه «الفضاء الأبيض» حيث التحرر من الافكار المسبقة فإن مترجمه الفذ يقترح مصطلحا آخر هو «فضاء بلا ألوان» لأن البياض محمل بميراث يقوم على التمييز والمفاضلة.
وما يقترحه الكتاب هو الرهان على خلق عالم بلا مركزية وما يقصده بالجمال الأعزل هو الايمان القائم على تزكية نزعة الحب لا على عبادة النصوص.
وبنص الكتاب لا يوجد سبيل آخر يوصل إلى الحقيقة إلا عبر الحرية. فالتاريخ هو فضاء للحوار فى إطار من الحرية؛ وهذا لا يعنى أنه فضاء فارغ، أو صحراء قاحلة قوامها أطروحات للحياة؛ لأننا لا نعيش فى اللا شىء. لا يمكن لأحد أن ينهض على قدميه، وأن يقيم علاقة بَّناءة مع الواقع؛ دون أن يكون لديه شىء ما يستحق العيش من أجله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الجمال الأعزل» وصفة للنجاة «الجمال الأعزل» وصفة للنجاة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 04:47 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

معرض الدوحة الدولي للكتاب ينطلق في 9 مايو

GMT 07:50 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

حادث تحطم عنيف لأغلى سيارات فيراري على الطريق

GMT 16:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق طنطا يودع الكأس بالخسارة من الحدود بثنائية

GMT 23:43 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

"الجِفْتُون" و"الزَّبرجد" أهم جُزر "البحر الأحمر" السياحية

GMT 07:31 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

10 مطاعم مميزة في الطائف للعوائل تعرف عليها

GMT 10:50 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

شيرين رضا تنتقد قطع الأشجار

GMT 04:56 2019 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"أوبرا عايدة" تبهر الجمهور في الأقصر بعد 22 عامًا من الغياب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon