توقيت القاهرة المحلي 09:57:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجاح الحج ليس استثناءً

  مصر اليوم -

نجاح الحج ليس استثناءً

بقلم: سلمان الدوسري

لم يعد نجاح موسم الحج استثناءً كما كان سابقاً، بل أصبح النجاح منقطع النظير للركن الخامس للمسلمين هو القاعدة. لا تزاحُم على الجمرات، لا مخاوف من التدافع، لا قلق من مسار الحجاج الذين يربون على مليونين ونصف مليون في منطقة جغرافية محدودة، حتى إدارة الحشود الضخمة أصبحت فناً سعودياً بامتياز، والحج الذكي غدا هدفاً يسهّل على الحجاج أداء مناسكهم. تُستنفر المملكة بأكملها لاستضافة الحجاج، فهو أهم حدث تعرفه البلاد طوال العام، بدءاً من قيادتها وحكومتها مروراً برجال أمنها والمتطوعين، وليس انتهاءً بمواطنيها الواحد وعشرين مليوناً. صحيح أن المواطنين لا يشاركون مباشرةً في خدمة الحجاج كما يفعل البقية، إلا أن متابعتهم اليومية ودعمهم اللامحدود، كلٌّ بطريقته، كما من خلال مبادرة «كن عوناً» للمساهمة في الأعمال التطوعية، فتح المجال لجميع أفراد المجتمع لخدمة الحجاج، ووضعهم في مصافّ المشاركين في هذه المنظومة السعودية المليونية التي لا تهدف فقط إلى نجاح موسم الحج كل عام، بل لأن يكون النجاح كل مرة متقدماً عن العام الذي سبقه.
هذا العام مثلاً أطلقت السلطات السعودية حزمة من 8 مشاريع وبرامج ومبادرات باسم «منصة الحج الذكي»، منها مبادرة «الرقابة على الخدمات» لرفع مستوى خدمات السكن بتوفير مساحات إضافية للحجاج وتنظيم مسارات النقل الترددي، وبرنامج «التفويج» المخصص لإدارة الحشود عبر نظام إلكتروني لإعداد ومراقبة خطة التفويج، إضافة إلى «مشروع زيادة الطاقة الاستيعابية»، وكذلك مبادرة «النظام الإلكتروني للمشاعر المقدسة»، من خلال نظام إلكتروني رقابي لقياس جاهزية المشاعر المقدسة ومرافقها، وأخيراً مبادرة «حج بلا حقيبة»، لإعادة نقل أمتعة الحجاج من مقرات سكنهم إلى صالات الحج والعمرة بمطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، كل هذا يمكن اعتباره ثورة لتطويع التكنولوجيا في خدمة الحجاج.
ولا تتفوق السعودية في تقديم نموذج متطور كل موسم حج فحسب، وإنما هناك جانب آخر لا يقل أهمية يكمن في عدم استخدام الدولة المستضيفة للحج لأغراض سياسية أو دعائية لا من قريب أو بعيد، فهي ترفض رفضاً قاطعاً أن تتحول الشعيرة العظيمة إلى محاولة لتحقيق أهداف سياسية، فلا ملكها أو ولي عهدها أو حتى وزراؤها يستغلون اهتمام مئات الملايين من المسلمين لتحقيق غايات سياسية، أو لتمرير رسائل تخدم أجندات الدولة، كل جهودهم وأعمالهم وتركيزهم منصبٌّ على تقديم أفضل خدمة للملايين من ضيوفهم، حتى إن مصالح الدولة تتوقف بالكامل خلال أيام الحج لتتفرغ جميع وزاراتها ومؤسساتها من أجل القيام بواجباتهم المنوطة بهم. المملكة ومن واقع دورها في تنظيم هذه الشعيرة ذات القدسية العالية، ترفض وبحزم استخدام مناسبة الحج في أي أجندات سياسية، وهو ما دفعها لأن تبدأ بنفسها، فلم يسبق أن سعت لاستغلال مثل هذا الحدث الذي يتابعه أكثر من مليار ونصف مليار مسلم ناهيك بالعالم بأسره. غنيٌّ عن القول إن الحج لو نظمته دول أخرى لشهدنا العجب العجاب في استخدامه إما لأغراض سياسية وإما لمصالح حزبية وإما لترويج آيديولوجيا فكرية.
يمكن القول إن المملكة اتخذت لنفسها مبدأ رسّخته عاماً تلو الآخر بأن جرّدت الحج من أي حسابات سياسية أو مصالح حزبية، كما أنها لم تمنع أحداً من حج بيت الله الحرام، حتى من الدول التي حصلت بينها وبين تلك الدول خلاف، إلا إذا كان المنع بسبب عدم التزام تلك الدول بتنظيمات الحج، كما قطر مثلاً، التي ترفض قدوم حجاجها لأسباب هزيلة، ثم تناقض نفسها وتتغافل عن نفس هذه الأسباب وتسمح لفرقها الكروية بالقدوم للمملكة ولعب المنافسات الرياضية.
ليس من الهين ما تقوم به السعودية من تحصين هذه الشعيرة وضمان أن تكون عصية على العبث السياسي الديني، وهو عنصر نجاح رئيسي يضاف إلى التميز الذي بلغه تنظيم الحج.
ومع كل هذا النجاح التنظيمي، الذي لم يعد استثناءً، فلا أحد في المملكة يقبل بأن يكون كل موسم حج إلا أكثر نجاحاً مما قبله. هكذا أصبح تنظيم الحج، مناسبة متميزة يترقبها السعوديون كل عام ليتنافسوا مع أنفسهم في حج أكثر تميزاً ونجاحاً عن العام الذي قبله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاح الحج ليس استثناءً نجاح الحج ليس استثناءً



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt