توقيت القاهرة المحلي 01:42:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من قتل الشيخ أحمد ياسين؟

  مصر اليوم -

من قتل الشيخ أحمد ياسين

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

لم يكن سراً أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يعمل منذ عقود على تجنيد عملاء له من الداخل الفلسطيني. موضوع العمالة لإسرائيل موضوع حساس، لم يكن طرحه إعلامياً سهلاً بالنظر إلى أن إسرائيل هي العدو الأول للعرب؛ خصوصاً بعد هزيمة 67 التي كسبت فيها إسرائيل أراضي لم تحلم بها: القدس كاملة، وشبه جزيرة سيناء، والضفة الغربية.
التطرق لعملاء يعملون لصالح إسرائيل من حركات تسمي نفسها مقاومة، مثل «حماس» أو «الجهاد الإسلامي» أو «حزب الله» اللبناني، كان من المحرمات، والمساس بهذا المحرم يعني خيانة للقضية، واصطفافاً إلى جانب العدو.
قبل أيام، كشفت قناة «العربية» الإخبارية عن اعتقال حركة «حماس» لستة عشر عضواً من أعضائها، بينهم من ينتمي لجناحها العسكري (عز الدين القسام) بتهمة التخابر مع إسرائيل. صحيح أن الحركة نفت؛ لكن ما بثته «العربية» هو ما نعرفه دائماً، أن العمالة لإسرائيل متغلغلة في حركات المقاومة. وسبق لـ«حماس» عام 2017 تنفيذ حكم الإعدام في ثلاثة فلسطينيين بتهمة اغتيال مازن الفقهاء، القيادي في «كتائب القسام» بعد اتهامهم بالقتل والتخابر مع إسرائيل.
تل أبيب نجحت بشكل ملموس في تجنيد ما يكفي من العملاء الذين استندت إليهم كمصادر معلوماتية ساهمت في تنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات مهمة، مثل الشيح أحمد ياسين، مؤسس حركة «حماس». الشيخ ياسين تعرض لمحاولتي اغتيال قبل المحاولة الثالثة التي انتهت بمقتله، وفي المرتين السابقتين كان من الصعب رصدهما؛ خصوصاً الأولى التي كانت اجتماعاً سرياً بين الشيخ ياسين وقياديين عسكريين في أحد المباني. المبنى تعرض لصاروخ موجه؛ لكن الشيخ كان قد خرج قبل ذلك بدقائق قليلة. ثم كانت المحاولة الثانية التي رصد فيها الشيخ ياسين وهو في طريقه لزيارة عائلية ولم يتم ضربه. أما الثالثة الأخيرة فكانت عند خروجه من المسجد فجراً. كيف علمت إسرائيل بكل تفاصيل تحركات الشيخ ياسين؛ خصوصاً مع حرصه بعد فشل محاولة الاغتيال الأولى على أن تكون تنقلاته محدودة وإقامته سرية، إلا للمقربين؟
عبد العزيز الرنتيسي الذي حل محله لم يتم الشهر حتى هوجم هو أيضاً بصاروخ أدى إلى مقتله. بهاء أبو العطا، وهو قيادي في «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، استهدفه صاروخ أثناء وجوده في مبنى في غزة. ومثله حامد الخضري، رجل إيران في «حماس» الذي قتل باستهداف سيارته في مركز مدينة غزة.
عمليات كثيرة لصالح إسرائيل كانت تتم بدقة في الأراضي الفلسطينية أو لبنان أو سوريا. إحداثيات مواقع التصويب لا يمكن لإسرائيل معرفتها إلا بمصادر من الداخل؛ خصوصاً مواكب السيارات التي تقصف خلال وقت زمني محدد.
حكايات طويلة لاغتيالات تمت داخل الأراضي العربية، بعد توفر معلومات من مصادر في الداخل، وبعضهم يشارك عملياً في عملية التصفية، كما حدث لعماد مغنية الذي زرعت قنبلة خلف رأسه، أعلى مقعد السيارة، وهو في دمشق.
لا أجد مبرراً للتعجب من الخبر الذي بثته «العربية». إنه جزء من الحقيقة التي نخجل أن نعترف بها، وهي أن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على مصادرها العربية في تنفيذ عملياتها.
قناة «العربية» ذكرت ضمن تقريرها هروب رئيس الكوماندوز البحري محمد أبو عجوة، عبر قارب بمساعدة إسرائيل وهو يحمل وثائق مهمة، وهو عميل لإسرائيل منذ عشرة أعوام، وهذه الوثائق قطعاً تدين «حماس»، وربما لها ارتباط بالهجوم على الجهة الشرقية من الأراضي المصرية. من يدري! فنحن في زمن التسريبات الصوتية والورقية.
هذه المعلومات التي انكشفت تفاصيلها علناً، تؤكد أن العمالة داخل الحركات الإسلامية لا تتضمن عناصر من القاع فقط؛ بل حتى على مستوى قمة الهرم. هناك من القيادات نفسها من تآمرت ضد دولها لصالح المال الإيراني أو القطري، ظلمات بعضها فوق بعض. كم من حرب تورط فيها لبنان، أو غزة، بسبب قرارات قياديين فيها بدفع من المرشد الإيراني أو الصراف الإلكتروني في نظام قطر! وإلا من كان يتخيل أن حركة «حماس» التي أسسها أحمد ياسين تتلقى رواتب أعضائها من قطر عبر إسرائيل!
الميليشيات الراديكالية عموماً، يشكل لها المال عصب حياتها؛ ليس للإنفاق العسكري فقط؛ بل للمعيشة، هذا ما اضطر جماعة «الإخوان المسلمين» للخضوع للمال القطري، و«حزب الله» اللبناني لمد يده للناس لطلب المال، وهو ما استطاعت به إسرائيل شراء ذمم عملائها الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين.
تأملوا ما يحصل في ليبيا؛ الميليشيات التي كانت تعتمد عليها حكومة تركيا أصبحت تتقاتل فيما بينها بسبب المال، بعد أن قرر إردوغان التخلي عنهم والاعتماد على المرتزقة السوريين. لماذا تم التخلي عنهم بعد كل هذه التضحيات؟ لأنهم ورقة واحترقت، وواشنطن حذرت أنقرة بأنها لا تقبل أن تتشارك مع ميليشيات مشبوهة في معركتها ضد الجيش الوطني الليبي... ثمن بخس بيعت به هذه العناصر التي كانت تظن أن السلاح سيمنحها المنعة. في النهاية، تم رميهم على قارعة طريق، مفلسين، مالياً وأخلاقياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من قتل الشيخ أحمد ياسين من قتل الشيخ أحمد ياسين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 00:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon