توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران وابتزاز الكويت

  مصر اليوم -

إيران وابتزاز الكويت

بقلم: سلمان الدوسري

لا توجد حكومة تجاوزت المطبات في علاقتها مع إيران كما الكويت، ولا توجد دولة تحملت الإرهاب الإيراني كما الكويت، ومع ذلك لم تسلم من الإساءة المباشرة والتحريض على استهدافها، ولعل في ادّعاء مسؤولين إيرانيين ضلوع الكويت في عملية قتل قائد «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، انعكاساً طبيعياً للسياسة الإيرانية المتعجرفة التي لا تفرق بين العدو والصديق، بعد أن قال أمير علي حاجي زادة قائد القوات الجوية التابعة لـ«الحرس الثوري»، إنّ الطائرة المسيّرة «إم كيو 9» التي استخدمتها القوات الأميركية في قتل سليماني أقلعت من قاعدة علي السالم، في تحريض واضح وانتهاك فاضح للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهو ما يكشف إلى أي مدى أن النظام في طهران لا يعدم الأسباب لتعزيز انعدام الثقة مع جيرانه، حتى مع الكويت الحريصة جداً على تجنب القطيعة مع الجار الإيراني، رغم كل السلوكيات العدوانية التي كان مصدرها الجانب الإيراني.
الموقف الإيراني ربما كان مفاجئاً للمراقبين ولأولئك الحريصين على إبقاء شعرة معاوية في علاقات طهران والكويت صامدة لأطول مدى ممكن، باعتبار أن التصريحات الإيرانية كان هدفها واضحاً وصادماً في تحريض الميليشيات الشيعية التي تمتلئ بها الساحة العراقية باستهداف المصالح الكويتية، خاصة بعد أن هدّدت تلك الميليشيات باستهداف أي طرف يكون قد شارك في عملية قتل سليماني والمهندس، وبالمقابل فإن من سبروا أغوار السياسة الإيرانية لن يكون ذلك الموقف مفاجئاً لهم على الإطلاق، فالكويت لم تقبل أن تكون حليفاً خاضعاً لإيران، كما فعلت قطر مثلاً، التي لديها مكانة خاصة في طهران، تدفع ضريبة غالية الثمن مقابلها بكل تأكيد، حيث سمحت لها هذه المكانة بعدم اتخاذ أي إجراء إيراني معلن ضدها، حيث تذهب كل التأكيدات إلى أن مصدر انطلاق الطائرة التي قتلت سليماني كانت من القاعدة الأميركية في العديد القطرية، وهو ما أفضى إلى أن يصدر الموقف الإيراني التصعيدي ضد الكويت ويتغافل عن قطر.
التحريض الإيراني الخطير ضد الكويت ليس إلا مثالاً واحداً من مئات الأمثلة، على الكيفية التي تدير بها إيران دبلوماسيتها، فمن يظن أنه يمكن مهادنة السلوك الإيراني ومسك العصا من المنتصف معها لا شك أنه سيكون مخطئاً ألف مرة، فدول الخليج، مثل السعودية والإمارات والبحرين، جربت هذه الدبلوماسية سنوات طويلة، ولم ينتج منها إلا المزيد من الاستعداء والاستهداف والتدخل في شؤونها الداخلية وتحريك خلاياها النائمة، فالنظام الإيراني الحالم بدوره بتصدير ثورته لا يفضل العلاقات القائمة على التوازن والند للند شأنه شأن بقية دول العالم، وإنما يفضل، خصوصاً في علاقاته مع دول الخليج، أن تكون له السطوة الأقوى والصوت الأعلى، كما تؤكد على سبيل المثال علاقته الحميمية مع الحليف القطري، وما دام أن دولة مثل الكويت لا تقبل بمثل هذه العلاقة المشوهة، فالنتيجة أن تتواصل الإساءات والتجاوزات دون أدنى مراعاة لأبسط مفاهيم العلاقات الدولية، وهو ما يفسره تصريح نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، أول من أمس، بأن بلاده لم تتلق أي رد من الخارجية الإيرانية على استياء واستغراب الكويت الذي حمّلته السفير الإيراني عندما تم استدعاؤه وتسليمه رسالة بذلك.
المساعي الإيرانية لشيطنة الكويت والتحريض ضدها في ظل التوتر الذي تعيشه المنطقة، دليل جديد على سياسة إيران في التعاطي مع جيرانها، وأنها، صدقاً، غير قادرة على التعايش دون إثارة مستمرة للفوضى لكل المحيطين بها، وأن كذبة الحوار الذي تتشدق به ليس إلا رغبة متجددة لشراء الوقت، ووسيلة أخرى تساعدها في الوصول لغايتها الأساسية في فرض هيمنتها على المنطقة، وفق أجندتها التي لا تحيد عن فكر الثورة، وهو ما لخصه نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بأن لدى بلاده «رؤية 2030» التنموية بينما لدى إيران رؤية 1979 الثورية، فهل ما زال هناك من يصدق أن النظام الإيراني بالإمكان أن يكون صديقاً مسالماً في يوم ما؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وابتزاز الكويت إيران وابتزاز الكويت



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt