توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إردوغان وحيد في المصيدة

  مصر اليوم -

إردوغان وحيد في المصيدة

بقلم: سلمان الدوسري

لطالما قدم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نفسه بأنه الماهر في اللعب على الحبال دون أن يهتز. بلاده عضو في «الناتو» مع علاقة عسكرية أقوى مع روسيا. دولة علمانية بروح إخوانية. يدافع عن السوريين من جهة ويحتل بلادهم ويقصف مواطنيهم من جهة أخرى. يستضيف اللاجئين تارة ويتاجر بهم تارة أخرى. إلا أن الحبال التركية التي ظن إردوغان أنه بارع في اللعب عليها جميعاً، بدأت ملامح سقوطه منها واحدا تلو الآخر، حتى كانت السقطة الكبرى في إدلب السورية، عندما قُتل 33 جندياً تركياً في غارة شنتها طائرات تابعة للنظام السوري، بغطاء روسي، وهو ما فاجأ إردوغان نفسه، الذي وجد بلاده في مواجهة عسكرية وحرب مرتقبة قادمة مع الدب الروسي، وزاد من مخاوفه مواجهة صراع شامل وحده دون حلفائه الذين تساقطوا حتى لم يبق منهم أحد، وهو ما ساهم في تضييق الخناق على خياراته المتاحة المحدودة أصلاً، فالضربة الموجعة التي تلقتها أنقرة جعلت أي خطأ في الرد له انعكاسات كبيرة عليها قد تدفع بها بمواجهة شاملة مع روسيا.
عندما قرر إردوغان القيام بحملة عسكرية كبرى في الشمال السوري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اعتبر المراقبون أن هذه الخطوة الكارثية لن تكون سوى مستنقع عميق للنظام التركي، فيما اعتقد إردوغان كعادته أنه قادر على اللعب على الحبال، عبر احتلال المناطق الحدودية السورية، وهو حلم تركي قديم، مع ترسيخ هذا الاحتلال بضبط التوازن مع الولايات المتحدة وروسيا، ليجد نفسه اليوم في مواجهة سياسية عسكرية قاسية؛ فموسكو تبرر الهجوم العسكري على قواته بأن الجنود الأتراك كانوا يرافقون «جماعات إرهابية»، وفوق هذا تحذره من مغبة أي رد بأنه سيجد رداً أقسى منه، بينما واشنطن لم تتقدم خطوة واحدة نحو مساعدته فعلياً على أرض الواقع، أما «الناتو» الذي انتظر إردوغان منه مساعدة ولو على استحياء فرد عليه، عبر وزير خارجية لوكسمبورغ، الذي رفض تفعيل المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي ودعم تركيا في عمليتها العسكرية في إدلب السورية الخاصة بالدفاع الجماعي، موضحاً أن أنقرة لم تطلب موافقة الحلف على عمليتها أساساً في إدلب.
ولأن خيارات إردوغان محدودة جداً، ولأنه لا يستطيع الرد على الضربة العسكرية المذلة التي تعرض لها في إدلب، ولم يتمكن كذلك من جر الولايات المتحدة لمواجهة روسيا في سوريا وتدويل الأزمة السورية، لم يجد سوى الملف الجديد القديم، اللاجئين السوريين ليتاجر بهم، فالقضية بالطبع ليست إنسانية كما كان يروّج لها النظام التركي، بل استغلال كلما دعت الحاجة، وطالما ليست لديه القدرة لا العسكرية ولا السياسية على مواجهة الروس، فالحل الوحيد، الورقة نفسها، تهديد أوروبا بتدفق عشرات الألوف من اللاجئين، بينما الحقيقة أن هناك نحو ثلاثة ملايين مدني في إدلب يرزحون تحت ضغط المواجهة السياسية والعسكرية بين تركيا والنظام السوري منذ سنوات، ويعانون من أزمة إنسانية كبيرة في ظل القصف المستمر، والتضور جوعاً والتجمد برداً، مما جعلهم يفقدون الأمل من النجاة كما نقلت على لسانهم صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية، وإذا كان النظام السوري طرفاً في معاناتهم، فقد زاد الاحتلال التركي لمناطقهم الطين بلة وزاد من مأساتهم.
كلما زادت تعقيدات النظام التركي السياسية والعسكرية، أصبح التخلص من شركها أصعب وإيجاد مخارج لها شبه مستحيل، واليوم يجد إردوغان نفسه عارياً سياسياً، تحت وطأة المذلة عسكرياً، وحيداً بلا حلفاء، وفوق هذا كله يواجه غضباً متصاعداً داخلياً، فأي مصيدة أوقع إردوغان نفسه فيها؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان وحيد في المصيدة إردوغان وحيد في المصيدة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt