توقيت القاهرة المحلي 23:55:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة

  مصر اليوم -

قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

دول العشرين الأكبر والأكثر تأثيراً في اقتصاد العالم، تجتمع كل عام مدركة أهمية عملها في الاستقرار المالي والاقتصادي حول العالم، وتقدم مساهماتها في حل المعضلات، خصوصاً التي تشوب المجتمعات النامية والدول المهمشة والفقيرة. هذا المنهج الدوري اختلف هذا العام بشكل كبير؛ فمع طرح ملفات مهمة مثل تمكين الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، وحماية كوكب الأرض من التردي بفعل الملوثات التي حبست الغازات الدفيئة وتسببت في ذوبان الجليد في كلا القطبين، وما تبع ذلك من عواقب تكوين الأعاصير والمداد البحرية التي أضرت بكثير من المدن والقرى الساحلية.. كل هذه الأهداف كانت أجندة تم العمل عليها وفق آلية منظمة خلال العام الذي ترأست فيه المملكة العربقية السعودية مجموعة دول العشرين الكبار، الذين يمتلكون ثلاثة أرباع اقتصاد العالم، ويتحكمون في التجارة العالمية. لكنه عام استثنائي، بسبب أن العالم لا يزال يمر، ومنذ بداية العام الحالي 2020، بجائحة «كورونا» التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني، إذ ساعدت وسائل النقل السريع على انتشار المرض في كل كوكب الأرض، وفي وقت وجيز، بعكس الحالات الوبائية السابقة التي كانت محدودة جغرافياً إلى حد بعيد.

العمل على أجندة القمة الخامسة عشرة لدول مجموعة العشرين كان يصعب فصله عن موضوع جائحة «كورونا»، لأنها، وبشكل مباشر، أثرت سلباً على اقتصاد العالم. وحتى نتخيل ماهية التأثير بشكل أوضح فيمكن تقسيمها إلى مراحل؛ الأولى كانت بداية الجائحة، حيث ساد الذعر مساحات واسعة ودولاً كثيرة مع الانتشار السريع للمرض، وفي هذه المرحلة التي يمكن أن أحددها بالفترة ما بين شهر يناير (كانون الثاني) حتى مايو (أيار)، كانت الفترة التي أغلق فيها الاقتصاد في معظم دول العالم بسياسات إغلاق حددتها كل دولة. وهي الفترة الحرجة نفسياً وصحياً، وهذا ما دعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في 26 مارس (آذار) إلى عقد قمة افتراضية لزعماء دول العشرين، وهي خطوة غير مسبوقة، لأجل الحث على دعم وتعزيز الجهود الدولية لتوفير الموارد الطبية والاختبارات والفحوصات، لتشمل الدول الضعيفة تنموياً، التي لا يستطيع نظامها الصحي توفير الرعاية الطبية اللازمة لشعوبها. كان لدول العشرين دور مهم وجوهري في المساهمة بفعالية في إنقاذ ما يقارب 700 ألف إنسان من التعرض لخطر الموت، وضخت ما يزيد على 10 مليارات دولار لتوفير الإمدادات الطبية، و11 تريليون دولار لإنعاش الاقتصاد العالمي، وكذلك لتحفيز العمل البحثي لتطوير لقاح آمن في أقرب وقت ممكن. المرحلة الثانية بدأت متزامنة مع الأولى منذ بداية الإغلاق، وحتى تقريباً نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، حيث بدأ الاقتصاد ينتعش قليلاً بعد إعادة مزاولة النشاط الاقتصادي، لكن خلال هذه الفترة كانت الحاجة ماسة لأن تقدم دول مجموعة العشرين ما تستطيع لتحجيم الأضرار الاقتصادية على الدول النامية بشكل خاص، التي تأثرت من خلال توقف الأعمال، وارتفاع نسبة البطالة والديْن العام، وتأثر العملية التعليمية في غياب نظام تقني متكامل يسمح باستمرار التعليم خلال استحالة ذهاب الطلبة لمدارسهم خوفاً من العدوى.

المرحلة الثالثة التي كانت تبث الأمل رغم كل هذه الصعوبات، هي الحديث حول اللقاح، والتنافس المحموم لإنتاج لقاح فعال وآمن، وهو ما بدأنا نستشعره منذ نهاية أكتوبر وحتى اليوم، مع تطلعات كبيرة وتفاؤل أكبر من منظمة الصحة العالمية حول فاعلية أكثر من لقاح من أكثر من دولة لوضع حد لهذه الأزمة. وإن افترضنا أن اللقاحات تأمنت وأصبحت متاحة، فإن دول العشرين تعهدت بالتوزيع العادل للقاح ليصل إلى كل إنسان من دون تمييز وبسعر ميسر، وهو ما أضفى كثيراً من الشعور بالاطمئنان على الدول الفقيرة، إيذاناً بإنهاء هذا الكابوس الذي أزّم الوضع الاقتصادي حتى على مستوى الدول ذات الاقتصاد المستقر.

قمة العشرين في الرياض عُقدت افتراضياً، لكن هذا الأمر لم يعق الأفكار والمبادرات والعمل الحثيث المتواصل منذ عام في مجمل الملفات، وخرجت بتوصيات كثيرة أهمها التزامها بالاستمرار في كبح الانهيار الاقتصادي، واستعادة نشاطه خلال الفترة المقبلة، مع ضمان استدامة استقراره، حتى أنها علقت دفع مديونية الدول المستحقة الدفع حتى يونيو (حزيران) من عام 2021، وقد يُنظر في تمديد المدة.

هذا العام كان استثنائياً بكل المقاييس، لكن الرياض كانت مستعدة لحمل هذه الملفات حتى قبل القمة، وليس فقط لأجل القمة، لأنها عملت عليها منذ أربعة أعوام كجزء من إصلاحاتها الداخلية، مؤمنة بأن هذه الإصلاحات هي أساس العيش الكريم للإنسان، ومن منطلق تجربتها الناجحة، تحدثت بثقة عن مبادرتها لمكافحة الفساد العالمي، وأهمية التعاون الدولي للحد من هذه الآفة التي لا نستطيع فصلها عن الإرهاب الذي يتغذى من المال القذر. كما أن للسعودية تجربة فريدة في التعليم، فتكاد تكون من الدول القليلة في العالم، التي واصلت العملية التعليمية مستخدمة أحدث الأساليب التقنية للوصول إلى أكثر من 4 ملايين وخمسمائة طالب، في الوقت الذي سجلت فيه الجهات الصحية نجاحات كبيرة في التصدي لملفات الجائحة، ولا تزال المملكة تسجل أعداداً أقل في الإصابة والوفيات، مع إتاحة الفحوصات والعلاج المجاني. كما كان لملف تمكين المرأة النصيب الأوفر في القفزات التي تحققت بفعل «رؤية 2030» الشهيرة.

الحقيقة إنها ظروف استثنائية مر بها العالم، لكنها بالنسبة للسعودية، كانت تجربة فريدة، بالعمل على جبهتين؛ تقديم مبادرات وحلول متعلقة بأجندة رئاستها لقمة العشرين، بالتزامن مع التنسيق مع الجموع والحشد الدولي للخروج ببيان رئاسي متفق عليه، يمثل طوق نجاة للعالم الذي سيخرج من الجائحة واهناً موجوعاً، ينتظر من يأخذ بيده للوقوف مجدداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon