توقيت القاهرة المحلي 15:06:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المشهد الأخير

  مصر اليوم -

المشهد الأخير

بقلم: د. محمود خليل

يحدث أن يصعد بعض الحمقى إلى سدة الحكم داخل دول كبرى، لكن ارتكان هذه الدول إلى مؤسسات حقيقية وثقافة سياسية عميقة سرعان ما يؤدى إلى تصحيح الأوضاع.

تمكن «ترامب» من رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2016 فى ظل مزاج شعبوى لم يكن لديه مانع من الانسجام مع بعض الأفكار الشاذة الداعية إلى الاعتماد على القوة القاهرة من أجل إملاء الإرادة على الآخرين، والتطرف فى الفكر والاعتقاد، ونفي الآخر، والتسخيف من الفكرة الديمقراطية واحتقار المؤسسات التي تعبر عنها، وتمجيد الحكم الفردي العائلي، والقفز على قيم ومبادئ حقوق الإنسان.

لم يمر على الأمريكان أكثر من 4 سنوات حتى أدركوا فساد هذا المزاج وعقم ما يطرحه من أفكار، وتنبهوا بسرعة إلى أن الاستسلام لما يطرحه الشعبويون سيؤدي بهم إلى الهلاك والانهيار.

لم يفارق العديد من السياسيين وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكي الحقيقة وهم يعلقون على مشهد اقتحام مبنى الكونجرس يوم 6 يناير الجاري، حين قالوا إن «ترامب» يريد تحويل الولايات المتحدة الأمريكية إلى واحدة من دول العالم الثالث، أو إلى جمهورية من جمهوريات الموز.

لقد صوَّر الخيال الشعبي لـ«ترامب» أن بإمكانه إيقاف عملية تصديق الكونجرس على فوز بايدن بالانتخابات عبر مجموعة من «الشبيحة» من جماعات اليمين المتطرف، لكن المؤسسة التشريعية تحدته وأصرت على مواصلة جلسة التصديق حتى تمت.

اليمين المتطرف ومن تحلَّق حوله من الأمريكيين العاديين تحركوا بدعوة صريحة واضحة وعلى الهواء مباشرة من دونالد ترامب الذي طلب منهم -دون مواربة- الذهاب إلى الكونجرس وإيقاف عملية سرقة الانتخابات.

الفرد الذي يظن أن بإمكانه مواجهة «إرادة شعبية» اختارت غيره هو شخص غارق في الوهم حتى أذنيه. وقدَر من يفكر بهذه الطريقة الخسارة تلو الأخرى.

خسر «ترامب» الانتخابات حين ركبت الشعبوية رأسه وهو يواجه مظاهرات الأمريكان ذوي الأصول الأفريقية ضد تفكيره العنصري، وبعد أن عجز عن تحريك مؤسسات الدولة، التي تحكم حركتها قوانين ونصوص دستورية صارمة، لقهر هذه المظاهرات، لجأ إلى جماعات اليمين المتطرف «الشبيحة» للتعامل مع المتظاهرين.

خسر «ترامب» الانتخابات أيضاً حين أساء إدارة ملف جائحة كورونا بطريقته الشعبوية العجيبة، ولم يحاول أن يتعلم من قيادة أوروبية مخضرمة وعقلانية، مثل أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا.

أكثر من 70 مليون أمريكي كانوا يفضلون استمرار «ترامب» كرئيس للولايات المتحدة لمدة ثانية. مؤكد أن بعضهم أصيب بالهلع من عقلية الرجل وهو يراقب مشهد اقتحام الكونجرس.

نواب جمهوريون كثر كانوا يخشون «ترامب» ويخافون على مستقبلهم السياسي من غضبه راجعوا أنفسهم أمام المشهد المزعج وأصروا على استكمال جلسة الكونجرس للتصديق على فوز «بايدن».

مؤكد أن «ترامب» أضاف المزيد من الخسائر إلى خسارته الكبرى للانتخابات. وهي خسائر تهدد مستقبله السياسي برمته.

مقربون من «ترامب» سبق أن أعلنوا أنه ينوي تدشين حملة جديدة للمنافسة على رئاسة الولايات لأمريكية عام 2024 في نفس يوم تنصيب «بايدن» (20 يناير الجاري)، ولك أن تحدثني عن فرص «ترامب» إذا قرر السير في هذا الطريق بعد مشهد اقتحام الكونجرس.

كتبت يوم 7 نوفمبر الماضي مقالاً بعنوان «سفينة الشعبوية الغارقة» وصفت فيه حال ترامب وهو يترنح في الانتخابات، وكيف سيشكل فشله فيها بداية النهاية لـ«الفكرة الشعبوية»، وقد أبى الرجل إلا أن يكمل المشهد حتى النهاية.

خلافاً للكثير من شعوب العالم يملك الشعب الأمريكي ثقافة تمكنه من القدرة على التعلم والتصحيح، ومؤسسات راسخة تمنع الفرد مهما كانت درجة شططه من جرّ المجموع إلى حافة الهاوية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشهد الأخير المشهد الأخير



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بلقيس تتألق في صيحة الجمبسوت وتخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:34 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

نصائح لتنسيق إكسسوارات عيد الأضحى بكل أناقة
  مصر اليوم - نصائح لتنسيق إكسسوارات عيد الأضحى بكل أناقة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

منصة "إكس" تمنح المشتركين ميزة التحليلات المتقدمة
  مصر اليوم - منصة إكس تمنح المشتركين ميزة التحليلات المتقدمة

GMT 21:14 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

الفنانة مي فخري تعلن ارتدائها الحجاب بشكل رسمي

GMT 09:50 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

معلومات مهمة عن عداد الكهرباء مسبوق الدفع

GMT 09:34 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

"دويتشه بنك" يتوقع حلول "عصر الفوضى"

GMT 14:16 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 13:50 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

إصابة نجل جوليا بطرس بفيروس كورونا في لندن

GMT 08:12 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يعود من دبي من أجل "البرنس"

GMT 21:16 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أول تعليق لـ"منى فاروق" على شائعة انتحارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon