توقيت القاهرة المحلي 08:54:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر التى كانت: النبيلان

  مصر اليوم -

مصر التى كانت النبيلان

بقلم : أيمن الجندي

 أعدكم أننى سأنشر هذا الأسبوع مقالات مفرحة. مقالات ترفع روحكم المعنوية. أستعيد بها عبق مصر التى كانت، ونتمنى كلنا أن تعود. لنستنشق العبق الطيب. مصر التى أحب أن أكتب عنها. مصر العظيمة الرائدة. مصر المنارة التى يهتدى بها الشرق بأكمله. مصر الرهافة والأدب وأبناء الأصول حين يعاملون بعضهم.

موعدنا اليوم مع الرجلين النبيلين: نجيب محفوظ ويحيى حقى.

■ ■ ■

حقاً ما أجمل الكتابة عن «نجيب محفوظ»، ذلك الرجل الروحانى الجميل! كلنا نعرف جميل خصاله: وداعته! تواضعه! إصغاءه لمن يحدثه حتى لو كان جاهلا أميّا! جديته وانكبابه على عمله، وإخلاصه لفنه الذى كرّس له حياته! بساطته وحقيقة أنه -ويا للعجب- لم يعتبر نفسه لحظة واحدة مميزا أو عبقريا! تلقيه نبأ نوبل بهدوء حتى إنه عاتب زوجته التى أيقظته قائلا: «بتصحينى عشان كده!؟. إن رجلا يستقبل جائزة نوبل بكل هذا الهدوء يعنى أن له رصيدا داخليا إنسانيا ضخما يتوارى بجواره كل ثراء العالم.

■ ■ ■

وتخيل فى الوقت نفسه أن أكتب عن »يحيى حقى«، الدبلوماسى النبيل عاشق الحارة المصرية. كم كنت سعيدا بقراءة هذا الكتاب (أساتذة نجيب محفوظ) للكاتب »إبراهيم عبد العزيز«، تخيل عندما يكون التلميذ (نجيب) بهذا الأدب فكيف يكون أساتذته؟ ولا شك أن يحيى حقى هو واحد من أساتذته. وأى عجب وهو مؤسس القصة القصيرة فى الأدب العربى، صاحب »قنديل أم هاشم« و»البوسطجي»، الرجل النبيل الذى سنتعرف عليه فى هذا المقال.

■ ■ ■

فى البدء كان نجيب محفوظ مجرد واحد من المعجبين بكتابات يحيى حقى الرائدة. عرفه كفنان عظيم أعجبه فنه وأدبه وجمال أسلوبه. ثم صار يحيى حقى بعد ذلك يدعوه إلى بيته فى الزمالك يحاضره عن الأسلوب ودقته.

الروعة كلها حدثت حين اجتمعا معا فى عمل واحد. عام ١٩٥٥ عمل نجيب محفوظ مديرا لمكتب يحيى حقى فى مصلحة الفنون! تخيلوا! كيف كان التعامل بين هذين الرجلين النبيلين الروحانيين النورانيين؟.

لمس فيه نجيب محفوظ البساطة والتقدمية والاستنارة والإقدام. لم يحاول -ولو لمرة واحدة- أن يمارس سلطته على مرؤوسه. وكان يصحب نجيب محفوظ فى سيارته بعد انتهاء العمل ليقوم بتوصيله إلى بيته.

ورغم عمق العلاقة بينهما على المستوى الإنسانى، فإن نجيب محفوظ كان مصرا على الحفاظ على آداب الوظيفة. لم يرفع الكلفة أبدا. ويقوم كل مرة لتحيته إذا أقبل عليه -كموظف ملتزم بآداب الوظيفة- مهما رفض يحيى حقى أو استاء لذلك. حتى لو كانت علاقته به على المستوى الإنسانى تبيح له أن يعامله كما يتعامل الأصدقاء. لقد كان يقوم له كنوع من التحية وأدب الوظيفة، لأنه طول عمره (موظف) تأدب بآداب الموظفين.

ورغم أن يحيى حقى كان يفضى له بأسراره الشخصية ويتمنى من نجيب محفوظ أن يعامله كصديق. وقد كان له صديق حقا.. صديق مؤدب يعرف قيمة الآخرين. ويعطى الأكبر منه الاحترام اللائق. بالطبع لست بحاجة أن أذكر أنه بعد أن ترك الوظيفة، وتوغل يحيى حقى فى شيخوخته وانحسرت عنه الأضواء، فقد ظل النجيب يواصل الاتصال به، ويثنى على كتبه وأعماله، بمحبة حقيقية.

■ ■ ■

عندما تشرفت جائزة نوبل بفوز نجيب محفوظ بها، فإنه أهدى تلك الجائزة ليحيى حقى، كواحد من الذين يستحقونها عن جدارة، لولا أن الحظوظ لم تواته.

هكذا كان الكبار يتعاملون فيما بينهم، وهكذا كانت مصر كبيرة، قبل أن تتقزم بفعل فاعل.

(نواصل غدا المقالات المبهجة).

نفلاً عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر التى كانت النبيلان مصر التى كانت النبيلان



GMT 02:24 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 02:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

بقاء الفلسطيني... وأزمة الانتماء

GMT 02:18 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

... عن مفهوم «الجنوب العالمي» الرائج اليوم

GMT 02:15 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

قفطاننا وليس قفطانكم

GMT 02:10 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مستقبل التنمية لم يعد كما كان!

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"

GMT 14:30 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

50 هدفًا تفصل "ليونيل ميسي" عن عرش "بيليه"

GMT 10:11 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

الأهلي يواجه الزمالك 30 آذار في برج العرب دون جمهور

GMT 20:57 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

إعدام طالب جامعي شنقًا قتل مدرسًا في محافظة البحيرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon