توقيت القاهرة المحلي 11:54:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاورة الخصوم... هل ينجح ترمب حيث فشل أوباما؟

  مصر اليوم -

محاورة الخصوم هل ينجح ترمب حيث فشل أوباما

بقلم - مينا العريبي

هناك مقولة معروفة في العلوم السياسية بأنه «إذا كنت تريد السلام، عليك محادثة الخصوم، لا محادثة الأصدقاء». واشتهر القس ديزموند توتو، وهو من أبرز الشخصيات التي دفعت إلى السلم الأهلي في جنوب أفريقيا، بهذه المقولة لشرح قرار القيادات الأفريقية في التحاور مع فرقاء ساهموا في نظام الفصل العنصري. والمبدأ هنا يعتمد على أن أي تقدم في حل أزمة أو مشكلة ما يعتمد بشكل أساسي على توصل خصمين أو أكثر إلى اتفاق يؤدي إلى إنهاء تلك الأزمة أو النزاع. فمحادثة الصديق أو الحليف تساعد على ضمان التحالف والشراكة، ولكن من دون محاورة الخصم لا يمكن إحراز التقدم الحقيقي لحل أي أزمة بشكل جذري، خصوصاً إذا كان خيار القوة غير مرغوب فيه.
وهذا هو المبدأ الذي يعتمد عليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في موافقته على لقاء خصمه زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ - أون، إذ جاء الخبر المفاجئ بأن ترمب قبل بدعوة كوريا الجنوبية بعقد قمة مع زعيم بيونغ يانغ. وكان هذا التطور أبعد ما يكون عن التوقعات حول الملف الكوري الشمالي، خصوصاً بعد تبادل الزعيمين تصريحات نارية.
وعلى الرغم من تهديد الرئيس الأميركي بـ«النار والغضب» لمواجهة بيونغ يانغ، إلا أنه في الواقع لا توجد أي عناصر تؤيد الحرب على كوريا الشمالية، خصوصاً أن الحليفة كوريا الجنوبية في مرمى صواريخ بيونغ يانغ. كما أن حليف كيم جونغ - أون الأهم، وهي الصين، لن تقف مكتوفة الأيدي في حال اندلعت حرب من الصعب التكهن بعواقبها. وبكل تأكيد، للصين دور أساسي في إنجاح أو إفشال القمة الأميركية - الكورية الشمالية. فيجب أن تشعر بكين بأن أي كسر للجليد بين واشنطن وبيونغ يانغ يصب في مصلحتها، وإلا سيكون هدفها عرقلة المسار - وهي أنها قادرة على إفشال جهود الحوار تماماً.
ومن المثير أن ترمب كان من أكثر المنتقدين لسلفه باراك أوباما بسبب سياسات الأخير بالانفتاح على الخصوم الخارجيين. ولكنه اليوم يجد نفسه يتبع سياسة مماثلة، سعياً للتوصل لانفراج في ملف يزداد تعقيداً. وكان أوباما قد أثار حفيظة اليمين الأميركي مع تبنيه سياسة «مد اليد» لمن يختلف معهم. وبناءً على هذه السياسة، شهدت حقبة أوباما تطورات تاريخية، بما في ذلك مد جسور للمرة الأولى منذ عقود مع كوبا وإيران.
وفيما يخص كوبا، كان قرار إدارة أوباما بالانفتاح على كوبا قراراً تاريخياً بعد الانقطاع بين البلدين الذي استمر أكثر من 54 عاماً. وكانت زيارته إلى هافانا علامة فارقة في تاريخ الدبلوماسية الأميركية. ولكن السؤال الذي راود أذهان الجميع، خصوصاً المعارضين الكوبيين: ماذا سيحصل أوباما من راؤول كاسترو مقابل هذا الانفتاح؟ ومنذ الإعلان عن إعادة العلاقات بين البلدين في يوليو (تموز) 2015 لم تتغير السياسات الكوبية. على العكس، تشكو المعارضة الكوبية من تعنت النظام وارتفاع الانتهاكات في حق المعارضين للنظام.
أما في الحالة الإيرانية، فكان الموقف الأميركي مبنياً على الاعتقاد (الخاطئ) بأن التوصل إلى اتفاق نووي يرفع العقوبات عن طهران سيؤدي إلى انفتاح شعبي وسياسي. كان المسؤولون الأميركيون يصرون على أن اتخاذ خطوات للانفتاح على طهران سيضمن تغيير سلوك النظام الإيراني. ولكن الأحداث أثبتت بأن نظام طهران ازداد تعسفاً في التعامل مع شعبه، مثلما تظهر الاعتقالات الواسعة في البلاد حالياً. كما أن الموقف الإيراني من القضايا الدولية بات أكثر عجرفة وتعنتاً. وهناك مقولة بالإنجليزية بأنه يجب «عدم مكافأة السلوك السيئ»، ولكن في الواقع هذا بالضبط ما حدث. فإصرار إيران على خرق الحظر المفروض عليها في تطوير برنامجها النووي وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية أدى إلى تسارع المجتمع الدولي للتفاوض معها لمنعها من تطوير السلاح النووي.
وهذا هو النموذج التي تتبعه بيونغ يانغ. فمع فشل العقوبات في دفع كوريا الشمالية إلى الانصياع للقرارات الدولية، تبقى المقاطعة وعزل النظام الكوري الشمالي عامل الضغط الأقوى، مما يجعل من الملزم على واشنطن أن تتأكد من نتائج اللقاء بين الزعيمين قبل أن تتنازل عن ورقة العزلة المؤثرة.
القضية الأساسية هنا تعتمد على أن يكون اللقاء بين الرئيس الأميركي وأي دولة تعتبر «مارقة» هادفاً، وليس فقط من أجل التقاط الصور وجذب الانتباه الإعلامي. وبما أن الولايات المتحدة لم تعلن بعد استراتيجية واضحة في التعامل مع كوريا الشمالية - بعيداً عن العقوبات والضغوط الدولية - من الصعب تصور التوصل إلى نتيجة ملموسة من هذا اللقاء.
أساسيات النجاح لسياسة محاورة كوريا الشمالية ستعتمد على ثلاثة عوامل: أولاً تحديد أهداف استراتيجية واضحة من اللقاء المزمع في مايو (أيار) المقبل وما بعده، وثانياً بناء تحالف دولي واسع لمواجهة كوريا الشمالية يرتكز على عدم إزعاج الصين إن لم يكن التعاون معها، وثالثاً أن تكون العقوبات الدولية نافذة في التأثير على النظام الكوري الشمالي في حال فشل الحوار، لا على شعبه الفقير، الذي لا حول له ولا قوة.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاورة الخصوم هل ينجح ترمب حيث فشل أوباما محاورة الخصوم هل ينجح ترمب حيث فشل أوباما



GMT 02:20 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

أول من استعاد الأرض

GMT 02:17 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

هواء نقيٌّ بين النجف والرياض

GMT 02:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

غزة بين بصمات أميركا وإيران

GMT 02:08 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

البحث عمَّن بحث عنهم السادات

GMT 02:05 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

العندليب... و«الحتة» الناقصة

الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ مصر اليوم

GMT 01:07 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

هالة صدقي تكشف عن سبب غيابها خلال الفترة الماضية
  مصر اليوم - هالة صدقي تكشف عن سبب غيابها خلال الفترة الماضية
  مصر اليوم - بلينكن يبحث مع نظيره الإسرائيلي وغانتس مقترح بايدن

GMT 13:05 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع
  مصر اليوم - تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع

GMT 00:43 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

انتصار السيسي تطمئن على صحة الفنانة نادية لطفي

GMT 12:37 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

لاباديا يوضح تدريب هيرتا برلين كان تحديا كبيرا

GMT 08:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

وفاة رئيس الاتحاد الأوروبي لألعاب القوى

GMT 21:23 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طلب غير متوقع من أسرة قتيل فيلا نانسي عجرم

GMT 05:44 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تعود إلى نشاطها الفني بعد مرورها بفترة عصبية

GMT 22:45 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المخرج الأردنى رفقى عساف عن عمر ناهز 41 عاما

GMT 22:22 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رد ناري من خالد الغندور على رئيس الزمالك

GMT 01:55 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مجوهرات ونظارات عصرية على طريقة نجود الشمري

GMT 21:25 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مي كساب تضع مولودها الثالث وتختار له هذا الاسم

GMT 14:54 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

أول تعليق من نيكي ميناج بعد اعتزالها الغناء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon