توقيت القاهرة المحلي 03:25:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا ننتقد خطاب السعادة؟!

  مصر اليوم -

لماذا ننتقد خطاب السعادة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

«نقد خطب السعادة»، عنوان كتاب أصدرته قبل أيام، والبعض تعجب من نقد خطاب السعادة في ظلّ تهافت الجموع للبحث عنها.

والواقع أن السعادة مختلفة كلياً عن خطابها، قلتُ مراراً أن خطاب السعادة المسوّق في الميديا مجرد حشو يعبّر عن استغلالٍ لمشاعر الناس المتلهّفين للوصول إلى ما يعدهم به المدّعي فحسب، وإنما يعبّر بالأساس عن مستوى فظيع من الجهل الذاتي، وممارسة التجهيل للآخرين، وهذا ليس مقتصراً على العرب، وإنما حتى في أوروبا وأميركا يومياً تطبع سلاسل من الكتب تتحدث وتسوّق لخطاب السعادة الرجعي الارتكاسي. والآن يمكننا البحث في تمتين تعاملنا مع مفهوم السعادة عبر التبحر في التناول الفلسفي لهذا المفهوم.

فالسعادة مفهوم متعدد بعدد أنفاس البشر. إن السعادة تكتسب لا نهائية بحثها من شبهها بالحقيقة. كل فيلسوف يفسر السعادة بناءً على التشييد النظري الذي بناه. حين يحدد كانط السعادة بأنها تظهر في: «الخير ذلك الذي يشبع الإنسان في كليته، سواءٌ على مستوى العقل، أو على مستوى الحساسية والنشاط الإنساني»، إنما ينطلق من نظريته في الواجب الأخلاقي، وبإزاء كانط نجد الفيلسوف الفرنسي «أندريه لالاند» يعرفّها بمعيار الغبطة والخير الأسمى، فيقول: «يقصد بالغبطة الإشباع الدائم والتام، إنها حالة مثالية. كما يقصد بها في الطب العقلي المعاصر، النشوة الدائمة، والمرفقة باللامبالاة تجاه الظروف والأحداث الخارجية، كما يرتبط هذا المفهوم بتصور ديني. ويقصد بالخير الأسمى في الفلسفة الإغريقية الخير بامتياز، الذي يكون خيراً في ذاته، والذي تكون الخيرات الأخرى بالنسبة له مجرد وسائل»، ثم يعرج على نظرتي أرسطو وكانط فيكتب: «أما في الفلسفة الحديثة، وعلى الخصوص عند كانط، فإن الخير هو ذاك الذي يشبع الإنسان في كليته، سواء على مستوى العقل، أو على مستوى الحساسية والنشاط الإنساني».

يمكن لأي طالب أن يقرأ عشرات المقاربات والتعريفات للسعادة ذلك أنها جزء من تجربة الحياة أولاً، ثم من صياغة كل فردٍ لحقيقته ثانياً، ثم لكل شخصٍ ونظريته الأخلاقية ثالثاً.

يمكن للقارئ الانتباه من هذه الخطابات الأيديولوجية والتسويقية للسعادة، فالهدف منها تضليله عن الحقيقة التي ينشدها، إن السعادة قد تجدها في الحب، أو المال، أو الدين، أو الصداقة، أو الجمال، لكن يجب أن تعثر عليها أنت بتجربتك من دون الاضطرار للإنصات لمعاتيه المثقفين والوعاظ في السوشيال ميديا ووسائل الإعلان والإعلام. إن سعادتك نتيجة لحقيقتك وهذا كله تعثر عليه أنت بمفردك.

كتب عديدة تطرح يومياً في العالم حول السعادة وبشكلٍ مخادعٍ أحياناً… إنها الخديعة الكبرى التي تتداول وتكرر في المنصات والبرامج والدورات التدريبية. إن السعادة جزء من لغزية الإنسان وتصوراته عن العالم والحياة والناس. من الضروري إعادة قيمة البحث العلمي حول السعادة لمواجهة الكلام العاطفي والخداع اللغوي والنفسي، وأحسب أن هذه الدراسة كانت ضافية ومعاييرها العلمية عالية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ننتقد خطاب السعادة لماذا ننتقد خطاب السعادة



GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 01:01 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:34 2021 الأحد ,04 تموز / يوليو

إصابة بيريسيتش نجم منتخب كرواتيا بكورونا

GMT 04:40 2021 الأربعاء ,31 آذار/ مارس

طريقة عمل جلاش ملفوف بالمكسرات

GMT 09:35 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين جريئة من وحي لين أبو شعر

GMT 03:19 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

العلماء يحلون لغزا عمره 100 عام بشأن مرض "السرطان"

GMT 11:05 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يتحدى نابولي على كأس السوبر الإيطالي

GMT 15:58 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

شوبير يكشف سر استبعاد الشناوي من مواجهة الاهلي وبطل النيجر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon