توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غضب «بندر» أم غضب السعوديين؟

  مصر اليوم -

غضب «بندر» أم غضب السعوديين

بقلم: سلمان الدوسري

ثلاث حلقات ظهر بها الأمير بندر بن سلطان على قناة «العربية»، كشف خلالها كواليس المواقف التاريخية المعيبة للقيادات الفلسطينية، كانت وافية كافية لاختصار عقود من الجحود والنكران وعدم الوفاء، ولمن؟ لأكثر الدول خدمة للقضية الفلسطينية. مَن يلوم الأمير بندر على غضبه «بعد سماع تصريحات متدنية المستوى من القيادات الفلسطينية»، كما قال؟! وهو مَن كان شاهداً، طوال فترة عمله الدبلوماسي والسياسي، على حجم التناقضات والجحود الذي قابلت به القيادات الفلسطينية جهود دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، خدمةً لقضيتهم؛ تلك التناقضات التي ألحقت بالقضية أضراراً بليغة كان الشعب الفلسطيني أشد المتضررين منها. حديث الخبير السعودي بدهاليز السياسة دولياً وعربياً جاء لينسف مراهنة القيادات الفلسطينية على استمرار الصمت السعودي، عن وقائع تاريخية مثبتة، ودلائل لا يمكن نفيها، لعقود من الدعم المادي والسياسي والاقتصادي على حساب المصالح العليا لبلادهم، ثم كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بهجوم القيادات الفلسطينية على دول الخليج، بل واحتقارها والاستهانة بها. ألا يحق لبندر، بعد كل هذا، أن يغضب؟!
إذا كانت القضية الفلسطينية يُضرَب بها المثل كأكثر قضية معقدة، ليس في المنطقة، بل والعالم، فقد كان حضور بندر بن سلطان خلال ساعتين كافياً ليفكَّ كل تلك التعقيدات، معتمداً على المعلومة لا الرأي، والمنطق لا العواطف، بالحقيقة الموجِعة التي يتردد كثيرون في قولها، لكن بندر كان شجاعاً وصريحاً ومباشراً في مواجهة الجميع بها: مشكلة القضية الفلسطينية الأولى تكمن في قياداتها، ثم قياداتها، ثم قياداتها، وليس تلك القائمة الطويلة ممن يتم إلقاء اللوم عليهم دولاً وحكومات وشعوباً بأنهم مسؤولون عن الخذلان الذي تعرضت له القضية، أما لماذا «لم يخرج مسؤول سعودي يتحدث عمَّا كانت تفعله القيادات الفلسطينية؟!»، فالسبب الأول أجاب عنه الأمير بندر بسبب أن «السعودية هدفها خدمة الشعب الفلسطيني لأن قضيته عادلة»، أما السبب الثاني، في تقديري، لأن المملكة لا تُدخِل الشعوب في مواقفها، على عكس القيادات الفلسطينية التي لم تتجاوز ضد المواطنين السعوديين فحسب، وإنما أيضاً حرَّضت شريحة من مواطنيها ضد الشعوب الخليجية بتجاوزاتها وإساءاتها، والسبب الثالث أن الأمير بندر وطوال عقود أربعة «أسرَّها في نفسه» حتى بلغ الغضب أقصاه، فاضطر إلى كشف الحقيقة المرَّة.
الأمير بندر رمى بحجر في بركة راكدة منذ سبعين عاماً؛ فالقضية الفلسطينية لم يعد ممكناً بعد اليوم أن تصبح قميص عثمان، يتم من خلالها شتم وتخوين وجحود دول وشعوب بأكملها، لم يعد ممكناً أن يتسمر أصحابها منتظرين الصمت مقابل الإساءة والغفران أمام التزوير والعرفان أمام الأحقاد، لا نتحدث هنا عن مواقف الدول وقراراتها، وإنما الحديث عن شعوب استدركت أخيراً أنها تُلام وتُتهم وتُشتم وتُخوَّن حتى وهي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، حتى والتاريخ يثبت أنها ساندت ودعمت القضية كما لم تفعل أي شعوب في العالم لقضية أخرى، لذلك لم يعبر بندر بن سلطان عن غضبه وحده، وإنما عبّر عن غضب شعب حُكِم عليه بالجهل والتبعية، وكأن ذلك جزاء رادع لمواقفهم التاريخية لقضية حملوا وِزْرها أكثر من أهلها.
على قاعدة «للبيت رب يحميه»، فإن الحكومات تتخذ المواقف التي تتواءم مع مصالحها، والموقف الرسمي السعودي واضح كل الوضوح في حرص المملكة على الوصول إلى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية لإحلال السلام، أما الرسالة التي أرسلها بندر بن سلطان، فقد كانت مُوجَّهة للسعوديين كمواطنين وتمثِّلُهم، هؤلاء الذين تبنوا القضية الفلسطينية لسبعين عاماً، ودافعوا عنها وحاربوا لأجلها واتخذوها قضية أولى، فجاء الرد عليهم بأنهم يتحملون تبعات وأخطاء تاريخية لا ناقة لهم فيها ولا جمل. آن الأوان لأن يوجه أحد البوصلة للمكان الصحيح، ليس انتقاماً من أحد، ولا هجوماً على أحد، وإنما تصحيحاً لمغالطات استمرت عقوداً. بندر بن سلطان لم يغضب وحده، بقدر ما كان صوتاً مزلزلاً معبراً عن الغضب الشعبي السعودي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غضب «بندر» أم غضب السعوديين غضب «بندر» أم غضب السعوديين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt