توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التطرف

  مصر اليوم -

التطرف

بقلم: ريهام فؤاد الحداد

ليس هذا مقالى الأول عن التعصب والتطرف، ولن أملّ من ذكر هذا الشر والتنبيه إلى مخاطره والتحذير من شروره.

التطرف هو فكر الشيطان وسلاحه لتناحر وتنازع واختلاف البشرية وقضاء أبناء آدم على بعضهم البعض.

التطرف هو أن تثق برأيك فقط وبأفكارك وتنكر آراء وأفكار الآخرين، بل وتحاربها وتقمعها وتبيدها إن استطعت.

التطرف هو الزيادة والمبالغة فى الوصول إلى أطراف الأمور فى «مغالاة مستهجنة» لكى يصعب التلاقى أو التفاهم أو الاتفاق.

التطرف تكبُّر وغرور واحتقار للآخر، وشر وعنف وبغض وقلة محبة، هو ضيق أفق وانغلاق عقل وغلظة قلب، هو جهل بفلسفة الكون ومعنى الحياة والهدف منها ورسالتها.

التطرف هو حيلة الشيطان لانقطاع تواصل البشرية، وفهمها واقترابها من بعضها بعضاً، فكل جبابرة العالم وطغاته كانوا متطرفين (سياسياً أو دينياً أو عرقياً).

تخيل معى لو أن الناس، على اختلافاتهم الشتى، استوعب بعضهم بعضاً، وقبلوا الاختلافات وتعاملوا معها بسلام وفهم واستيعاب، وإن لم يستطيعوا قبول هذه الاختلافات على الأقل يستطيعون احترامها والوقوف عند حدودها، حينها لن تكون هناك حرب أو عنف أو قمع، بل ولربما تلاقى البشر عند حلول وسط ومفاهيم وسطية لتكتمل الصورة كقطع (البازل).

على سبيل المثال، نجح الإعلام الدولى الموجّه فى إلصاق تهمة وجريمة التطرف بالمسلمين، وهذه الفكرة بحد ذاتها قمة فى التطرف ومحاولة النيل من الآخر، إذ إنهم تناسوا تاريخ البشرية المتطرف والإرهابى قبل ظهور الإسلام أساساً، وتناسوا أيضاً أن التطرف قد طال كل الشعوب والمعتقدات والعقائد فى الأزمنة المختلفة!! إذاً التطرف لا دين له ولا هوية ولا جنسية.

بمناسبة الجنسيات والأجناس البشرية، إن أسخف أنواع التطرف هو النابع من كره الآخر كونه فقط من جنس بشرى مختلف وبلون مختلف وبلغة مختلفة، أو من أرض مختلفة!! ومن ثم احتقاره وقهره وإذلاله!!

أما التطرف الدينى فهو الغاية الكبرى لإفساد هذا الكوكب وبُعده عن الله، لأن التنافس فى إعلان الإيمان والتقوى ومحاولة إثبات كل فئة وديانة بأنها هى الأصح وغيرها إفك وضلال، يجعل الناس تتناحر، ويعيب كل ذو دين ومذهب على الآخر، ويبدأ فى التشكيك والنقد والرفض، ليحمل وحده راية الإيمان والصلاح والفهم دون الآخرين، فأنت ببساطة تستطيع أن تجد المتطرف يهودياً أو مسيحياً أو مسلماً أو حتى بوذياً!!! والغريب أن ما يتهم به كل دين الآخر، يجد آخر يتهمه بذات الاتهام، وكأنه تسلسل من انقطاع الفهم أو التواصل!!! لمصلحة من! لمصلحة «الشيطان» لإضلال أكبر عدد من البشر ولزجّهم جميعاً فى الجحيم.

دوماً ما اقتنعت أن التطرف مصدره الخوف وعدم الثقة بالنفس أو عدم الفهم التام لحقائق الأمور، ربما تكون من أتباع فكر سليم أو عقيدة سمحاء لكنك لا تفهمهما بالشكل التام الصحيح ويلتبس عليك الأمر ويفسر لك الفكرة كاره متطرف حاقد أو جاهل أحمق فيلتصق بذهنك الفكر الخاطئ، وليدعم شره ويتم أمره يقنعك بأن لا تفكر ولا تسأل لأن هذا الأمر ليس من اختصاصك، وهناك من يفكرون بدلاً عنك، فقط أطع الأمر وابغض الآخر فهو مختلف عنا، بل وحاربه إن استطعت فهو عدو!!

الواثق من فكره ومعتقده والذى يشعر بقوة موقفه يجب أن يتسامح مع المختلف، لأن شعوره بالفهم وبتفهُّم الآخر يجعله يقف على أرض صلبة واثقة.

فى النهاية، اختلفنا أم اتفقنا، سياساً أو اجتماعياً أو دينياً، فليقدم كل منا أفضل ما عنده فى هذا الكون، ليفيد وينفع الجميع ويكف أذاه عن العالم، أما معتقدك وأفكارك واتجاهك فلا تفرضها على غيرك، وإن كنت مقتنعاً بها، فما عليك من الآخرين واختلافهم!! (خليك فى حالك وركز فى أمورك).

توقفوا عن إلصاق التهم بالآخرين وازدرائهم والهجوم عليهم، مستغلين فى ذلك أفعالاً قبيحة لبعض المنتمين إليهم! استخدموا العقول للاستيعاب وتفهُّم الأمور، وفضيلة التسامح لإمكانية التعايش وإعمار الأرض بسلام. ولا تظلموا الناس وتلصقوا بهم ما يتبرأون هم منه. إن أردتم معرفة الحقائق فتناقشوا مع المعتدلين العقلاء من أى اتجاه أو فكر، وستجدون الاتفاق أكثر من الاختلاف بكثير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطرف التطرف



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:36 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله
  مصر اليوم - ميسي يتحدث عن العامل الحاسم في اعتزاله

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه

GMT 04:36 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

ابن الفنان عمرو سعد يكشف حقيقة انفصال والديه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon