توقيت القاهرة المحلي 12:23:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

بقلم : محمد الرميحي

حتى لو افترضنا أن وقف إطلاق النار تم الاتفاق عليه في الغد القريب، وبدأ نوع من المباحثات الدبلوماسية بين الأفرقاء، فلن يستقر الشرق الأوسط، من دون أن يأخذ الفلسطينيون حقوقهم في دولة. الوصول إلى تهدئة في المنطقة من دون ذلك الهدف هو تكاذب على النفس، كل ما شهدناه من حروب وشرور منذ قرن تقريباً سببه «القضية» بشكل مباشر أو غير مباشر.

وما دام الفلسطينيون مختلفين فيما بينهم في الأهداف والوسائل، فسيظل أمر ظهور دولة لهم بعيد المنال، تلك هي المعادلة الصعبة.

ما هو في فلسطين ليس احتلالاً بالمعنى المتعارف عليه في العالم، هو ليس احتلال بريطانيا للهند مثلاً، ولا حتى فرنسا للجزائر، ولا أميركا لليابان (فقط أمثلة) ما هو موجود في فلسطين هو «استيطان» وليس له مثيل إلا في جنوب أفريقيا، أما الاستيطانات الأخرى، كما في أستراليا أو حتى أميركا الشمالية، فقد تضاءل السكان المحليون فيها حتى التلاشي.

الاحتلال الاستيطاني يؤدي إلى المشارَكة في أحسن الأحوال، أو إلى الاضمحلال، والمشارَكة تحتاج إلى وعي سياسي بعيداً عن الشعبوية، وديناميكيات سياسية مختلفة عن نضال التخلص من الاستعمار، لم يقم نيلسون مانديلا بإجلاء البيض من جنوب أفريقيا، كما طالب كثيرٌ من مناصريه، بل تغلب على الشعبوية من خلال الإقرار بالمشارَكة، مع أن لديه أغلبية.

المجموعات الفلسطينية بعضها قابل للمشاركة، ولكن تلك المجموعات تجد أنها غير شعبوية، وأخرى لا تقبل مزايدة، إلا بتحرير «كل التراب الفلسطيني»!.

اختلاف الفلسطينيين أو بالأحرى المجموعات المُنظَّمة، هو رحمة لعدوهم، والثابت أن إسرائيل، خصوصاً اليمين الإسرائيلي قد استفاد من ذلك الاختلاف، بل في بعض الأوقات مدَّه بالمال والتسهيلات.

من جهة أخرى، هناك طائفة إسرائيلية سياسية لا تريد أن ترى دولة فلسطينية، ويطلق عليها عادة «اليمين الإسرائيلي»، وهناك طائفة فلسطينية تريد التحرير من «النهر إلى البحر» ويتخادم الطرفان لاستمرار الصراع، وإدخال المنطقة كلها بقواها التي تريد أن تستفيد من الموقف أو القوى التي تريد التنمية، في خضم صراع مهلك.

هناك البعض في إسرائيل يرى أن وجود دولة فلسطينية هو الأفضل للسلام الإسرائيلي الداخلي، ولكن المزايدة، الإسرائيلية والفلسطينية، تتكاتف من أجل خفض تلك الأصوات، من خلال التلويح بالإبادة والإجلاء، أو استخدام العنف.

ما أوقف مشروع أوسلو هو التعاون غير المباشر بين اليمين الإسرائيلي من خلال المزايدة وقتل عراب أوسلو إسحق رابين، واليمين الفلسطيني، الذي قام بحملة من الأعمال المضادة، غذَّت توجه اليمين، وهكذا لعبت المزايدة دوراً في تقويض أول مسار معقول للوصول إلى تسوية.

ما سوف يتم بعد وقف إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي، أخذاً بالهياكل القانونية المتبعة في الدولة الإسرائيلية، وأيضاً بالخسائر الإسرائيلية غير المسبوقة، أن مساءلة عميقة سوف تأخذ مجراها من شريحة واسعة من الإسرائيليين، التي ترى في المتشددين أنهم أخذوا إسرائيل إلى حافة الخطر الداخلي والخارجي، وقد يتمخض عن تلك المساءلة تيار يرغب في التسوية.

اللافت أن أكثر المتشددين في الحكومة الإسرائيلية القائمة هما بن غفير، وسموتريتش، الداعيان إلى إبادة الآخر كالذي حصل مع الهنود الحمر، وهما من خلفيات عرقية تفسر ذلك التشدد، الأول من خلفية عراقية، والثاني من خلفية أوكرانية، يشعران بأنهما من الأقلية، وأفضل طريق للشعبوية الذهاب إلى المزايدة، التي يمكن أن تظهرهما بمظهر الوطنية المغرقة في التطرف، وهذا لا يعني أن هناك آخرين غير متطرفين، ولكن يعني أن المزايدة هي سلاح التكسب السياسي.

من المحتمل بعد الخسائر التي منيت بها إسرائيل خلال العام الماضي، أن تَبْرُزَ مجموعة سياسية تسعى إلى الحلول الوسط، ولكن هذا الاحتمال يتطلب أن تلاقيه مجموعةٌ سياسيةٌ فلسطينيةٌ وازنةٌ بعيدة عن المزايدة، ومصاحَبة بإصلاح ديمقراطي مستحق في السلطة، وهما خطوتان سابقتان لأي أفق في الحل السياسي، وقتها يمكن للدول العربية والصديقة أن تعمل على إكمال مشروع الدولة بالطرق الدبلوماسية على خطى ما قدمته المملكة العربية السعودية في مشروع التحالف الدولي من أجل الدولة الفلسطينية، الذي يحظى بقبول واسع دولياً.

تلك خطوط عريضة لما يمكن أن يتوقع حدوثه، مشروط في المستقبل بخفض حقيقي من الشعبوية - التي لازمت القضية في كل مراحلها - والاعتمادِ على أوهام أسطورية تسلطت على بعض العقول من دون قراءة أو معرفة أو دراية بديناميكيات العمل الدولي فيما بعد الحرب العالمية الثانية.

آخر الكلام: كما أن الحرب القائمة تشكِّل أزمة، فإنها في الوقت نفسه تشكل فرصة يتوجب التفكير في الاستفادة منها بجدية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt