توقيت القاهرة المحلي 04:56:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة "ماكرون"

  مصر اليوم -

أزمة ماكرون

بقلم: د. محمود خليل

أفهم أن يقال إن قسماً من المسلمين فى بعض المواضع من العالم يعانون من أزمات أو يواجهون مشكلات، لكننى بحال لا أستطيع أن أستوعب مقولة «الإسلام يعيش أزمة فى كل مكان» التى جاءت على لسان الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون».

«ماكرون» يرى أنه يواجه مشكلة مع بعض المسلمين الذين يعيشون فوق أرض فرنسا، ويرى أن أساليبهم فى التربية والتعليم تخلق مجتمعاً موازياً، يفارق فى عاداته وتقاليده ما هو سائد داخل المجتمع الفرنسى، ويصور للناخب الفرنسى أن تلك مشكلة كبرى ترتبط بالإسلام فى حد ذاته، وتظهر أهم تجلياتها -من وجهة النظر الماكرونية- فى عدم المساواة بين الرجل والمرأة فى الإسلام.

ثرثرة فارغة. فالأقليات فى كل دول العالم تحيا بثقافتها الخاصة المستمدة من عقائدها، وهى فى النهاية ملزمة بقانون البلد الذى تحمل جنسيته. فثمة فارق بين الدين وما يفرزه من قواعد وثقافة، وبين الدولة المحكومة بفكرة المواطنة، لكن ماكرون خلط بين الأمرين.

فى حدود علمى ينص الدستور الفرنسى على حرية العقيدة والمعتقد، ولا يمنح لطرف حق الطعن أو الغمز أو اللمز فى ديانة الآخر، ويقرر أنه ليس من حق أحد أن يزعج غيره بسبب آرائه، حتى ولو كانت دينية، ما دام لا يضر بها النظام العام. وطبقاً لذلك فالمسلمون فى فرنسا مواطنون يجرى عليهم ما يجرى على غيرهم من قوانين تبين الحقوق والواجبات. وليحاسبهم الرئيس الفرنسى طبقاً لدستور وقوانين البلد الذى يحكمه، من غير أن يتورط فى الطعن فى دينهم.

«ماكرون» مثله مثل غيره من ساسة الغرب الذين يغازلون اليمين المتطرف فى بلادهم من خلال التحرش بالحلقة الأضعف المتمثلة فى المسلمين. قد يكون للرجل عذر انتخابى فى ذلك، لكن لا عذر له بحال فى وصف الإسلام كدين يؤمن به ما يقرب من 2 مليار بنى آدم بأنه يعيش أزمة، و«فى كل مكان»!.

أساء «ماكرون» أيضاً عندما وصم الإسلام بالإرهاب، فى عبارة «الإرهاب الإسلامى»، لأنه يعلم -مثل غيره ممن يترخصون فى استخدام هذه العبارة- أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأن للجماعات الإرهابية نسخاً متنوعة بين المتعصبين داخل الأديان والدول المختلفة.

والإرهاب «المتأسلم» فى جانب منه صناعة غربية. وإلا كيف نفهم دور الغرب فى تكوين تنظيم «قاعدة الجهاد» ليشكل أداة مواجهة مع السوفييت خلال الحرب الأفغانية، ودوره أيضاً فى التمهيد لتنظيم داعش وتغذية جذوره وفروعه بعد الغزو الأمريكى البريطانى للعراق عام 2003؟. ناهيك عن الدور الذى يقوم به الغرب فى تهيئة المناخات التى تساعد على ظهور الإرهاب داخل المجتمعات المسلمة.

وأريد أن أنبه إلى أن تورط بعض العقليات - مثل العقلية الماكرونية- فى عدم التفرقة بين الدين والقلة القليلة من المتطرفين بين المؤمنين به يمنح الجماعات الإرهابية الفرصة للمتاجرة على الشعوب المسلمة بأن هذه العقليات لا تريد محاربة الإرهاب، بل تحارب الإسلام كعقيدة ودين يؤمن به بشر عاديون، يعيشون المعانى الحقيقية للإسلام كدين يحث على التراحم والتسامح والاعتدال والوسطية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة ماكرون أزمة ماكرون



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon