توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كطائر ضلَّ طريقه

  مصر اليوم -

كطائر ضلَّ طريقه

بقلم - عزة كامل

فى ذلك الغروب الحزين، أخذت أتأمل حولى: الشمس تودع ظلالها، وعازف الناى يرتل أغنية حزينة، والعناكب تنسج أعشاشها الحريرية، الصمت يتدفق من الطريق، عندما بدأ المساء ينشر ظلمته، شهدت مئات العيون ضاحكة ساخرة، أخذ قلبى يدور وقفز لذكريات جعلتنى أتعثر، وكانت قدماى مكبلتين بقيود ثقيلة، وكتفاى تنحنيان، بينما يتردد من بعيد وفى اضطراب صدى تلك العيون الحزينة.

يا له من حزن عميق يثقب القمر والشمس، تلك العيون تحولت إلى أجنحة فضية عبرت السماء فوقى، وحملتها الريح إلى الأفق البعيد، وتركتنى وقلبى ملآن بالليل، صرخت صرخة مدوية هزت الصمت الراكد ورجّته، وكسرت راحته، وأطلقت ألم الماضى، ودموع القلوب التى جرحتها عيون الأطفال، ورأيت تحت الأشجار العارية من أوراقها جثثًا ملقاة.

وكطائر ضل طريقه يجرجر فى عتمات الليل جناحيه، أحاطتنى الصرخات المذعورة، وبرك الدم ودوامات النار، والبراكين المندلعة التى تحرق كل شىء، صرخات تُفتت الصخر، وتُرجف سكون النهر، وتُبدد بريق الليل، وتُلقى بالأجساد فى متاهات، وهذيان المدارات الفارغة.

كل شىء أصبح غائمًا ومضطربًا، وتداعَى المساء الصاخب، والفجر العاشق، والنهار اليقظ، وانتشرت العتمة تملأ القلوب والبيوت والعيون والأرواح، قلوب الفلسطينيين، الكل للموت وللجوع، وعجز الخروج من جحيم المأساة يُهيمن بضراوة، والشعور بفراغ قاتم، الأرض تتصدع بهم وتنهار، ويقذف بهم إعصار نحو الهاوية العميقة، ونحو واقع مبتذل ورخيص، بلا لون أو نور.

لا وجود للحظة الساكنة المضيئة، ولا لسلام الأمسيات الهادئة، ولا للوجوه الطيبة المسالمة والباعثة على الاطمئنان، ولا لزهور القلب النادية، ولا لحكايات الماء فى الليالى القمرية، يفتشون عن كل هذا، ولا يجدون إلا مفاتيح البيوت العتيقة المربوطة إلى أعناقهم، مفاتيح لا تشكل إلا السر الذى ينبثق من الحنان الغامض فى وسط هذه الهمجية العنيفة. الحزن ينحدر فوق روحى، ويتساقط كنعاس الستائر التى تغمرها الظلمة، وجراح الموج الهائج، محكوم علينا بالتيه، والسير الإجبارى بلا هدى فى متاهات واقع مفرط الوحشية، مكتنز بالأكاذيب، تضيع فيه الحقيقة والرحمة والعدل والاطمئنان والسلام، فقط لا يتبقى إلا شفقة غاضبة وعاجزة، الكل يبحث عن صوته فى هذا الليل الأصَمّ والأعمى، الصباحات زائفة، والمساءات زائفة، والشرفات مغلقة تمامًا، والأيام رمادية بقوة، والمسالك تختفى وتتبدد، والضجيج الفاجر يعصف بالرأس، وذراع الليل الطويلة تمزق قلب السماء، وأنا لا أصل إلى أى طريق آمن، أحمل التنهدات ومرارة الدرب الخفى الذى أتبعه، مسرعة تمضى الحياة فى أزقة الشيطان ودوامة الأوهام وعذابات الروح، إلى أين نحن نمضى؟، إلى أين نحن نمضى؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كطائر ضلَّ طريقه كطائر ضلَّ طريقه



GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 09:23 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 09:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور

GMT 09:18 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 09:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 09:15 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

سيدفع الثمن الأغنياء والفقراء على حد سواء

GMT 09:14 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«خليها تعفن»!!

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon