توقيت القاهرة المحلي 18:05:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل لحرق الحوزات في إيران دلالة على تغير فكري؟

  مصر اليوم -

هل لحرق الحوزات في إيران دلالة على تغير فكري

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية مؤخراً عن مدى تغلغل وتأثير إيران في العراق ولبنان وسوريا يؤكد المؤكَّد، لكنه يكتبه بخط عريض أمام العالم في توقيت مهم من الاحتجاجات التي اشتعلت في العراق ولبنان ثم في مدن إيرانية كبيرة منذ أيام، ويدلل على أن هذه الدولة هي أساس كل مشكلة في المنطقة.
ظن النظام الإيراني برأسه؛ المرشد الأعلى خامنئي، أن ربط رفع أسعار الوقود 200% بالعقوبات الاقتصادية سيثير غضب الشارع ضد واشنطن، ومشاعر التعاطف مع نظام اضطر إلى رفع الأسعار لأنه عاجز أمام الضغوط. لكنّ الإيرانيين عاشوا القصة من بدايتها، ومن الصعب تمرير الفكرة، مدركين أن العقوبات التي تتعرض لها بلادهم جاءت لأسباب موضوعية وشواهد من الدمار في دول عربية حشر النظام الإيراني أنفه فيها طمعاً في الهيمنة والتوسع، وأن هذه العقوبات لم تأتِ بين يوم وليلة بل على مدار عقود، وزادت وتيرتها منذ عام 2005، وطول هذا الزمن لم تُثنِ النظام السياسي على التراجع عن سلوكه الشيطاني في المنطقة العربية، ليركز على تنمية وتطوير الدولة التي تمتلك كل المقومات لتكون إحدى أبرز دول العالم اقتصادياً وثقافياً. كما أن هذه العقوبات ليست من الإدارة الأميركية فقط، سواء الحالية، أو من سبقتها، بل حتى مجلس الأمن استصدر أكثر من قرار ضد نشاطات إيران سواء الخاصة بالداخل الإيراني مثل منعها من تطوير الصواريخ الباليستية، أو رفض سلوك أذرعها المسلحة مثل الحوثي و«حزب الله».
في النظام الحيوي، الكائن الطفيلي يحاصر الضحية ويُضعفها حتى لا تقاوم، لكنه لا يقتلها، ليستطيع الانتفاع بها أطول وقت ممكن. ومثل ذلك فعلت وتفعل إيران، ومع أنها لم تنتصر في اليمن، وليس بعد في سوريا، لكن الواقع أنها أحالت دولتين عربيتين؛ العراق ولبنان، إلى دول ضعيفة من كل الجهات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. خامنئي وموظفوه خشوا من مظاهرات العراق ولبنان، وأرسلوا ممثلهم العسكري قاسم سليماني ليرسم خطط مواجهة الغاضبين في العراق، فاستخدم ضدهم الرصاص الحي وقنابل لا تنتمي لمخزونات وزارتَي الدفاع أو الداخلية العراقيتين. أما لبنان فإن «حزب الله» ليس بأمينه فقط، بل بحلفائه من مسيحيين وسُنّة، يستميتون من أجل تقليل الخسائر التي برزت خلال الاحتجاجات القائمة، ومنها جرأة المحتجين على تسمية أزمتهم باسمها والمتسبب باسمه.
الإعلام منذ بدأت احتجاجات لبنان والعراق يعلق بأن هيبة القيادات السياسية التاريخية انهارت أمام مطالب الناس العادلة. لكن الحقيقة أن كبيرهم ومرجعهم المرشد علي خامنئي، سبقهم لذلك في احتجاجات 2017 التي عبّر فيها الناس عن رفضهم للنظام بالإساء إلى رأس الهرم، الذي يحظى بقدسية وكرامة عند أتباعه.
الهيبة انتزعها الإيرانيون من مركز قوة النظام، من داخل إيران. واليوم تعاد الكرة باحتجاجات أكثر غضباً بعد رفع أسعار الوقود. المواطن الإيراني يفكر؛ ما دخله بمواطن في غزة أو سوريا أو اليمن لتذهب أموال بلاده إليه؟ لماذا السوري أو العراقي أو اللبناني أكثر أهمية منه؟ الأكيد أن العقوبات الاقتصادية خصوصاً المتعلقة بتصدير النفط والمصارف، أرهقت النظام الاقتصادي الإيراني، وهي عقوبات لحث النظام السياسي على تغيير سلوكه لا على تغييره كما تقول الولايات المتحدة.
وفي رأيي، إن هذا القول غير واقعي، لأننا لن نصحو يوماً لنجد خامنئي رجل سلام، ولن يستطيع ولو أراد، لأن النظام شبكة من الشركات والمصالح إما أن تبقى كلها وإما أن تنهار كلها. الاحتجاجات في مدن رئيسية بل في وسط العاصمة طهران، ودعوات بصوت مرتفع لإسقاط الديكتاتور الذي يعد من أثرى أثرياء العالم، ولأن الفساد سبق العقوبات في إضعاف البنية الاقتصادية.
اللافت في احتجاجات الإيرانيين هذه المرة أنها كانت غاضبة ضد الحوزات، وأُحرق بعضها في مناطق متعددة، فهل هذا مؤشر على أن الإيرانيين بدأوا يجنحون باتجاه العلمانية؛ كون هذه الحوزات تأخذ ولا تعطي، ورجال الدين الذين يحكمون البلاد اكتسبوا قوتهم المجتمعية من خلال شعبيتهم كرجال دين مقدسين؟ بالنسبة إلى الذين أحرقوا بعض الحوزات فهم مثّلوا الحديث الشريف: «إذا حضر العَشاء وأُقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء»، وهذه دلالة على أن تلبية الاحتياجات الإنسانية مقدّمة على العبادات، وبالتالي مقدَّمة على المقرات الدينية التي يعرف كل إيراني أنها شركة صغيرة لا يجوع صاحبها.
النظام الثيوقراطي هو الأرض الصلدة التي بُني عليها نظام الولي الفقيه، لذلك فإن التشدد الديني ضد الناس، وما نراه من محاصرة ومعاقبة لفنانين وصحافيين ومثقفين هو جزء من المحافظة على المناخ الديني كما هو، ومنه استمد خامنئي قوته السياسية وقوة نظامه. حرق المحتجين للمقرات الدينية مؤشر خطير على رفض الناس للصوص الحوزات، خصوصاً أنها لم تقدم لهم لا حماية ولا دعماً بل تركتهم في مواجهة مع عسكر النظام، مواجهة ستزداد حدّتها مع الأيام.
الشعب الإيراني اليوم يتهم المتدينين بالفساد المالي والإداري والسياسي، وهذا تبدل فكري عميق، سيترك أثراً لا محالة، في الوعي الثقافي للناس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل لحرق الحوزات في إيران دلالة على تغير فكري هل لحرق الحوزات في إيران دلالة على تغير فكري



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 17:12 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

بدلات كلاسيكية مميّزة للرجل لمختلف المناسبات

GMT 14:37 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 03:18 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

هند براشد تكشف عن مجموعة تصميماتها لصيف 2017

GMT 14:28 2022 الخميس ,25 آب / أغسطس

صورة البروفايل ودلالاتها

GMT 06:57 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة رانيا يوسف تنعي الفنان هيثم أحمد زكي

GMT 07:13 2018 الأحد ,01 إبريل / نيسان

سيلينا غوميز تخطف الأنظار بإطلالتها المميزة

GMT 11:54 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد في مواجهة قوية أمام الأسيوطي في كأس مصر

GMT 12:13 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ميدو يؤكّد أنّ مدبولي وقّع لدجلة قبل الانتقال إلى الزمالك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon