توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الغَثيانُ» من «سارتر» إلى المواطنِ العربي!!

  مصر اليوم -

«الغَثيانُ» من «سارتر» إلى المواطنِ العربي

بقلم:حبيبة محمدي

اشتهرَ الفيلسوفُ الفرنسى المعروفُ «جون بول سارتر» «Jean Paul Sartre»، بمصطلحٍ يُسمّى «الغثيان» «La Nausée».

فماذا يعنى هذا المفهومُ، فلسفيًا، وواقعيًا؟

هل هو حالةٌ شعوريةٌ عند الإنسانِ؟ أم سلوكٌ يأتى به عن وعيٍّ وإدراكٍ؟ أم أداةٌ للمعرفةِ؟

«الغثيانُ» عند الفيلسوفِ «سارتر» هو تجربةٌ وجوديةٌ (تُعبِّرُ عن الشعورِ بالعبثيةِ واللاجدوى فى الوجودِ...)، حالةٌ من اللامعنى والعبثِ، يشعرُ بها الإنسانُ، تشبهُ اللامعقولَ «الكَامَوى»، نسبةً إلى الفيلسوفِ الفرنسى «كَامُو». هى - إذًا - حالةٌ نفسيةٌ وفلسفيةٌ، وليستْ مجرّدَ شعورٍ جسدى بالغثيانِ!!

أما الغثيانُ كحالةٍ وجوديةٍ، فهو ناتجٌ عن وعيِّ الشخصِ بوجودِه كفردٍ مستقلٍ فى عالَمٍ لا معنى له مسبقًا، فيما يشبهُ حالةَ الاغترابِ.

وفضلاً عن كونِ «سارتر» فيلسوفًا وجوديًا، هو أيضًا روائى وكاتبٌ مسرحى، له مؤلَفاتٌ كثيرةٌ ومتنوّعةٌ...، وروايةُ «الغثيان» التى كتبَها سنة 1938، وتُرجمتْ إلى اللغةِ العربية، تبنَّى فيها طرحَ «الغثيان» كمفهومٍ وجودى، فهى تُعتبرُ روايةً فلسفيةً بامتيازٍ.

من خلالِ شخصيةِ البطلِ «أنطوان»، وهو مؤرخٌ، يعيشُ فى إحدى المدنِ الفرنسيةِ، والذى يعتريه شعورٌ غريبٌ ومزعجٌ يُسمّيه «الغثيان»! وهو إحساسٌ بعدمِ قيمةِ الأشياءِ فى الوجودِ مِن حوله، وبالعبثيةِ تملأُ حياتَه! ممّا يسببُ له عدمَ القدرةِ على المواجهةِ، ربّما نسمّيه «رُهابَ» الآخرِ والوجودِ والمعرفةِ، بينما يصفُ «سارتر» هذا الإحساسَ بأنَّه كشفٌ مفاجئٌ لطبيعةِ الوجودِ، حيث يفقدُ العالَمُ معناه وهدفَه.

يعيشُ البطلُ حالةً من الاغتراب عن العالَمِ وعن نفسِه، تشبهُ إلى حدٍّ بعيدٍ ما يشعرُ به المواطنُ العربى، اليوم!، منقسمًا بين إيديولوجياتٍ متعدّدةٍ لا يفهمُها، وإن فهمَها، لحظيًا، فهو لا يستوعبُ أبعادَها ولا يعلمُ مداها، هو اغترابٌ بين الحياةِ والعيشِ!!

حيث الحياةُ الحقةُ أن تعيشَ بمبادئِكَ وقناعاتِكَ، رغم الأحداثِ!، أما العيشُ، فهو أنْ تعيشَ حياةً ماديةً، فحسب!! حيث الصراعُ بين حياةِ القِيَّمِ أو الاستمرار فى حياةٍ بلا معنى!

إنَّه «الغثيانُ» محورُ الروايةِ، ومحورُ حياتِنا!، حيث الشعورُ بالانفصالِ عن العالَمِ والوجودِ.

والروايةُ، بوصفِها روايةً وجوديةً، تستلهمُ عنصرَ الوجوديةِ ذاتِه، حيث الإنسانُ هو صانعُ ماهيتِه، بكاملِ حريتِه، ومسؤولٌ عن أفعالِه، بل عن خلقِ معنى لحياتِه، فى مواجهةِ العبثِ.

وأخيرًا، رغم ما فيها من قلقِ الوجودِ وتيهِ التساؤلاتِ، تبقى روايةُ «الغثيانُ» للفيلسوفِ «سارتر»، من أهمِّ الرواياتِ فى القرنِ العشرين، ولها مكانةٌ خاصةٌ فى مجالِ العلاقةِ بين الأدبِ والفلسفةِ، وتُعلى من شأنِ الذاتِ الإنسانيةِ، والوجودِ الإنسانى، رغمَ كلِّ ما يَعيشُه الإنسانُ!!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الغَثيانُ» من «سارتر» إلى المواطنِ العربي «الغَثيانُ» من «سارتر» إلى المواطنِ العربي



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt