توقيت القاهرة المحلي 03:55:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوهام القوة

  مصر اليوم -

أوهام القوة

بقلم: د. محمود خليل

لا أذكر عاماً تعددت فيه الرسائل الدالة على «ضعف الإنسان» مثل عام 2020 الذى توشك شمسه على الأفول.

ضعف الإنسان مسألة نبَّه إليها القرآن الكريم، يقول تعالى: «يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفاً»، ويقول: «الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة»،

والقوة التى تقع بين ضعفين ليست أكثر من وهم.

مع مطلع الألفية الجديدة دخل العالم طوراً ومرحلة جديدة من مراحل تطوره، وبدأ التبشير بعالم جديد تحكمه التكنولوجيا، ويتباهى أهله بالقدرة على التعامل مع الكرة الأرضية ككتلة واحدة، يندمج البشر الذين يعيشون فوقها معاً، وتذوب الحدود الفاصلة بينهم، ليصبح العالم سوقاً واحدة على مستوى الاقتصاد والسياسة والإعلام والثقافة، يسيطر عليه القادرون الذين يشعرون بفائض القوة.

ابتلاء كورونا (2020) ضرب البشرية كلها وأثبت أن كل ما بلغته من تقدم على مستوى العلوم، وما حققته من طفرات تكنولوجية، لم يحل بينها وبين الإحساس بالعجز والحيرة أمام فيروس جاء من علوم الله.

ليت الحيرة وقفت عند حد حسم مسألة الفاكسين الذى يحصِّن الشخص ضد الإصابة بالفيروس.

الحيرة بدأت ولم تزل حول طبيعة الفيروس.. فمن قائل إنه ينتقل بالاحتكاك، ومن قائل إنه ينتقل عبر الهواء، ومن قائل إنه ينتقل من الأسطح.. من قائل إنه ينتعش فى الأجواء الباردة، ومن قائل إنه يضرب فى كل الأجواء.. من قائل إن أعراضه تنفسية، ومن قائل إن أعراضه معدية.. من قائل إنه يختبئ تحت الساعات والخواتم والحلقان ونصح بخلعها.. ومن قائل إنه يختفى تحت «الهدوم»!.

الحيرة أيضاً ارتبطت بالإجراءات الوقائية.. فمن قائل إن إهمال الشعوب هو السبب فى انتشار الفيروس.. فيرد آخرون بأن الإهمال لو كان سبباً للإصابة فعلينا أن نفترض أن «ماكرون فرنسا» و«جونسون إنجلترا» و«ترامب أمريكا» مهملون ولا يراعون رش «السبرتو» بانتظام.. وإلا كيف أُصيبوا؟!.

يحتار البشر أيضاً أمام عدد السلالات التى يسمعون أن الفيروس يتشكل ويتحور فيها.. هناك من يقول إنه سلالتان.. فيرد آخر بل ثلاث.. بل أربع.. بل بالمئات!.

حيرة جارفة ما بين قائمة اللقاحات.. فهذا صينى.. وذاك روسى.. والثالث أمريكانى.

رحلة التلقيح تبدأ سريعاً فى بلاد العلم والتكنولوجيا فى شمال الكرة الأرضية، فإذا بالعالم يفاجأ بسلالة جديدة ينفجر معها عدد المصابين وأرقام الوفيات.

حيرة الإنسان المعاصر كشفت مدى ضعفه.

واللافت أن «انكشاف الضعف البشرى» تعاصر مع العام 2020. وهو العام الذى دأبت كل دول العالم على رسم مخططات مستقبلية له منذ مطلع القرن الحادى والعشرين، وحلمت كل دولة بمبلغ القوة الذى يمكن أن تبلغه مع مطلع هذا العام.

دراسات عديدة أُجريت حول عام 2020 قامت بها مجموعات بحثية فى دول شتى كانت تحلم بالعالم الجديد الذى استقرت أسسه عبر العقدين الأول والثانى من القرن، كانت تتوقع مشاهد مختلفة غير تلك التى عايشناها عبر أشهر العام، لكن رياح «كورونا» أتت بما لا تشتهيه سفينة التوقعات.

الدرس الأول الذى يمكن أن يخرج به الإنسان من العام المنصرم أنه مخلوق ضعيف.. وأى حديث عن القوة لا يعدو الأوهام.

لا حول ولا قوة إلا بالله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام القوة أوهام القوة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 01:07 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

تدابير الفيفا لمواجهة الحرارة في المونديال
  مصر اليوم - تدابير الفيفا لمواجهة الحرارة في المونديال

GMT 14:09 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب
  مصر اليوم - دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب

GMT 16:33 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 21:30 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

"الهاموش" قصص إسلام عبدالغني عن دار روافد

GMT 12:38 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

8 إنجازات بارزة حققتها السياحة المصرية في 2019

GMT 00:54 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

6 أمراض قد تكون السبب في الشعور بالتعب المستمر

GMT 11:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مبيعات بلايستيشن 5 برو تتخطى التوقعات في اليابان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt