توقيت القاهرة المحلي 23:53:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نيمار ورونالدو... ونجيب محفوظ ودرويش

  مصر اليوم -

نيمار ورونالدو ونجيب محفوظ ودرويش

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تثبت الحركة السريعة للانتقالات والصفقات الكروية العليا معنى «كرة القدم» بوصفها أحد أبرز أسس التواصل بين الثقافات والشعوب. الحيويّة التي تبعثها تتجاوز اعتقاد البعض أن هذه المستديرة مجرد لعبة. إنها ثقافة وحركة وحيويّة، بل وقصيدة. كتب عن هذه الساحرة كبار الفلاسفة والشعراء في العالم. إنها اللعبة المهيمنة، لا على المستوى الرياضي فقط؛ وإنما هي السوق المتكاملة، واللغة الشاملة، والرافعة العليا لطريقة التلاقي بين الشعوب. من ينسى طريقة التعاطي بين الجمهورين السعودي والأرجنتيني في المونديال الأخير. ومن لا يتذكر قفزة جاك شيراك لأهداف زيدان في نهائي مونديال 1998؟! إنها قصص تروى متشابكة مع أساطير الأقوال والقصص، وعبقرية الفرد في الميدان. صفقات كثيرة هزّت العالم الرياضي بكل ما يفجّره من تكالب اقتصادي، وهجماتٍ إعلامية.

لقد تمكّنت السعودية من رسم مسارٍ سيؤثّر على عالم كرة القدم لعقودٍ طويلة. بانتقال رونالدو للعب في السعودية، قال: «إن السعوديين معجونون بكرة القدم»؛ وهذا دقيق، من النادر أن تجد سعودياً لا يأبه لنادٍ رياضي يتتبع نتائجه، أو لا يلعب كرة القدم مع الأصحاب، هذا فضلاً عن الألعاب الكروية الإلكترونية. إنها اللعبة المهيمنة لدى دول كثيرة في المنطقة والعالم.

كرة القدم جزء من يوميات معظم البشر. إنها تمثل لهم التحديات. البدايات والفرص والنهايات. ومع كل هذه الجلبة عدت للمكتبة وعثرت على كتابٍ متميز لأشرف عبد الشافي بعنوان: «المثقفون وكرة القدم»، لكن لماذا أعود إليه ملخصاً بعض أفكاره التي صدّرها كتابه حول العلاقة بين الرياضة والثقافة؟! لأثبت أن كرة القدم جزء لم ينفصل عن الحدث الثقافي ولا الاقتصادي ولا السياسي في يومٍ من الأيام.

صدّر عبد الشافي بكتابه قوله: «إن حديث الشعر والكرة لا يكتمل ويصبح ممتعاً إلا بذكر شاعرنا الكبير محمود درويش، وكان درويش (كروي) الهوى، يعشق سحرها ويتغزل في مهارات لاعبيها، وهو صاحب التعبير الشهير (كرة القدم أشرف الحروب). ويحكي الشاعر المغربي سعد سرحان أن محمود درويش في إحدى قراءاته الشعرية بمدينة فاس، قدّمته إحدى الكاتبات إلى الجمهور بكثير من المبالغة، بل بصفات فوق بشرية؛ مما أثار حفيظة الكثيرين. وحين تناول درويش الكلمة استهلها بشكر الحضور، وتعجب من حضورهم أمسية شعرية رغم وجود مباراة مهمة بين فرنسا وإسبانيا تذاع في التوقيت نفسه، ثم أضاف بخفة دم: (أنا من جهتي أفضّل متابعة المباراة حتى لو كان من سيحيي الأمسية هو المتنبي). كل ذلك في عشق الساحرة المستديرة التي جعلت روائياً كبيراً مثل عمّنا خيري شلبي يصفها بـ«سيمفونية الفقراء»، ويعلن وقوعه في غرام فريق الإسماعيلي رغم أنه زملكاوي الهوى.

ثم يروي عن نجيب محفوظ قوله: «اعتقدت في طفولتي أن الإنجليز لا يمكن هزيمتهم حتى في الرياضة... وعندما هزمناهم وقعت في غرام كرة القدم».

يعلق على ذلك بأن: «كرة القدم شغلت الكثير من عظماء العالم مثلما سكنت قلوب كثير من الأدباء والفلاسفة، وهناك عشرات الأعمال الأدبية التي اتخذت من اللعبة الأشهر في العالم محوراً أساسياً لها، بل إن عدداً من هؤلاء الأدباء، محبي الكرة، كانوا من الحاصلين على جائزة نوبل؛ لذا لم يكن غريباً أن تعدّ جريدة (نيويورك تايمز) ملفاً عن أدباء وفلاسفة اشتركوا جميعاً في حب كرة القدم والكتابة عنها، ولم يكن غريباً أن تختار (النيويورك تايمز) كاتبنا نجيب محفوظ ليلعب في مركز قلب الدفاع ضمن منتخب أدباء العالم، وفي تشكيلة هجومية اختارتها المجلة تضم أدباء كباراً جابت شهرتهم الآفاق، وبعضهم كتب عن الساحرة المستديرة أعمالاً إبداعية رائعة».

ارتبطت أسماء الكثير من اللاعبين بمفاهيم تفوق الرياضة؛ حيث يطلق على رونالدو البرازيلي وصف «الظاهرة»، أما نيمار الذي وقّع مع نادي الهلال قبل أيام لقب «الساحر»، بينما يطالع بعضهم من المتعلمين بعض الروايات والشعر ولديهم بعض الأفكار؛ مرّ زمن طويل على تعنت بعض المثقفين ضد كرة القدم متواطئين فيها مع تيارات متطرفة تعدّ هذه الصناعة العالمية العليا مجرد «لهو» أو «مضيعة وقت»، والحق أنها تعبّر عن رفاهية وحيوية يمكنها ترسيخ ثقافة الحياة بدلاً من ثقافة «التجهّم» لدى المثقفين، أو «ثقافة الاستعداد للرحيل» لدى المتطرفين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نيمار ورونالدو ونجيب محفوظ ودرويش نيمار ورونالدو ونجيب محفوظ ودرويش



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 02:17 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

التعبير عن الاحتياجات بذكاء تواصلي مع شريكك دون انتقاد

GMT 03:54 2018 الإثنين ,25 حزيران / يونيو

إرادة ألا تكون على الهامش

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

مقتل المرء بين فكّيه

GMT 18:50 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

سرقة نجمة لبنانية مشهورة من قبل مساعدها وتلجأ إلى القضاء

GMT 08:40 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل عملي لغسل الستائر في المنزل بسهولة وفعالية

GMT 17:32 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يحدد خريطة توزيع 52 ألف تذكرة لمواجهة العين الإماراتي

GMT 17:40 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

الطلاق التعسفي

GMT 09:24 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

تأجيل موعد مباراة إنبي والإسماعيلي ساعتين

GMT 13:17 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خبير مصري يكشف عن مقترح إثيوبي بشان سد النهضة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt