بقلم: د. أسامة الغزالى حرب
بصراحة، لم يخطر ببالى على الإطلاق أن أشارك فى الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب، علاوة على أننى لم أهتم بمتابعتها من الأساس، خاصة فى ظل المناخ الذى سادها، وهوية بعض الذين تصدوا للمنافسة فيها! وقد أعجبنى فى هذا الصدد، ماكتبه الزميل الفاضل الأستاذ سليمان جودة فى «المصرى اليوم» أمس منتقداً مشهد تلك الانتخابات بمصر، التى «شهدت تشكيل مجلس شورى النواب فى القرن قبل الماضى، فى وقت مبكر جدا بالنسبة للمنطقة كلها»! ولذلك ارتحت وتفاءلت بقرارات المحكمة الإدارية العليا، التى تبعتها دعوة الرئيس السيسى للهيئة الوطنية للانتخابات إلى ..«عدم التردد فى الإلغاء الكامل للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب». غير أننى أتمنى أن تكون تلك اللحظة مواتية لبحث ما أتصور أنه أصل المشكلة، وهو الغياب الشائن الحالى للأحزاب السياسية فى مصر! هل تعلمون عدد الأحزاب السياسية الموجودة على الورق الآن فى مصر..إنها نحو خمسين حزبا، وغالبا تزيد على ذلك فى «السجلات» الرسمية! وهى تصنف -نظريا- بين أحزاب يسارية اشتراكية أو إسلامية أو ليبرالية أو قومية..إلخ غير أننى أعتقد أن أعضاء أغلبها، لا يتجاوز بضع مئات، وربما أقل! فى بلد يقرب تعداده من مائة وعشرة ملايين مواطن! وقولا واحدا: إنه بدون وجود أحزاب سياسية «حقيقية» وفاعلة، فإن من العبث تصور انتخابات نيابية بالمعنى السياسى السليم، بل سوف تظل، فى غالبيتها العظمى، صراعا بين الأفراد والعائلات، ذات السطوة والنفوذ الاجتماعى أو المالى...أو غيرهم من الأفراد الذين ينسبون أنفسهم إلى بعض أجهزة الدولة ...إلخ. إننى أنتهز تلك الفرصة لأدعو إلى مراجعة جادة لواقع الأحزاب السياسية فى مصر بما يشجع المواطنين على الانضمام إليها، و«العودة إلى السياسة» من خلالها .. وبدون تلك الأحزاب، يصعب فى تقديرى أن نحصل على انتخابات لمجلس النواب جديرة بمصر وتاريخها!.