توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انطباعات عن ظاهرة الإلحاد

  مصر اليوم -

انطباعات عن ظاهرة الإلحاد

بقلم : حمد الماجد

في بواكير بعثتي للتحضير للدراسات العليا بولاية كاليفورنيا الأميركية في أوائل الثمانينات، ألقيت في القاعة ورقة مقارنة في التخصص، وقد فاجأني أحد زملائي الأميركيين في القاعة بعد فراغي بأن طلب مني حديثاً هامساً قال فيه إنه لاحظ أنني وصفت من في القاعة بأنهم يدينون بالمسيحية. قلت: «وهذا صحيح؛ فأنا على الأقل وصفت أغلبيتكم؟». فعاجلني برده: «وحتى أغلبيتنا هنا ليست مسيحية؛ فأنا أعرفهم وأعرف معتقداتهم. هل تعلم أن أغلبية من في القاعة هم بين ملحد؛ ومَن يؤمن بقوة عظمى تتحكم في الكون ممكن أن تسميها (الله) أو (God)، وكلتا الفئتين لا تؤمن بالأديان ألبتة؟».
تذكرت هذا الحوار القديم المتجدد وأنا أقرأ تحقيقاً إحصائياً أجرته «FIFG» بتكليف من «جمعية صحافيي المعلومات الدينية» الفرنسية ونشرته مؤخراً جريدة «لوموند» الفرنسية، كان من نتائجه غير المسبوقة أن أغلبية الفرنسيين (51 في المائة) قالوا، ولأول مرة، إنهم ملحدون لا يؤمنون بالله.
وهذا يعني أن نسبة أكبر «لا دينيون»؛ يؤمنون بالله لكن لا يؤمنون بالأديان، ونسبة الملحدين الفرنسيين في تصاعد مطرد، كما يشير تحقيق صحيفة «لوموند»؛ فعدد الفرنسيين غير المؤمنين قد ارتفع إلى 51 في المائة، بعد أن كانت نسبة المؤمنين في عام 2011 تبلغ 56 في المائة، وفي عام 1947 كانت 66 في المائة.
ظاهرة الإلحاد أمست عالمية وتقضم من مساحة الإيمان بالله أو الإيمان بالأديان، وبوتيرة متسارعة، فشت في الدول الغربية، ثم تسللت خلسة إلى العالم الثالث؛ والعالم الإسلامي خصوصاً.
ولظاهرة الإلحاد سند وظهر ومؤسسات وميزانيات وإرساليات ومفكرون وبعثات تبشر به وتدعو إليه كحماسة المبشرين بالأديان.
وكما فاجأتني المعلومة التي ذكرها لي زميلي بجامعة «فرزنو كاليفورنيا» في مطلع الثمانينات، كانت المفاجأة أكبر في «العشرية الألفية» حين ألحت عليّ فتاة «خليجية» ملحدة أن أجري معها حواراً عن الإلحاد.
الفتاة تنتمي إلى أسرة محافظة وإقليم محافظ، وقالت بالحرف الصريح إنها لا تؤمن بالله ولا برسله ولا باليوم الآخر، ورددت فيه مقولات الملحدين نفسها القديمة المتجددة. كان الحوار هادئاً؛ فيه كل شيء إلا الرجوع للنصوص الشرعية.
واللافت أنها متحمسة لنشر فكرتها، وتتباهى بالعدد الذي اعتنق الإلحاد على يديها، وتنظر بعين الرحمة والشفقة إلى المؤمنين بالله، وتتمنى لو أنها انتشلتهم، كما تزعم، من ضلال الإيمان إلى نور الإلحاد!!
أفكار الإلحاد وشبهاته تبدو للبعض، وللوهلة الأولى، مربكة، لكنها في الحقيقة بالون أجوف من السهل أن «تنكشه» بإبرة صغيرة. قالت لي: من المؤسف أن يضيع الأكاديميون والمثقفون وذوو العقول الكبيرة أوقاتهم في الإيمان بما لا نراه ولا يسلّم به العقل.
قلت لـ«الفتاة الملحدة»؛ وهكذا تصف نفسها بكل فخر: أخبريني أين سيذهب هؤلاء الناس بعد الموت؟ قالت: يتحللون ويذوبون في التراب. قلت لها: حسناً؛ وهل تستوي خاتمة إنسان لا يقتل ولا يسرق ولا يؤذي بل وله خدمات كبيرة من العطاء والبذل والتضحية، بإنسان آخر يسرق ويقتل ويكذب ويضرب ويؤذي ويغتصب؟ فلم تجب.
هذا واحد من الدبابيس التي وخزت عدداً من بالوناتها. اللافت أنها حين تتحمس في كلامها تقول «الله»، وتشير في بعض الأحيان إلى السماء؛ حتى إنها ابتسمت خجلاً من الإيمان الذي يتغلغل في فطرتها رغماً عنها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انطباعات عن ظاهرة الإلحاد انطباعات عن ظاهرة الإلحاد



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt