توقيت القاهرة المحلي 19:28:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جماعات متخيّلة... أخطر من الواقع بل هي الواقع!

  مصر اليوم -

جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع

بقلم : مشاري الذايدي

جماعات متخيلة، هي دراسة كتبها بندكت أندرسون، وعرض لها بتكثيف الباحث المصري، خالد فهمي، في تمهيده الواسع بين يدي دراسته بل أطروحته المهمة تحت عنوان (كل رجال الباشا).
ذهب أندرسون إلى أن الأمم الحديثة لم تكن أبداً أمماً طبيعية، مشكلة من الأواصر القديمة كالدم والدين واللغة والثقافة، كما تقول الخطابات «الوطنية»، مؤكداً في المقابل أن هذه الأمم متخيلة.
يؤكد أندرسون أن «كل المجتمعات الأكبر من القرى البدائية التي يكون فيها الاتصال بين أعضائها فيها اتصالاً مباشرا هي: جماعات متخيلة... ولذلك فلا تقسم المجتمعات إلى حقيقية ومتخيلة وإنما وفقاً لكيفية تخيلها».
طبعاً ذهب أندرسون إلى أن الحداثة الرأسمالية في القرون الـ4 المتأخرة هي التي خلقت الشعور بهذه الهوية القومية المثالية أو المتخيلة، وجعل انتشار المطبعة والمطبوعات التي خلقت «كتل قراء موحدة» كان من شأن ذلك أن يقضي على تعدد اللغات المنطوقة بين المدن أو القرى المتقاربة أو على الأقل أن يحد منها، وهو تطور نوعي لتمكين سلطة الدولة الحديثة. وقد شكل هؤلاء القراء للغة الواحدة الموحدة عن طريق الطباعة، بداية مجتمع قومي متخيل.
كما تحدث عن ثلاث مؤسسات «حديثة» ساهمت في خلق الوعي العام المشترك بالذات المتخيلة، وهي: التعداد والإحصاء السكاني، ثم تصميم الخرائط الوطنية، ثم إنشاء المتاحف القومية... في تفاصيل لا مكان لسردها هنا. هذه خلاصة - ربما مخلة - للنظرية، ومناسبة سوقها هنا، التأمل في الصورة التالية العجيبة:
كيف يقدم فتى نمساوي من أصل ألباني على الالتحاق بتنظيم «داعش» الموجود في سوريا والعراق من أجل إسقاط أنظمة العراق وسوريا، لصالح «خليفة» عراقي، ينازعه الأمر «أمير سوري» يختلفان في الاعتراف بقيادة «المصري» أيمن الظواهري لهما، والمصري مقيم في أفغانستان أو على حدودها، وهو بدوره، أي المصري، يبايع بإمارة المؤمنين ملا أفغاني، يتزعم لفيفاً من عصابات متطرفة بشتونية!
ربما نجد الجواب في نظرية «الجماعة المتخيلة» التي طرحها أندرسون، وهي بالنهاية تخيلات مخلوقة في الأذهان ثم تتدفق إلى الأعيان، أي أنها منتج خيالي، في الأساس، ينتقل بعد اكتماله في الخيال، ليمشي على أديم الواقع، بقدمين وساقين وجسد كامل، يركض ويزفر ويفور بحرارة الحياة.
من هنا الحديث عن جبروت الخيال، وأننا في الأساس كلنا، مواليد هذا الخيال، ومن هذا الخيال، خيال الإسلام السياسي المتوهم والمتورم مسألة: التاريخ... كيف تشكل ومن نحته، ومن فسره، ومن هم أبطاله ومن هم أراذله، وما هي مسيرته وإلى أين يمضي وماذا يريد؟
هذه الخيالات المريضة، الزائفة، ليست مجرد نقاشات نظرية بين حفنة من المؤرخين والمنظرين، بل هي خطط للموت والقتل والتخريب... والدليل حكاية الفتى النمساوي - الألباني - الداعشي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع



GMT 13:12 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

حديث الأمير الشامل المتفائل

GMT 00:50 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

مرةً أخرى حول موسوعة تأهيل المتطرفين

GMT 08:18 2024 السبت ,18 أيار / مايو

يا حسرة الآباء المؤسسين!!

GMT 00:12 2024 السبت ,18 أيار / مايو

دعوة للإصلاح أم للفوضى؟

الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ مصر اليوم

GMT 14:31 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

عبدالعزيز مخيون يكشف عن مكسبه الحقيقي من الفن
  مصر اليوم - عبدالعزيز مخيون يكشف عن مكسبه الحقيقي من الفن

GMT 13:05 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع
  مصر اليوم - تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع

GMT 02:46 2022 الجمعة ,17 حزيران / يونيو

أفضل المطاعم اللبنانية للعائلات في أبوظبي

GMT 10:54 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تجربتي في نزل فينان البيئي

GMT 08:11 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

ابتكر فكرة وغير حياتك

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:34 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

عاطل يقتل ربة منزل لسرقة قرطها الذهبي في أسوان

GMT 09:19 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار ماريسا ويب تطرح تصاميم جديدة لشتاء 2018

GMT 05:58 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

دجاج بالثوم والليمون

GMT 12:32 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة "كيا" تعدّل سيارة السيدان "Optima" الشهيرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon