توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أبوظبي وتل أبيب... الحقيقة موجعة

  مصر اليوم -

أبوظبي وتل أبيب الحقيقة موجعة

بقلم: سلمان الدوسري

مصطلح سيادة الدول أصبح مستباحاً للدرجة التي أفرغته من مفهومه في العلاقات بين الدول. تموّل قطر «حماس» و«حزب الله» والحوثيين و«جبهة النصرة» في السر، وعندما يُفضح أمرها تعتبره شأناً سيادياً. تنتهك تركيا القانون الدولي في ليبيا والعراق وسوريا، وتعتدي على الجرف القاري اليوناني، ومع ذلك تنظر إليه بأنه شأن سيادي. تعربد إيران في أربع عواصم عربية، وأيضاً تبرر ما تفعله بأنه شأن سيادي خالص. أما عندما تقيم الإمارات علاقات مع إسرائيل فإن هناك من يريد أن يصور ذلك بأنه ليس من حقها وليس شأناً سيادياً، وكيف لها أن تقوم بمثل هذه الخطوة من دون العودة لهم والاستئذان!
وهذا يأخذنا لطرح سؤال مهم جداً: هل يحق لدولة ما، أي دولة، أن تفرض على دولة أخرى اتخاذ أو عدم اتخاذ القرارات السيادية الخاصة بها؟ في تقديري أن الإجابة تعتمد على هذه القرارات، وهل تنعكس سلباً على الدول الأخرى أو تتسبب في ضرر على الأمن القومي لها، بمعنى هل سيغير القرار الإماراتي من مجريات الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني؟! لنقلها بصراحة، عدم إقامة الإمارات علاقات طبيعية مع إسرائيل لم ولن يؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية وتعقيداتها، ولن يعيد للفلسطينيين 1 في المائة من أراضيهم، وكذلك إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين أبوظبي وتل أبيب لن يعطي أي ميزة إضافية للإسرائيليين. ما لا يريد أحد أن يسمعه، أن القضية الفلسطينية تمر بأسوأ أحوالها، ليس بسبب الإمارات وعلاقتها الحديثة مع إسرائيل، وإنما بسبب تراكمات من التعقيدات التي أصبحت عصية على الحل، وبسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية التي غدت أكثر صعوبة عاماً تلو آخر.
معضلة المنطقة ليست في إسرائيل، التي أصبحت واقعاً لا يمكن تغييره شئنا أم أبينا، المعضلة الحقيقية أن الشعارات لا تزال تحل مكان المنطق، والركون للشعبوية أسهل بكثير من مواجهة الحقائق. قطر بدأت الطريق ذاتها قبل 25 سنة بتطبيع مع إسرائيل، لكنها فشلت فيه لأنها أرادت مناكفة جيرانها أكثر من مصلحة فعلية في إقامة تلك العلاقات. إيران؟ ليس من الغرابة أنها مستمرة في استغلال القضية الفلسطينية لصالحها، ناهيك عن أنها، لا إسرائيل، من تحتل جرزاً إماراتية منذ خمسين عاماً. تركيا؟ تريد سحب سفيرها من الإمارات رغم أن لديها علاقات مع تل أبيب منذ عام 1949، وهي أكبر دولة إسلامية لها علاقات اقتصادية مع إسرائيل. حريٌّ بهذه الدول الثلاث أن تخجل من نفسها قليلاً عندما تزايد على القضية الفلسطينية.
بقي أن نشير إلى لماذا حلال على الإمارات وحرام على قطر؟! الإجابة باختصار، أن الإمارات لم تزايد على قطر وعُمان مثلاً عندما استقبلتا رئيس الوزراء الإسرائيلي في عاصمتيهما وفتحتا مكاتب تجارية، ولم تصادر حق الأردن في إقامة علاقات كاملة، واعتبرت ذلك حقاً سيادياً لتلك الدول، حتى وهي حينها لا تؤيدهم في قراراتهم، كما أنها لم تحرض إعلامياً عليهم وتخوّنهم، على عكس ما تفعله السياسة القطرية - التركية بالتحريض والمزايدة بينما علاقاتهما مع الإسرائيليين مكشوفة ومعروفة.
ليت حل القضية الفلسطينية كان مرهوناً بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل من عدمه، أجزم أنها لن تتم، للأسف أن تأخير المصالح لم ينتج منه سوى المضي بدس الرؤوس في الرمال والذي أصبح حالة يستمتع بها الشعبويون بدلاً من مواجهة الواقع، ربما كان من الضروري أن تفعلها الإمارات بشجاعة وتواجه الجميع بما ينظرون إليه لكنهم لا يرونه. من يلوم أبوظبي عليه أن يجيب: أيهما أشد ضرراً على المصالح الإمارتية، إسرائيل أم تركيا؟ وأيهما يعادي البحرين أكثر، إسرائيل أم إيران؟ الجميع يعرف الإجابة، لكنهم يريدون أن يذروا الرماد في العيون ويستمروا في حالة الغيبوبة الجماعية لثمانين عاماً أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبوظبي وتل أبيب الحقيقة موجعة أبوظبي وتل أبيب الحقيقة موجعة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon