توقيت القاهرة المحلي 07:19:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كطائر ضلَّ طريقه

  مصر اليوم -

كطائر ضلَّ طريقه

بقلم - عزة كامل

فى ذلك الغروب الحزين، أخذت أتأمل حولى: الشمس تودع ظلالها، وعازف الناى يرتل أغنية حزينة، والعناكب تنسج أعشاشها الحريرية، الصمت يتدفق من الطريق، عندما بدأ المساء ينشر ظلمته، شهدت مئات العيون ضاحكة ساخرة، أخذ قلبى يدور وقفز لذكريات جعلتنى أتعثر، وكانت قدماى مكبلتين بقيود ثقيلة، وكتفاى تنحنيان، بينما يتردد من بعيد وفى اضطراب صدى تلك العيون الحزينة.

يا له من حزن عميق يثقب القمر والشمس، تلك العيون تحولت إلى أجنحة فضية عبرت السماء فوقى، وحملتها الريح إلى الأفق البعيد، وتركتنى وقلبى ملآن بالليل، صرخت صرخة مدوية هزت الصمت الراكد ورجّته، وكسرت راحته، وأطلقت ألم الماضى، ودموع القلوب التى جرحتها عيون الأطفال، ورأيت تحت الأشجار العارية من أوراقها جثثًا ملقاة.

وكطائر ضل طريقه يجرجر فى عتمات الليل جناحيه، أحاطتنى الصرخات المذعورة، وبرك الدم ودوامات النار، والبراكين المندلعة التى تحرق كل شىء، صرخات تُفتت الصخر، وتُرجف سكون النهر، وتُبدد بريق الليل، وتُلقى بالأجساد فى متاهات، وهذيان المدارات الفارغة.

كل شىء أصبح غائمًا ومضطربًا، وتداعَى المساء الصاخب، والفجر العاشق، والنهار اليقظ، وانتشرت العتمة تملأ القلوب والبيوت والعيون والأرواح، قلوب الفلسطينيين، الكل للموت وللجوع، وعجز الخروج من جحيم المأساة يُهيمن بضراوة، والشعور بفراغ قاتم، الأرض تتصدع بهم وتنهار، ويقذف بهم إعصار نحو الهاوية العميقة، ونحو واقع مبتذل ورخيص، بلا لون أو نور.

لا وجود للحظة الساكنة المضيئة، ولا لسلام الأمسيات الهادئة، ولا للوجوه الطيبة المسالمة والباعثة على الاطمئنان، ولا لزهور القلب النادية، ولا لحكايات الماء فى الليالى القمرية، يفتشون عن كل هذا، ولا يجدون إلا مفاتيح البيوت العتيقة المربوطة إلى أعناقهم، مفاتيح لا تشكل إلا السر الذى ينبثق من الحنان الغامض فى وسط هذه الهمجية العنيفة. الحزن ينحدر فوق روحى، ويتساقط كنعاس الستائر التى تغمرها الظلمة، وجراح الموج الهائج، محكوم علينا بالتيه، والسير الإجبارى بلا هدى فى متاهات واقع مفرط الوحشية، مكتنز بالأكاذيب، تضيع فيه الحقيقة والرحمة والعدل والاطمئنان والسلام، فقط لا يتبقى إلا شفقة غاضبة وعاجزة، الكل يبحث عن صوته فى هذا الليل الأصَمّ والأعمى، الصباحات زائفة، والمساءات زائفة، والشرفات مغلقة تمامًا، والأيام رمادية بقوة، والمسالك تختفى وتتبدد، والضجيج الفاجر يعصف بالرأس، وذراع الليل الطويلة تمزق قلب السماء، وأنا لا أصل إلى أى طريق آمن، أحمل التنهدات ومرارة الدرب الخفى الذى أتبعه، مسرعة تمضى الحياة فى أزقة الشيطان ودوامة الأوهام وعذابات الروح، إلى أين نحن نمضى؟، إلى أين نحن نمضى؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كطائر ضلَّ طريقه كطائر ضلَّ طريقه



GMT 03:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

متى وكيف يحاسب المسؤول؟ وكيف نواجه الفساد؟

GMT 03:20 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

رسائل الحصاد

GMT 03:07 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

علم يرفرف على ركام البيوت

GMT 03:05 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 03:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

التصعيد والتبريد في حرب غزة!

GMT 02:59 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

خروج بني إسرائيل من مصر!

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بيان من المحروسة

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:34 2021 الأحد ,04 تموز / يوليو

إصابة بيريسيتش نجم منتخب كرواتيا بكورونا

GMT 04:40 2021 الأربعاء ,31 آذار/ مارس

طريقة عمل جلاش ملفوف بالمكسرات

GMT 09:35 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين جريئة من وحي لين أبو شعر

GMT 03:19 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

العلماء يحلون لغزا عمره 100 عام بشأن مرض "السرطان"

GMT 11:05 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يتحدى نابولي على كأس السوبر الإيطالي

GMT 15:58 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

شوبير يكشف سر استبعاد الشناوي من مواجهة الاهلي وبطل النيجر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon