توقيت القاهرة المحلي 16:00:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«بوتين والروليت الروسي!»

  مصر اليوم -

«بوتين والروليت الروسي»

بقلم - حسين شبكشي

لا أحد يعرف تحديداً عدد الساعات التي قضاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكتبه بالكرملين في اليومين الماضيين، ولكنها كانت حتماً ساعات ثقيلة وطويلة جداً. في مكتبه المهيب والواقع تحت القباب المميزة بألوانها الجذابة والمطل على الساحة الحمراء الكبرى والقريبة من حديقة غوركي العامة الهائلة بدا بوتين يراقب تداعيات ساخنة ومتسارعة جعلت من صيف موسكو أشبه بجليد وصقيع سيبيريا في ثقله على بوتين والناس الموجودة داخل الكرملين.

التمرد العسكري الذي أعلنه قائد مجموعة مرتزقة «فاغنر» على الجيش الروسي وهدّد بدخول موسكو وإشعاله حرباً أهلية بين الروس هو الحدث الأخطر في تاريخ حقبة حكم بوتين والذي وصف ما حصل بالخيانة والطعنة من الخلف في الظهر.

وخطورة هذه الحادثة أنها تمرد انقلابي من داخل الدائرة المقربة جداً من الرئيس الروسي رجل الاستخبارات العتيق الذي يعدّ الثقة هي أغلى ما يملك، ولا يمكن أن يمنحها إلا لمن يستحق، تحطمت ثقته في أحد المقربين منه مجدداً. ليعود فلاديمير بوتين مجدداً لمرحلة الشك والتشكيك في كل مَن حوله، ولعلّه في هذه اللحظات يسترجع مقولة حكيمة جداً لرائد الأدب الروسي الأهم ليو تولستوي الذي قال عن الخيانة: «عندما تتعرض للخيانة يكون الأمر أشبه بكسر ذراعيك، يمكنك أن تسامح ولكنك لن تتمكن أبداً من العناق».

وهذه الحادثة الغريبة فتحت المجال لطرح العديد من الأسئلة في محاولة لفهم ما حصل، وخصوصاً في ظل متابعة آراء وتحليلات الخبراء على وسائل الإعلام المختلفة. فهناك مدرسة تعدّ أن «المعلم الفنان العبقري» فلاديمير بوتين ضرب الاستخبارات الغربية بمهارة بعد أن «اشترت» أجهزة الاستخبارات الغربية قائد مرتزقة «فاغنر» للقيام بانقلاب على الرئيس الروسي ليتفق بوتين مع رئيس بيلاروسيا لإقناع «فاغنر» بإنهاء التمرد وكأن الموضوع مرتب له من قبل، هذه نظرية عشاق بوتين وكارهي الغرب، وهي تفتقد إلى الأدلة والبراهين ومملوءة بالعاطفة والتمني.

للزعيم الفرنسي التاريخي نابليون بونابارت مقولة بالغة الدلالة تقول: «لا تزعج خصمك وهو يرتكب أخطاءً وحماقات»، هذا هو حال الغرب اليوم وهو يراقب حال التقاتل البيني داخل صفوف الفرق العسكرية بشقيها الرسمي وغير الرسمي مع تقهقره الواضح والمستمر وعدم قدرته على الحسم والانتصار في حربه ضد أوكرانيا.

من الواضح أن هناك ما يستدعي قلق بوتين، قلق مستمد من أداء غير مُرضٍ من قِبل الماكينة العسكرية الروسية الفتاكة والانقسامات في الآراء الموجودة فيها والتي أدت إلى نتائج متواضعة على أرض المعركة.

الإعلان عن انخراط قوات «فاغنر» في الجيش الروسي يعني انتهاء دورها بشكل رسمي، ويبدو أنه من المبكر قراءة القوى البديلة لها في مواقعها الحالية في سوريا والقارة الأفريقية على سبيل المثال، وإذا كانت التسريبات الأولوية التي تقول إن البديل سيكون بإشراف مباشر من قِبل إدارة المخابرات الروسية، فهذا تغيير جذري في إدارة المعارك والخروج من دائرة المؤسسة العسكرية والتوجه للمكان الأكثر أماناً بالنسبة إلى بوتين وهو بيته الأول: الاستخبارات.

ويبقى مصير قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين غامضاً ومجهولاً، فهو اليوم مشروع قتيل مؤجل بدأ العد التنازلي بحقه، وسيبقى غامضاً وضع ومصير والدته التي كانت الرئيس الفعلي لـ«فاغنر» ومن الممكن جداً أن يكون بوتين قد ابتز بريغوجين بها، وخصوصاً أن مكانها لا يزال مجهولاً منذ الأحداث الأخيرة. بوتين يواجه خصوماً داخل الدائرة، من طباخ الرئيس السابق، وطباخ السم سيذوقه حتماً. بوتين أمامه عدد كبير من الخيارات الصعبة، ويبقى السؤال هل يستطيع أن يقدِم عليها؟ وتبقى ساحة الحرب في أوكرانيا قائمة وجيش بوتين غير قادر على حسم المعركة، فهل يضحي بوتين بوزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف ويحمّلهما مسؤولية الإخفاق والتمرد، أم تغلب عليه حاجته إلى ولاء الجيش قبل أي اعتبار آخر؟... إنها أسئلة الجريمة والعقاب والحرب والسلام في صراعات الإخوة كرامازوف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بوتين والروليت الروسي» «بوتين والروليت الروسي»



GMT 09:13 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مبروك للأبيض.. عقبال الأحمر

GMT 09:11 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

ماذا بعد رئيسى؟

GMT 08:04 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

فى تكريم الزعيم

GMT 08:01 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

زواج الملياردير الأمريكى فى مصر!

GMT 08:00 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

حتى لا تستمر مصر مهيضة الجناح فى 2025!

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الإشكالية الفلسطينية الكبرى

GMT 07:56 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تل أبيب تغسل يديها

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الاعتدال الذى تكرهه إسرائيل

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال

GMT 15:00 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

محمد الحنفى يؤكد انتظاره إدارة القمة منذ 3 سنوات

GMT 05:38 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

انطلاق أول رحلة لطائرة في الصيف "Stratolaunch"

GMT 10:06 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

هادجنز تتألق في تقديم مجموعة "سينفول كلورز"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon