توقيت القاهرة المحلي 12:29:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصعود السعودي: الهويّات والاستثمار في المواطنة

  مصر اليوم -

الصعود السعودي الهويّات والاستثمار في المواطنة

بقلم - يوسف الديني

عطفاً على المقال السابق حول صعود السعودية وحالة «الاختزال» في المجال الرياضي الذي أعقب مرحلة استهداف سابقة لمشروع الرؤية، لكنه ذهب أدراج الرياح بعد أن تحوّل مشروع الرؤية من مرحلة النجاح إلى الإلهام لمنطقة الشرق الأوسط.

مشاريع السعودية ليست منفصلة عن سياق فلسفي وفكري مهد لها، كما أن «رؤية 2030» كذلك وإن اتخذت شكل المستهدفات وأجندة العمل والخطوط العريضة لمشروع تنموي كبير، إلا أنها مبنية على جذور فكرية وحالة قطيعة مع ثلاثة مهددات سابقة للحالة السعودية: الإرهاب، والفساد، واللامواطنة.

مشروع السعودية مبني على هوية استعادية كبرى من لحظة التأسيس إلى التاريخ الضارب بجذوره في القِدم، وصولاً إلى مركزية الثقافة العربية والإسلام بمعناهما غير المختطف من قبل الإسلامويين والعروبيين المؤدلجين، هذه الهوية القومية الواثقة والصلبة هي ما قامت الرؤية لاحقاً بترجمته إلى مشروعات ضخمة في كل الاتجاهات، ومن هنا فمن يأخذ مشروعاً، مثل: نيوم، والدرعية، والعلا، وإحياء المواقع التاريخية في المدينة المنورة خارج سياقها الفكري والتحديثي فسوف يقع في فخ الاختزال، وعدم رؤية الصورة الكلية التي تسعى إلى استلهام الحضارة في الجزيرة العربية، وتحويلها إلى محددات للشخصية السعودية الطموحة لمعانقة المستقبل بكل أدواته وتحدياته.

السياق الفكري للرؤية مهم جداً وتغدو الحاجة ملحة اليوم إلى البدء بكتابة تاريخ ومناخ ولادة الرؤية وتوثيق صيرورتها، لا سيما مع حالة الاختزال اليوم، والتي سبقتها مشاريع استهداف فشلت وانهارت تحت أصداء نجاحاتها الكبيرة.

قراءة الخط الزمني (Timeline) لمسار الرؤية وتوثيق تحقق مستهدفاتها مع الواقع بالمزامنة مع التصريحات والمقابلات الرسمية منذ منتصف 2016 وحتى الآن، وخصوصاً في الاتجاه الفكري من القطيعة مع الإرهاب ومحاربة الفساد والمحسوبية والاعتدال الديني وملف المرأة وإصلاحات التعليم، وتحديث قطاع العمل والبطالة وصولاً إلى تطوير النظام القضائي سيجد رؤية تفصيلية متماسكة ذات أُطر فكرية أثمرت نجاحات لا تقل عنها في ملفات تنويع اقتصاد المملكة إلى الخصخصة، وزيادة الاستثمار الأجنبي، وحضور الشركات، وصولاً إلى الملفات المتصلة بالثقافة والهوية وتطوير المدن والترفيه والرياضة.

وسبق التحولات باتجاه انفتاح المجتمع وانبعاث المناشط الترفيهية والرياضية تحولات فكرية مهمة منذ إعادة تقنين صلاحيات الهيئة إلى قرار تدريس التفكير النقدي والفلسفة منذ 2018، ثم استضافة «منتدى القيم الدينية» لـ«مجموعة العشرين» بالتزامن مع تصريحات ومواقف تاريخية لمهندس الرؤية ولي العهد السعودي الذي قال تعليقاً على مبادرة مستقبل الاستثمار (السياق مهم): «سنعود إلى الإسلام الوسطي المعتدل والمنفتح على جميع الأديان، لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعاطي مع أفكار متطرفة»!

الهويّات اليوم في السعودية للأجيال الجديدة، التي تخوض تشكيل وعيها في زمن ونجاحات الرؤية، ذات سياق فكري، حيث استطاعت المشاريع المتصلة بالهوية وبناء المواطنة والاستثمار فيها وسم هذا الشعور الوطني المجتمعي العالي بطابع ثقافي، بحيث تحولت التمايزات الفرعية والاختلافات المناطقية إلى مصدر إثراء وطني كبير انعكس على مبادرات ومنتجات أخرى لا يجب أن تخرج عن سياقها الأساسي، من الفنون إلى الزيّ والتراث والقهوة والاحتفالات المرتبطة بمناسبات تحمل تاريخاً وطنياً وحتى نوستالجيا الحنين باستحضار أزمنة البدايات والاعتزاز بها.

نحن أمام مشهد يُؤكد انبعاث الهويّة الوطنية والشخصية السعودية المدعومة بقوة الرؤية وشموليتها وكفاءتها في عدم التمييز والقطيعة مع التطرف والتعصب والخطابات المأزومة، هناك احتفال كبير سعودي بالاعتزاز بالذات الوطنية والتاريخ الضارب بأطنابه في أعماق التاريخ!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصعود السعودي الهويّات والاستثمار في المواطنة الصعود السعودي الهويّات والاستثمار في المواطنة



GMT 16:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:30 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة إعداد ورق عنب مع كوسا وريش

GMT 08:40 2014 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التونة والدجاج تساعدان في زيادة خصوبة الزوجين

GMT 08:42 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم البارودي تبدو أنيقة في بدلة وردية اللون

GMT 05:38 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور محمود الموجي يُبيّن أسباب رائحة الفم الكريهة

GMT 20:55 2014 الخميس ,14 آب / أغسطس

استقرار اﻷوضاع اﻷمنية في شوارع الأقصر

GMT 05:44 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مربى التفاح بالقرفة

GMT 16:29 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شركة سكودا تطلق الجيل الجديد من موديل سوبيرب

GMT 11:12 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

حمو بيكا يدعم طفلة مريضة سرطان ويقدم لها هدية

GMT 16:42 2021 السبت ,12 حزيران / يونيو

فساتين صيفية بتصميمات مُريحة من وحي النجمات

GMT 17:36 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

تراتيل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon