توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحرش.. من الحلوى إلى التريند!

  مصر اليوم -

التحرش من الحلوى إلى التريند

بقلم: نشوى الحوفى

بادئ ذى بدء لا بد من توجيه التحية لكل فتاة وامرأة أدركت أن صمتها ليس عفة أو حياءً يتوج خُلقها فقررت أن تفضح كل أفاك أثيم اعتاد ممارسة فعله بفجور مستعيناً بخوف الضحية وجهل المجتمع وصمت المؤسسات. التحية لمؤسسات الدولة التى لم تتعامل مع التهم على أنها قضية من الدرجة الثانية أو الثالثة فى قائمة الضرورات، بدءاً من المجلس القومى للمرأة، مروراً بالنائب العام وبيانه المؤثر، انتهاء بقرار مجلس الوزراء الموافقة على مشروع قانون سرية بيانات المجنى عليهم فى جرائم التحرش والاعتداء الجنسى المقدم من وزارة العدل. نعم.. كان الجميع على قدر الحدث فى وقت قصير ليكون السؤال: «ماذا بعد»؟

أهمية السؤال تكمن فى الإجابة عن سؤال آخر مفاده: هل ما حدث موجة قوية أثارت الانتباه لقضية تتعلق بوضع المرأة ونظرة المجتمع لها، سرعان ما ستزول بمرور الأيام، أم أنها وقفة جادة من جميع الأطراف، بما فيهم المرأة ذاتها، لإعادة النظر لها كإنسان لا كنوع؟

نعم.. فعلى الرغم من عدد الضحايا فى القضية التى فجّرت تلك المشاعر فى مصر وتفاصيل الواقعة وما حولها من معلومات عن المتهم وسطوته فى السيطرة على الضحايا وتكرار فعلته فى أكثر من مكان، فإن القضية فتحت أبواب الحياة للكثير من علامات الاستفهام الصامتة منذ سنوات حول تفاصيل أخرى اعتاد المجتمع التعامل معها كمسلّمات.

أولى تلك المسلّمات كانت ملابس الفتاة التى هى السبب فى التحرش دوماً بينما المتحرش مغصوب على أمره وفعله المنحط!! مقولة مسمّمة روّج لها بعض غير قليل ممن قالوا إنهم رجال دين ودعموها عن عمد أو جهل لتبرير حجاب الملبس من دون حجاب الأخلاق، والأخير مُقدم على الأول. وأيدوها لأنها ترفع عنهم مسئولية دورهم الغائب فى إعادة الخُلق والتذكير بقيم الدين لا بمظاهر التدين. بينما غض البصر أمر إلهى وحُسن الخُلق تمام الدين وهدفه، فاستمرأ الفجور وجوده بفتاوى المنتسبين للدين بأن الحلوى هى المذنبة لأنها لم تستر نفسها عن عبث الذباب! بينما لم يسأل الأفاضل أنفسهم كيف نمنع الذباب من الأساس عن الحلوى وغيرها فى المجتمع؟ ولم لا نغلق مقالب القمامة المجتمعية التى يمرح فيها الذباب قبل انتقاله للحلوى؟ ولكن فى منع الذباب وسيادة النظافة مجهود وسعى ونضال بكلمة لا يمتلكون أسسه ولا همته جهلاً أو سبّوبة، فالأسهل أن تتحمل الحلوى القضية ولندع الذباب يرتع فتلك ليست قضيتهم! وبغضّ النظر عن تغير المفهوم من الحلوى المكشوفة إلى السيارة المفتوحة على يد مولاهم عبدالله رشدى!

ثانى تلك المسلّمات كان الصمت الرهيب الذى يفرضه المجتمع ويُجبر الفتاة عليه وكأنها هى المجرمة والمنقوصة والمعيوبة فى حال تعرضها للتحرش؟! ويبدأ قرار الصمت من الأسرة الحاضنة، انتهاء بأقسام الشرطة ملجأ الفتاة فى حال تعرضها لفعل قمىء، وبينهما شارع وعائلة وأصدقاء وجيران وزملاء يرونها فاجرة إن أقدمت على الصراخ؟! وتلك آفة وخيبة ابتلانا الله بها وبررناها لأنفسنا تحت عنوان «ستر الفضيحة»! بينما المفضوح هنا ليس الضحية بل المتهم. ومن هنا وجب التوقف وفقاً للقضية الأخيرة وبعض من أقوال الضحايا فيها عن أن وقائعها تعود لسنوات مضت، ليكون السؤال: وأين البيت بمن فيه؟ أين مفهوم الكبير الحنون فى العائلة الذى كنا ندرك وجوده فنحكى له؟ أين الأم فى احتواء ابنتها وملاحظة التغير على مشاعرها قبل سلوكها؟ كانت أمى رحمها الله تدرك حزنى ولو ضحكت لها وتعلم بكائى ولو نفيت لها. فأين الأم ومجسات استشعارها وحكاياتها مع ابنتها؟ أين المُدرّسة الصديقة الملاحظة لتغير البنات فى المدرسة؟

نعم تحولت القضية إلى «تريند» بلغة هذا الجيل على السوشيال ميديا والإعلام المحلى والعالمى، ولكن ماذا بعد أن تحولت من قطعة حلوى مكشوفة إلى تريند يتحدث فيه الجميع؟ أعتقد أن الإجابة تضعنا جميعاً أمام مسئوليتنا فى إعادة النظر فى كيفية تربية أبنائنا ذكوراً وإناثاً على معنى الاحترام بكل معانيه لنحميهم معاً، وتُلزم ثقافة المجتمع أن تتحول لفضح الجانى لا التشهير بالضحية. وتعلم القانون بأن عليه أن يكون رادعاً ناجزاً كل وقت ومن دون حاجة لقضايا ساخنة تدفعه لفرض ذاته.

لا للتحرش.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحرش من الحلوى إلى التريند التحرش من الحلوى إلى التريند



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا

GMT 19:33 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل مغني الراب الأمريكي كينج فون في إطلاق نار بأتلانتا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon