توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المريض الفلسطيني

  مصر اليوم -

المريض الفلسطيني

بقلم - فاتنة الدجاني

 يدخل الرئيس محمود عباس المستشفى 3 مرات خلال أسبوع. مؤشرٌ سيئ. يُعلن الأطباء أنه مصاب بنزلة برد، ثم يقرّون بعد تسريبات بأنه مصاب بالتهاب رئوي. يؤكدون أنه سيغادر المستشفى خلال يومين في أبعد تقدير، ثم يعلنون أن لا موعد محدداً للإفراج عنه. مؤشر غير جيد إطلاقاً.

قد لا يكون الأمر خطيراً بالنظر إلى عمر الرئيس. وربما ليس جديداً التستر على وعكات المسؤولين وأمراضهم أو إخفاء أسبابها الحقيقية. ولكن في الظرف الفلسطيني الراهن، فإن الغموض والتضارب في التشخيص يثيران حيرة وقلقاً.

والقلق منشأه أمور عدة، ليس أقلها التساؤل عما إذا كانت في مرض الرئيس شبهة تستحضر سيناريو تسميم الرئيس الراحل ياسر عرفات. لا بد أن هذا الخاطر مرّ في بالِ كثيرين. ولو كنا من أصحاب نظرية المؤامرة، وهي واردة على في حال، لقلنا أن مرض عباس مثير الشبهة. مرضُه، ورفضُه «صفقة القرن» الأميركية، واتهامه بأنه ضد السلام (مع أنه الأب الروحي لاتفاق أوسلو)، وحصاره إسرائيلياً (إن لم يكن في مقر المقاطعة) وأميركياً عبر خفض التمويل للسلطة وتجاوزها بفتح قنوات مع حركة «حماس» كبديل محتمل. كل هذا يستعيد ظروف وفاة عرفات الذي رفض صفقة سلام أميركية، فحوصِر في المقاطعة، واتُهم بأنه ليس رجل سلام، قبل أن يمرض، لتصدُر تكهنات كثيرة عن أسباب وفاته، بينها اتهام إسرائيل باغتياله.

ولكن، لا يبدو في الأجواء ما يثير الريبة، وإلا لسَرَت تسريبات، إن لم يكن فلسطينياً، ففي الصحافة الإسرائيلية. بالتأكيد هناك جهات إقليمية ودولية على دراية بالوضع الصحي للرئيس. لوهلة، يبدو مرضه مرتبطاً بالخداع الذي تعرض له من الإدارات الأميركية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، هو الذي كان يُمنّي النفس بأن يكون الرئيس الذي يحقق السلام. آمن بأن المقاومة السلمية هي الطريق، لكن حساباته جاءت مغايرة للواقع. فإسرائيل لا تريد السلام. تريد كل شيء. وربما هذا ما يُفسر ما تردد عن عصبية الرئيس ومزاجه السيئ هذه الأيام.

القلق على صحة الرئيس يذهب باتجاه الأسئلة التي يطرحها مرضه، وعلى رأسها سؤال الخلافة كمنعقد لكل التناقضات. فالرئيس ممسك بأهم ثلاثة مناصب قيادية: رئاسة كل من السلطة، ومنظمة التحرير، وحركة «فتح». صحيح أن المجلس الوطني الفلسطيني الذي اجتمع قبل نحو شهر، وضع الآلية الدستورية للانتقال السياسي، وجعَل مسألة الخلافة من صلاحية المجلس المركزي للمنظمة، لتفادي مشكلة تعطُّل المجلس التشريعي في ظل الانقسام الوطني، لكن هذا لا يكفي.

صراعُ الخلافة احتمالٌ لانقسامٍ آخر لا تحتمله الساحة الفلسطينية. فمن سيَرِثُ الرئيس؟ وهل ستجري ترتيبات ما بعده بهدوء وسلاسة؟ وما ملامح الرئيس المقبل؟

الجواب الأسهل المطروح دستورياً، كما في الساحة الفلسطينية، هو تقاسم مجموعة من قيادة «فتح» المناصب الثلاثة، إن لم يكن بالتوافق، فبالانتخابات. ولكن، ماذا سيحدث إن لم يأت انتقال السلطة بسلاسة؟ وماذا لو ترشح أحد من خارج الإطار «الفتحاوي»، مثلاً قيادي بارز من حركة «حماس»، وفاز؟

أما الترشيحات نفسها، فلا تتوقف. بعضها فلسطيني، والآخر يتداوله الإعلام الإسرائيلي. والمشكلة أن أياً من الأسماء المتداولة لا يحظى بتوافق أو إجماع، إما لأنه من جيل الشباب، وإما لقصور ما في المرشح، وإما لأن قوته تنبع من الداخل ولا علاقات له بالخارج، فيما الدول المعنية تنتظر الدفع بمرشحيها. على رغم ذلك، يجدر التذكير بأن من يراهن على قيادة جديدة لتمرير «صفقة القرن»، عليه أن يعيد النظر. لن يكون هناك رئيس فلسطيني يرضى بتسليم القدس والتنازل عن حق العودة أو أي من الثوابت الوطنية.

إن كان مرض عباس يشير إلى ضرورة ترتيب خلافته، فليس المقصود تسمية من يخلفه فقط، بل إزالة كل الخلافات العالقة بمؤسسة الرئاسة. الخطر الداهم، ومؤشره مرض الرئيس، هو الفوضى المهدِدة لمعظم المتبقي من المنجزات السياسية الفلسطينية، سلطة ومجلساً وطنياً ومنظمة، لا سيما إذا تذكرنا أن هذه كلها هي الرئيس وحده.

نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المريض الفلسطيني المريض الفلسطيني



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt