توقيت القاهرة المحلي 12:50:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيديو الكلباني الترفيهي... والتحول المجتمعي

  مصر اليوم -

فيديو الكلباني الترفيهي والتحول المجتمعي

بقلم : فهد سليمان الشقيران

بدت الفيديوهات التي ظهر بها الشيخ عادل الكلباني، مثل الذروة في التحول الذي يشهده المجال العام بالسعودية؛ الكلباني مقرئ وإمام وخطيب لجامع الملك خالد بالرياض، ثم عين إماماً في المسجد الحرام، وبعدها عاد للرياض للإمامة بمسجد المحسين، وقد انضوى منبره في التسعينات مع ظاهرة الصحوة آنذاك، فهو كان من الفاعلين والحيويين في الحركة الصحوية وتربطه علاقات متينة برموزها، حين سجن الشيخ عائض القرني بعد قصيدة له بجدة كان برحلة للعمرة مع الكلباني، سجن القرني وعاد الكلباني للرياض لوحده.

وقد انتشر اسم الكلباني بعد موجة «التوبات» آنذاك، وسجلت سيرته ضمن كتيبات الصحوة الشهيرة «العائدون إلى الله»، وتُفاجأ حين تقرأ بأن قصص التوبة كانت عن أمورٍ عادية مثل الضرب على الطبل أو العمل في مهنة «تحكيم» المباريات، هذا يبين مستوى الاختطاف للمجتمع السعودي حينها. الكلباني ألقى بعض الخطب النارية في تلك المرحلة، ولم تطل رحلة «معارضته» للحكومة، إذ سرعان ما عاد للحياة الطبيعية وترك التصعيد.

ظهر الكلباني بالفيديو ضمن دور تمثيلي لمشهد يتعلق بموسم الرياض. فكرة الفيديو ذكية للغاية، ونجح نجاحاً مدوياً، وهذا ذكاء من المسؤولين في هيئة الترفيه، ومعروف أن رئيس هيئة الترفيه المستشار تركي آل الشيخ، له قصب السبق في التنويع المجتمعي وقيادة تغيير وتحول محوري ضمن الرؤية التي رسمها الأمير محمد بن سلمان، بعبقريته الفذة، لذلك تجيء هذه الأفكار لغاية إمتاع الناس، وتقريبهم من الجو الذي كان عليه آباؤهم قبل رحلة الاختطاف التاريخية.

الكلباني تعرض لحملة منظمة بغية إلغائه، أفتى حول الغناء والموسيقى، وقدم آراء قوية يعلم أي طالب علم أن لها شرعيتها وهي مطروحة ومطروقة في كتب الفقه والشريعة، ولكن يجنح المتشددون نحو عدم ترويج الآراء السمحة في الشريعة، بل يغلّبون التشدد لئلا يؤخذ الناس بالتساهل عن العزم، وهذا فيه افتئات كترويجهم لمقولة «من تتبع الرخص فقد تزندق»، وهذه ليس لها أصل بل ومنقوضة بالحديث الذي رواه أحمد وصححه جمع من المحققين: «إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» ومنقوضة بآيات التيسير العديدة.

لقد مرت المجتمعات الإسلامية لحال من المزايدات في الشكليات والفروع، مقابل إهمال الروح التي اتجه الإسلام نحو تغليبها، فالإسلام غُيبت طوال العقود الماضية مقاصده ومعانيه وروحه، وبرز خطاب الوعيد والويل والتهديد والتشديد، وهذا ما جعل الترفيه مجرّماً ومحرّماً رغم عدم وجود ما يحرم ذلك أو يمنعه، فالأصل الشرعي أن ما في الدنيا مباح ومتاح ومبني على أصالة الحق والإتاحة، كما في مباحث أصول الفقه، وأن العبادات مبنية على التوقيف، فالحياة منطلقة والعبادات لا يجوز ممارستها إلا بنص، أما الحياة فلا يجوز تحريم أمر منها إلا بنص واضح وصريح، وهذا في موضوع الترفيه غير موجود.

بمتابعة ردود الفعل على ظهور شيخ بمشهد تمثيلي متقن الإخراج والأداء، وجدت الكثيرين في حالة اندهاش، وهذا يبين مستوى شغف السعوديين بالبهجة والحياة، بينما يصر البعض على تبخيس الشيخ الكلباني وكأنه قام بخطأ فاحش. ولردة الفعل هذه ربما سببان اثنان؛ الأول: أن التيار المتشدد أدرك حجمه الطبيعي في المجال العام.. لم يكن خيار المجتمع الأصلي بل أرغم الناس على الامتثال لهم بسبب الظروف السياسية والإدارية آنذاك، ومع إدراكهم لهذا التراجع المهول يريدون إسخاط الناس على الحكومة وعلى المسؤولين، ويتبعونهم بمن يعمل معهم بمشروع أو فكرة كما شغبوا على الكلباني في المشهد الأخير.

السبب الثاني: أن نجاح الموسم رغم الهجوم المنظم عليه من قبل منصات «الإخوان» ووسائل إعلامهم ضرب أمنياتهم بمقتل؛ جيوش إلكترونية، ومعارضون مأزومون، وتيارات إقليمية لها إعلامها كلها حاولت التشويه والتشتيت، لم تنجح خطة واحدة من خططهم ضد موسم الرياض، بل على العكس يزداد نجاحاً بعد نجاح، بل وتأتي الوفود من العالم للزيارة والاستمتاع بالموسم، فهنا ينبعث الخطاب الرجعي المتشدد المدعوم إقليمياً لغرض الانتقام من النجاح، ويجدون في مشاركة شيخ أو سوى ذلك مدخلهم لمحاكمة الفعاليات واتهامها.

الترفيه ليس ترفاً، بل يمثل جزءاً أساسياً من نجاح التنمية، وهو في عصب الرؤية، وكل فعالية إنما تمتن من قوة المدينة، فالمفهوم الحديث لأي مدينة أنها تتيح الخيارات المتعددة والأنشطة المختلفة للناس، الثقافي والفني والأدبي، والإنسان ليس مجبراً على الحضور، فالمدينة هي عدد من الخيارات وليست حملة من الإجبارات. الفعاليات تمثل نماذج وخيارات متاحة للناس لغرض الترفيه عن أنفسهم والاستمتاع بأوقاتهم داخل بلدهم من دون الاضطرار للسفر، وتكبد المشاق من أجل فقرة أو مسرحية.

إن المشاهد الرائعة التي نطالعها اليوم تبين حجم التطور والتحول في السعودية، قالها الأمير محمد بن سلمان، «نحن نعود إلى ما كنا عليه» هذه هي الصيغة الأساسية، إذ لم يأت أحد ببدعة. إن الرحلة نحو التنمية تتطلب تجاوز تلك الصفحة واستئناف رحلة الأولين في عصرنا السعودي القديم قبل الاختطاف، وعليه فإن النقلات التي نشاهدها تعبر عن نجاح هذه المهمة، وتفوق المسؤولين بالتغلب على كل الصعاب.

الرحلة للتو بدأت، هذا هو المجتمع الخلاق التائق نحو التطور، المتطلع بقوة نحو الحياة والبهجة، هذه هي القصة باختصار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيديو الكلباني الترفيهي والتحول المجتمعي فيديو الكلباني الترفيهي والتحول المجتمعي



GMT 08:19 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

فرنسا المنقسمة

GMT 08:15 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

مواسم الوزراء والمحافظين!

GMT 08:09 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

فى المساء مع قصواء

GMT 18:47 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

يوسف إدريس.. جنون الإبداع وتمرد الفكر

نانسي عجرم بإطلالة رقيقة في حفل لـ "Tiffany and co"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:06 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مصطفى شعبان يحسم عودته للسينما بعد غياب 14 عاما
  مصر اليوم - مصطفى شعبان يحسم عودته للسينما بعد غياب 14 عاما

GMT 12:28 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:43 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

الأرصاد المصرية تكشف موعد تحسن الأحوال الجوية

GMT 12:38 2021 الخميس ,11 شباط / فبراير

معسكر مغلق لـ سموحة قبل مواجهة طلائع الجيش

GMT 05:32 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

تحقيق دولي يكشف عن مافيا متخصصة في صيد نمور الجاكوار

GMT 03:11 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

اتحاد اليد الجزائري متمسك بالمدرب الفرنسي بورت

GMT 23:25 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

كورونا في بريطانيا.. حصيلة الوفيات تتخطى حاجز الـ100 ألف

GMT 01:11 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

مصر تهزم بيلاروس بعد جارتها روسيا في كرة اليد

GMT 03:10 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسباب الشعور بآلام أسفل الظهر عند الجلوس

GMT 20:49 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل بسكويت الشوفان في المنزل

GMT 07:01 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

استنشاق 5 روائح يساعد في إنقاص الوزن تعرف عليها

GMT 04:57 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"الصحة" تُجري دراسات لرصد أي تغيّرات جديدة لـ"كورونا"

GMT 20:31 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

تجديد حبس ابنة نهى العمروسي ونجل طولان في "فيرمونت" 45 يوما

GMT 23:06 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تغريم مدرب المنتخب النرويجي بسبب خرق قواعد الحجر الصحي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon