توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في خيمة القذافي... كانت لهم أسرار

  مصر اليوم -

في خيمة القذافي كانت لهم أسرار

بقلم :عبدالله بن بجاد العتيبي

القذافي، الرجل الذي مات فانتشرت أسراره وفُضحت تسجيلاته، وأصبحت تسريبات ما جرى في تلك الخيمة سيفاً مصلتاً على رؤوس الخونة والغادرين، ونوراً كاشفاً لما كانوا يكيدون، وكُشفت المؤامرات التي كانت تحاك في الظلام، ودور كل مشتركٍ كبُر أم صغُر، ولم تنتهِ القصة بعد.
قصة جماعة «الإخوان» مع ليبيا قصة مهمة، ومن الجيد استحضارها قبل البدء في التعليق على تسريبات خيمة القذافي. وكانت البدايات بأن واحدة من الحركات التي تأثرت بها الجماعة ومؤسسها حسن البنا، هي الحركة السنوسية في ليبيا، بوصفها حركة دينية عملت سياسياً لتحقيق الاستقلال الوطني. ومن أشهر القصص في بدء العلاقة لاحقاً بين الجهتين هي القصة المشهورة التي جرت في عام 1949عن لجوء ثلاثة من الجماعة المصرية إلى الأمير إدريس السنوسي في برقة، وقد أجارهم من مبدأ ديني، وربما فيه شيء من السياسة، وذلك بعد اغتيال النقراشي باشا واغتيال حسن البنا، وهم كلٌّ من: عز الدين إبراهيم، ومحمود الشرنوبي، وجلال الدين سعدة.
في 1954، وبعد حادث المنشية ذائع الصيت، ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر من قبل جماعة «الإخوان المسلمين»، هربت مجموعة أكبر من «إخوان» مصر إلى ليبيا، والتحقوا بمن سبقهم من «الإخوان» هناك. وكطبيعة هذه الجماعة، فقد شرعت منذ البداية في تأسيس تنظيم داخل ليبيا، واستقطاب المواطنين الليبيين وبخاصة الشباب، ومن هنا وفي العام نفسه قام عنصر «الإخوان المسلمين» الشاب الليبي الشريف محيي الدين السنوسي بأول عملية اغتيال لناظر الخاصة الملكية إبراهيم الشلحي، فغضب الأمير إدريس السنوسي، ومنع «الإخوان» من العمل السياسي.
في 1969، وبعد انقلاب القذافي، تصالح وعمل مع «الإخوان» لثلاث سنواتٍ، وتسلموا مناصب حكومية، ثم منعهم القذافي، ومنع كل الأنشطة السياسية والحزبية في البلاد، ولاحقاً في التسعينات خرجت في ليبيا حركات إرهابية من أبناء حركة «الإخوان»، ومنها «الجماعة الليبية المقاتلة» والتي اشتهر من قياداتها عبد الحكيم بالحاج.
قبيل ما كان يعرف بالربيع العربي، تبنت قطر إرسال عدد من «الإخوان المسلمين» و«السروريين» وغيرهم من رموز الإسلام السياسي، ومنهم: يوسف القرضاوي، وسلمان العودة، ومحمد العريفي، وحاكم المطيري، ومبارك الدويلة، وعشرات ممن يسمون الدعاة، ليلتقوا بالقذافي وبابنه سيف الإسلام تحت شعارات المصالحة، ومشروع «ليبيا الغد»، وبناء شرعية جديدة يرث بها حكم والده، ومن ضمن ذلك إخراج الإرهابيين من السجون. وقد تحدث عن ذلك صراحة سيف الإسلام القذافي، وقال: «إنني كنت تلميذهم المدلل».
في 2011، تآمرت قطر وتركيا وجماعات الإسلام السياسي على ليبيا، وسقط حكم القذافي بتخطيط تركيا وأموال قطر ومقاتلي «الإخوان» والإرهابيين المسلحين والمدربين على القتال، وسلاح سودان البشير، وحكموا ليبيا.
تسريبات الخيمة ومنذ بدايتها قبل سنواتٍ ضربت المشروع القطري ضد المملكة العربية السعودية، وضد الدول العربية، في الصميم، فقد اتضح حجم المكر الذي كان يحاك والكيد الذي كان يجري، وعلى لسان قائدَي المشروع التخريبي الإرهابي حمد بن خليفة وحمد بن جاسم.
نمط نشر التسريبات يوحي بأننا لم نزل في البداية، وخصوصاً أن وتيرة التسريبات قد تسارعت وأصبحت أوسع نطاقاً، فأصبح المشاركون في التسريبات مع القذافي من عناصر «الإخوان المسلمين» أو أمثالهم ينتمون لأكثر من بلدٍ خليجي، فبعضهم من قطر أو الكويت أو عمان أو غيرها، وطريقة التسريب تتسم بشيء من الذكاء، والمصادر التي تسرب له تلك التسجيلات متنوعة، ما يضمن رقعة انتشار أوسع.
لم تظهر بعد تسجيلات «القطط السمان» من رموز الإسلام السياسي، ويفترض أنها ستخرج في المستقبل، وعندها ستتضح أبعاد جديدة لمساحة المؤامرة، واستعداد الغادرين للخيانة مهما كبرت أسماؤهم، وادَّعوا التسامح في خطابهم الفقهي؛ لأن خطابهم السياسي مليء بالتكفير وفتاوى القتل والتفجير.
حروب الوثائق والتسريبات هي أحد تجليات الصراعات السياسية والحروب الساخنة منها والباردة، وهذه التسريبات توضح بجلاء لكل المتابعين أن المؤامرة التي كانت قائمة ليست مجرد وهمٍ؛ بل هي حقيقة ماثلة للعيان بشواهدها وشخوصها، وبأصواتهم وكلماتهم وتفاعلهم.
التسريبات السياسية لها حسابات تختلف بحسب الأشخاص والحديث والسياق، أما تسريبات عناصر الإسلام السياسي فهي تأتي صريحة في سياق ما ثابت عليهم من قبل التسريبات، وما هو نهج للجماعة وعناصرها، من رفض فكرة الوطنية، وعدم الاعتراف بالدولة الوطنية الحديثة، وأن مشروعهم هو استخدام الدين لخدمة الهدف الأكبر لهم، وهو الوصول إلى السلطة، وكل التسامح الفقهي الذي يطلقونه إنما هو لتبرير التشدد السياسي الدموي والإرهابي.
الغدر صفة ثابتة لدى جماعات الإسلام السياسي، ويكفي استحضار أحاديث رموز الإسلام السياسي عن اتصالاتٍ بينهم وبين سيف الإسلام القذافي بعد أحداث 2011، وثناؤهم المعلن والموثق عليه قبل الأحداث، ثم انقلابهم التام بعدها، ما يعني أن العلاقات معه كانت وطيدة، وأنهم بكل بساطة قلبوا له ظهر المجن، ما جعله يقول عنهم: «كانوا يأتون عندنا ويتملقوننا ويلعقون أحذيتنا».
تسريبات خيمة القذافي كشفت – أيضاً - أن عناصر الإسلام السياسي مستعدون للَّعب على كل الخيوط، في السياسة هم سياسيون، براغماتيون وفي الدين هم متطرفون إرهابيون دمويون، ويلعبون على خيوط المجتمع والقبيلة والمال، وكل ما يمكنهم من إسقاط الدول والاستيلاء على السلطة، كما أوضحت أنهم بلا كرامة ولا مبدأ، فهم كانوا يكفِّرون القذافي، ثم وصلوا إلى بلاطه متملقين يمارسون الشحاذة، طمعاً في فتات الأموال، عبر التآمر على أوطانهم وخدمة لمشروعهم الكبير، وعادوا بعد ذلك لتكفيره والإفتاء بقتله واغتياله، كما كانت الفتوى الشهيرة ليوسف القرضاوي.
تسجيل محادثات الزعماء السياسيين أمرٌ طبعي في السياسة، وهي تحفظ في محاضر رسمية، ولكن القذافي كان يسجل كل ما يجري في خيمته، وهو ما يوضح تصرفه الغريب بنقل خيمته لكل بلدٍ يزورها حتى يسجل أحاديث ضيوفه، وربما خشية من أن يسجل أحد أحاديثه، والمفارقة أن كل حرصه على محادثاته ذهب أدراج الرياح، وأصبح غالب ما كان يدور في تلك الخيمة مبثوثاً لكل الناس.
أخيراً، فمنذ سقوط نظام القذافي وليبيا لم تهدأ سياسياً بين تيارات الإسلام السياسي وميليشياته وبين الشعب الليبي، منذ مصطفى عبد الجليل والمجلس الانتقالي، وصولاً إلى فائز السراج وحكومة تركيا و«الإخوان» والميليشيات والمرتزقة في طرابلس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في خيمة القذافي كانت لهم أسرار في خيمة القذافي كانت لهم أسرار



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon