توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قوافل الساحل وفورمته

  مصر اليوم -

قوافل الساحل وفورمته

بقلم: أمينة خيرى

كنت على يقين بأن ما قرأته على صفحة أحد الأصدقاء على «فيسبوك» هو شكل من أشكال الهرى العنكبوتى المعتاد. لكن وجدت الخبر نفسه معاداً تداوله عشرات المرات، فبحثت عن أصله لأفاجأ بأنه حقيقى. «وزارة الأوقاف قررت تسيير قوافل دعوية من شباب الأئمة المتميزين إلى مدينة العلمين ومنطقة الساحل الشمالى طوال فترة الصيف، وذلك لما تشهده هذه المنطقة من إقبال طيلة فترة الصيف»!

فترة الصيف التى تذهب فيها طبقات بعينها من المصريين إلى قرى الساحل الشمالى الفارهة حيث «جو الساحل» و«فورمة الساحل» و«أمبيانس الساحل» ستشهد قوافل دعوية دينية من قبل شباب الأئمة. وقبل أن تسارع جيوش الدفاع الإيمانى المهيبة وجحافل التدين الحنجورى الرهيبة إلى تصويب سهام السفسطة حيث المصيف والدين لا يتعارضان، وعسى أن تكون هداية العاصين والعاصيات على أيدى أئمة هذه القوافل، إلخ، أقول إن مسألة قوافل الساحل فيها معضلتان. الأولى هى أن طبيعة شعب الساحل الصيفى ليست من النوع الذى يهرع إلى أكشاك الفتوى للسؤال عن حكم وضع القطرة فى العين، ومآل من دخل الحمام بالرجل اليمين وليس الشمال.

نظرة طبقية؟

لا، إنها نظرة واقعية شئنا أو أبينا.

نعم، كما قرأت تماماً، الغالبية المطلقة من هذه النوعية من رواد الساحل لن يهرعوا إلى المشايخ الذين سيهبطون عليهم فى عقر قراهم المليونية.

وهل هذا يعنى أن هذه النوعية غير متدينة؟

لا، بينهم المتدينون والـ«نصف نصف» وغير المتدينين، شأنهم شأن بقية المصريين، لكن نسخة التدين الشعبوى المتمثلة فى كشك فتوى فى محطة مترو أو الخطبة التى تعتمد على الصراخ والتهديد والوعيد ليست البضاعة الأكثر رواجاً بينها.

لماذا؟

لأسباب يطول شرحها تتراوح بين نوعية التعليم، والتنشئة، وعدم انصياعها وراء دعوات تكفير التفكير، وغيرها.

هل هذا يعنى أنها نوعية أفضل أو أرقى أو أحسن من غيرها من المصريين؟

لا، ليس بالضرورة، بينها ناس أفاضل، وبينها كذلك ناس ولاد كذا أيضاً، شأنهم شأن بقية المصريين.

أما المعضلة الثانية فهى أن وزارة الأوقاف لم تصارحنا بسبب هذه الفكرة اللوذعية ودواعيها. فإذا كان الزحام وإقبال المواطنين هو السبب، فأقول عن خبرة أن شبرا مزدحمة جداً وتشهد إقبالاً مليونياً من قبل سكان شبرا الخيمة والمؤسسة والسبتية وبنها وغيرها فى الصيف أيضاً. وإذا كان السبب أن وزارة الأوقاف رأت فى شعب الساحل -لا سمح الله- ما يستدعى التقويم والهداية، فعليها قبل أن تكلف خاطرها وترسل مشايخها الشباب أن تستطلع مدى تقبل شعب الساحل لهم، وإلا فستكون تكلفة على الفاضى. وإذا كانت وزارة الأوقاف رأت فى القوافل الدعوية الساحلية الصيفية مدخلاً لتجديد الخطاب الدينى المتعثر المتأزم السائر إلى الخلف، فنود أن نذكرها ونذكر أنفسنا أن الغرض من دعوة الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى جاءت بعد مواجهة جريئة ورائعة من قبل رأس الدولة ليصارحنا بأن فى التفسيرات والاجتهادات والأساطير والشوائب التى لحقت بالدين الإسلامى الحنيف فى العقود الأخيرة ما جعل البعض يفجر نفسه فينا ويذبحنا ويقتلنا ويكفرنا أملاً فى الجنة وإرضاءً لله (سبحانه وتعالى).

ونود أن ننوه فى هذا الصدد بأن شعب الساحل -حتى وإن اعتبره البعض يعيش عيشة مختلفة فى تفاصيلها عن القاعدة العريضة من المصريين- ليس المصدر الرئيسى للمفجرين والجزارين والمكفرين وتجار الدين ومغسولى الأدمغة الذين يصدقونهم ويسلمونهم عقولهم. وبالتالى، فإن الأجدر بالوزارة أن تعدل وجهة الأئمة الشباب إلى أى من الوجهات الأخرى المعروف عنها تصديرها للإرهاب والإرهابيين. (راجع قوائم المحافظات الأكثر فقراً وأمية وخصوبة والعلاقة الوثيقة بينها وبين المحافظات المسيطر عليها من قبل جماعات الإسلام السياسى وفى قول آخر تجار الدين).

ولماذا تصدر هذه الأماكن الإرهاب والإرهابيين؟

لأنه تم تسليم العديد منها تسليم أهالى فى عهود سابقة للسلفيين والإخوان يرتعون فيها ويتحكمون فى عقول سكانها على مدى عقود مستمرة حتى اللحظة. خذ عندك مثلاً عزيزى القارئ هذا السؤال الحيوى الاستراتيجى المحورى المركزى الذى ورد إلى «الشيخ» الدكتور ياسر برهامى الذى تصدر له وزارة الأوقاف تصريحاً يتجدد بالخطابة. «امرأة تبلغ من العمر 70 عاماً، كان قد جامعها زوجها فى نهار رمضان قبل 40 عاماً، ولم تعلم بحرمة هذا الأمر إلا فى هذه الأيام، فماذا عليها؟ وماذا على زوجها مع العلم أنه ميت؟».

نعم، هذه هى الأسئلة التى تشغل بال ملايين من المصريين فى العام الـ19 من الألفية الثالثة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوافل الساحل وفورمته قوافل الساحل وفورمته



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt